من القديح: الروائي الحميدي: مؤلفاتي لم تجد الحاضنة والرعاية الثقافية

‏لخص الأديب والروائي محمد عبد الكريم الحميدي، معاناته في عالم الأدب، في أن كل ما يتعلق به الروائي أو المبدع في أي مجال من مجالات الأدب، هو حاضنة تستقبل مولده الأدبي لتوفر له الانطلاقة المناسبة، فليس كل الأدباء يجيدون طرق الأبواب، أو يعرفون لافتات الشهرة والدعاية.

وأوضح الحميدي أنها ليست معاناته وحده، بل أنها لسان حال كثيرون غيره، خاصة من أبناء جيله، الذين لم تشهد أعمالهم الأدبية وقتها “الشير واللايك” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهي قصة حياة وكفاح أديب، لنشر إبداعه بطرق ظن أنها مشرعة.

وقال ابن بلدة القديح إن علاقته بالطباعة والنشر كانت كلعبة “الكراسي”، فهو لم يكن يعرف سوى النادي الأدبي، الذي مع تغير رؤسائه سواء في الشرقية أو الأحساء، كانت تتغير المعايير، ليلقى نفس المصير من التأجيل، في حين أنه عندما حمل رسالته للماجستير إلى بيروت وجد ترحيبًا كبيرًا، واهتمامًا بالنشر، بل مقابلًا ماديًا سخيًا أيضًا.

تسعة مؤلفات
وتحدث “الحميدي” بالتفصيل عن تجربته الشخصية في الطباعة، كونه صاحب تسعة مؤلفات، بأنه اتجه بداية إلى نادي الشرقية الأدبي، ثم أدبي الأحساء، ليجد التجاوب ضعيفًا منها – بحسب قوله – مردفًا: “فاتجهت برسالة الماجستير، التي كنت أنهيتها للتو، وعنوانها “السياق والأنساق” إلى دار النفائس البيروتية، فاستقبلوها بحفاوة عالية، وقدموا مقابلًا ماليًا لطباعتها”.

وقال: “وهذا اختصر الطريق كثيرًا أمامي، أما بقية المؤلفات الثمانية، فبعضها تم نشرها في بيروت، وبعضها هنا في الدمام، ولكن ما يمكنني قوله، إنها جميعها، كانت بجهود فردية”.

وأوضح أن النادي الأدبي، فهو من سنة إلى سنة، أو من دورة إلى دورة، ومن رئيس إلى رئيس، يختلف، مشيرًا إلى أنه حاليًا النادي الأدبي في المنطقة الشرقية برئاسة الأستاذ بودي، يقوم بعمل كبير، وربما يتجاوز ما تم عمله خلال خمس أو عشر سنوات سابقة.

لقاء 22
جاء ذلك عبر استضافته في قناة 22 الفضائية، مساء الإثنين ١٧ فبراير ٢٠٢٠م، في برنامج “نشرة 22″، بعنوان “الأندية الأدبية.. أهم عوامل نهضة الأدب السعودي”، وموضوعها “صورة المملكة في الأدب العربي.. من يعززها”، بجانب ضيوف البرنامج، وهم؛ الأكاديمي البروفيسور سلطان القحطاني من العاصمة الرياض، والإعلامي هاشم الثقفي من عروس البحر الأحمر جدة، وحاورهم المذيع محمد النفيسة.

جسور التواصل
وبدأ المحاور “النفيسة” البرنامج بطرح سؤال، مفاده: “يعد الأدب إحدى أهم وسائل التعريف بالقيم والعادات والحضارات، ورسم الصور الذهنية عن الأمم والشعوب، ولكن من المسؤول عن مد جسور هذا التواصل؟ هل هم المبدعون كأفراد، أم هي جهات حكومية؟”.

وبيَّن “الحميدي” أن التحديات التي تواجه المبدع في الكتابة والنشر من خلال تجربته، تتمثل في غياب الرعاية الأدبية أو الحاضنة، التي تعمل على الحفاظ، والتشجيع للموهبة، منوهًا إلى أنها مشكلة لا بد من الأخذ بجوانبها السلبية وتأثيراتها.

وتابع: “بالإضافة إلى ضعف التواصل مع الرواد سابقًا”، موضحًا أنه قبل عالم التواصل الاجتماعي، كان التواصل يتم عبر الصحافة والمجلات، ولم تكن تتوفر بشكل مستمر، وأحيانًا يضطر المرء للبحث عنها ولا يجدها، وهو ما خلق فجوة بين الجيل السابق والجيل الذي جاء بعده، والذي سيصبح بدوره رائدًا لمن يأتي.

