أكثر من 7300 ليلة انتظار أشعلت فيها أم موسى شموع الأمل صبرًا حنينًا، دموعًا، تسبح فيها الأحلام والإيمان برحمة الرحمن.
قصة يوسف ونبي الله يعقوب (عليهما السلام)، كانت من أحسن قصص الأنبياء، تحكي مرارة الفقد والحنين وحلاوة اللقاء ولذة رحمة السماء، وقصة موسى (عليه السلام)، وهو أحد أولي العزم من الرسل، أصدر فرعون مرسومًا بقتل كل مولود ذكر، ولد موسى في عام القتل، خافت أمه خوفًا شديدًا، وألقته بوحي من الله تعالى في اليم، وحمله النهر إلى قصر فرعون وشاءت القدرة الإلهية أن يتحقق وعد السماء، وتنزل بشائر الرفق بقلب أم موسى وتقر عينها برجوعه لها طوال فترة الرضاعة، قصة يوسف وقصة موسى (عليهما السلام) كعشرات من قصص، تحكي لوعة الفراق وآلالام الانتظار والليل الطويل، وبزوغ نور الأمل، ولذة اللقاء من جديد.
وقصة موسى القطيف اليوم أشعلت شموع الأمل في كل منزل، وانتظار لذة فرحة قريبة، تسكر القلب، وتنشيه وتنسيه عذابات انتظار سنين طويلة لكل غائب، أم موسى لم تطفئ شموع الأمل، بل كانت تشعلها شمعة بعد شمعة عند غروب شمس كل يوم، قضت لياليه مرهقة ثقيلة، بين البكاء والتضرع إلى الله، ومشاعر ملتهبة، وحشة أحضان صغيرها، ومهد دون رضيع، تسربلت بأحزان يعقوب في صمت واحتساب، تغفو عيون الناس، وعيونها تبحث في أرجاء الغرفة عن طيف موسى يناديها، في كل ليلة، تزيد فيها اللهفة، تشعل فيها شمعة إلى أن تحولت الشموع إلى سلالم من نور، رفعت دموعها إلى أعالي السماء، لامست عرش الرحمة الإلهية، وتحقق الوعد، ونزلت بشائر لقاء، تذوب في أحضانه أوجاع السنين، حيث لا مكان لذكريات مريرة، لا وقت لاسترسال أحداث قديمة موجعة، فقط أحضان، ومشاعر الحب، تتطاير في زوايا كل القطيف، تعيش فرحة هذه الأسرة، وجمال جمع شمل بعد شتات، فهل صحيح سنظل نبحث عن موسى في كل زمان وكل مكان، هل صحيح، يجب أن نبحث عن البقع السوداء في كل شمس، إذا كان الجواب نعم، لنعلم أن الأهم، والأجمل ألا نتوقف عن إشعال الأمل عندما يقترب شفق الشمس من الغروب ويحل الظلام.