في محاضرته التي أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي هذا الأسبوع في جامعة الأصالة بالدمام ضمن برنامج تعزيز التواصل الذي يتبناه المنتدى، تحدث د. حبيب الشويخات عن الاستدامة بطريقة مشوقة وثرية وعرض شامل زاوج فيه بين الجانب الأكاديمي والجانب الثقافي.
قدم د. الشويخات عرضًا لنقطة جوهرية حول الاستدامة، مبددًا فيه الربط التلقائي والحصري (الخاطئ) بين الاستدامة وبين التنمية، وكذلك حصر التنمية المستدامة بالتخطيط الحضري فقط.
لقد عرّف د. الشويخات الاستدامة باعتبارها مصطلحًا وكلمة ذات دلالة مستقلة بمعناه العام، وبالتالي هي علمُ لا يحتاج للإضافة، كما فرق بينها وبين التنمية المستدامة وبأسلوب مبسط يفك حالة الخلط بين الاثنين.
وأود هنا أن أتحدث عن نقطة واحدة لفتة نظري، وهي تعريفه للتنمية المستدامة والذي نقله من تقرير لجنة بروندكلاند التابعة للأمم المتحدة ١٩٨٧م، التي عرفها بأنها “هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها”.
الوجه الذي لفت نظري في هذا التعريف هو في الجزء الثاني منه، حيث إن شرط عدم المساس بقدرة الأجيال المقبلة يعني ضمنًا أن استغلال الموارد والثروات الطبيعية أو استهلاك شيء منها مشروط بتعويض عن ذلك الجزء المستهلك بقيمة أو عائد موازٍ أو أفضل مما فُقد.
في هذا السياق وهذا الفهم يصبح عمليًا أشبه المستحيل تطبيق مثل هذا التعريف – حاليًا على الأقل- ويرجع ذلك لسببين:-
السبب الأول: هو أن تطبيق هذا المفهوم وهذا التعريف يستلزم أن تكون هناك قيمة مضافة يعادل كل جزء يتم استهلاكه من الموارد الطبيعة باعتباره تعويضًا عما فُقد، وهذا إن تحقق فهو -بالمعايير الحالية- شبه محصور بالدول المتقدمة صناعيًا وتقنيًا التي تمتلك ناصية من الابتكار ونماذج متطورة من أساليب الإدارة لهذه الموارد.
السبب الثاني: أن الدول غير المتقدمة التي لم تتقن ولم تطبق بعد آليات صحيحة لاستخراج تلك الموارد الطبيعية بالطرق والأدوات الصحيحة المناسبة وكذلك المراحل الأخرى التي تلي مرحلة الاستخراج، فهي بعيدة كل البُعد عن أبجديات هذا التعريف، فضلًا عن أن تكون قادرة على إحداث قيمة مضافة عبر منظومة الابتكار لتعويض ما استهلكته من رصيدها من الموارد الطبيعية.
لقد كانت مقترحات بعض من حضر الندوة من المختصين دعوة د. الشويخات وهو المتخصص منذ أكثر من عشرين عامًا وابن بجدتها كما يقال، ليضيف للمكتبة العربية كتابًا باللغة العربية تحديدًل ليساهم به في القضاء على الأمية في هذا الشأن ويزيل بعض المفاهيم الخاطئة عن الاستدامة.