رعاية واهتمام
وقال: “الحال الآن تغير كثيرًا، فالتواصل بين الأجيال حاضر وبقوة، وعلى المستوى الشخصي أرى أن المنطقة الشرقية غنية جدًا بالمواهب الإبداعية، ولو تمت رعايتها، فإنها ستتفوق”.

وذكر أنه يجدر الأخذ بالشاعر الكبير جاسم الصحيح، ابن الأحساء، وابن المملكة البار، كمثال، فهو ينتمي إلى المنطقة الشرقية، ويمكن أيضًا الشاعر حيدر العبد الله، الحائز على بردة أمير الشعراء، فهو ابن من أبناء المنطقة الشرقية، مؤكدًا أن هذا مؤشر على قوة الإبداع، وتوفر بيئة خصبة صالحة لنموه، وما يحتاج إليه هو الرعاية والاهتمام من المجتمع، ومن الحواضن الثقافية.

وردًا على سؤال “النفيسة”: “هل يعتمد المبدعون على أنفسهم في تطوير مواهبهم، أم يعتمدون على جهات حكومية؟”، أجاب “الحميدي”: “إن الموهبة هي التي تحكم المبدع أولًا وأخيرًا، وحينما يكتب، فإنه يكتب عبر موهبته، وهي التي تفرض نفسها على الآخر”.

وأضاف: “فالشاعر شاعريته هي التي تفرض نفسها، وحضورها، كذلك القاص والمسرحي، ومن ناحية الجهات الحكومية فأذكّر بأن المنطقة الشرقية، يوجد بها نادٍ أدبي وحيد، بينما المنطقة واسعة وممتدة من حيث المساحة، هناك الدمام والظهران والجبيل والخبر، وهذا الاتساع لا يساعد النادي الأدبي على أداء عمله، فكل منطقة تحتاج إلى نادٍ أدبي مستقل”.

وأكد أن الرعاية والاهتمام بالمبدع، هي ما سيسرع من نموه، وظهوره ليس على المستوى المحلي أو العربي فحسب، بل على المستوى العالمي، موجهًا سؤالًا للمهتمين بالإبداع، مفاده: “متى نرى مثل هذه الرعاية؟”.

إلى العالمية
وفيما يخص سؤال “النفسية”: “كيف نرى المبدعين السعوديين يصلون إلى العالمية، وإلى ماذا يحتاجون؟”، أجاب: “أعتقد أن هذا السؤال عميق، وعميق جدًا، ويحتاج إلى عمل لم يعمله السابقون، وربما لن يعمله اللاحقون، فحاليًا الصورة الذهنية تعطي نوعًا من السلبية حول هذا المبدع”، لافتًا إلى أنها مسألة شائكة ومربكة.

وتابع: “لكني أعتقد أن المبدع السعودي، خصوصًا الشاب، يستطيع الوصول إلى العالمية عبر رعايته لموهبته، ويمكنني إعطاء مثال بسيط، هو محمد حسن علوان، فقبل أن يصبح رئيسًا لهيئة التأليف والنشر والترجمة، هو روائي ممتاز، ومتمكن إداريًا، وبفضل جهده الذاتي، وصلت روايته “موت صغير” إلى البوكر، وحصل عليها، وتمت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية”.

واستطرد: “الرواية لم تتوقف عند ترجمتها إلى الإنجليزية، بل ترجمت إلى الكردية والفارسية، وهنا أتذكر إشارة الدكتور محمد حسن علوان إلى أن هؤلاء لم يحصلوا على إذن بترجمتها وطباعتها”، وقال: “لو أنهم خاطبوه مباشرة، فلن يمانع، ولن يطالب بالحقوق.

وبيَّن أن الصورة الذهنية المرسومة عن الأديب والمبدع السعودي، تتغير نحو الأفضل، وبمرور الوقت، ستكون هناك نقلة في الأدب السعودي، مشددًا: “فقط، يحتاج المبدع إلى التركيز على نفسه، وعلى إبداعه”.

رابط الحلقة كاملة:
عوامل نهضة الأدب السعودي – أخبار الأندية الأدبية –
رابط الحلقة بالكامل قناة 22
https://youtu.be/hLrdB_8aO-Y
رابط مشاركة الحميدي:
مشاركة محمد الحميدي في قناة 22 الفضائية
برنامج: عوامل نهضة الأدب السعودي
رابط الحلقة
https://youtu.be/hLrdB_8aO-Y


error: المحتوي محمي