لا شيء يستحق الكذب..!

لكل شيءٍ عنوان، ولكل أطروحةٍ هدفٌ في نفس صاحبها، أشياءٌ لنا تحليل ظاهرها، ومناقشة ما يعني باطنها، لكيلا نأخذ بالظلم من خانه التعبير في صياغة ما يريد من نطقٍ أو كتابة أو حتى شعور يقصد في مكنونه شيئاً آخر..!

لكيلا تعم الفوضى بيننا بضجيج التوتر، ولا ترتفع الأصوات بتسيد الغضب، ولا تقع النفس في حبائل شيطانها، فلابد أن نكون أكثر مرونة وإدراكًا في التعامل مع بعضنا البعض، فالأنفس تختلف في منابعها وتراكيبها ومآربها..!

في الغالب لن يتحقق ذلك دون أمان.. فليس الكل قادرًا على منحك ما بداخله دون الشعور بالأمان والراحة لك.. دون الإحساس بالوفاء والثقة منك، دون فهم معنى الاحتواء والاهتمام بداخله، وكيف لا وأكبر ما ابتلينا به هو الخوف، الخوف من العقوبة، من الفقر، من الحرمان، من الفقد، من الضياع، من الوجع، من انقلاب الزمان وجفاء السلطان.. إلخ.

لذا كان تصعيد ما لا يفهم، وما لا يُدرك بسهولة أزمةٌ في قلوب بعض من هم حولنا، يؤرقهم الشعور به، ويتعبهم الإحساس إليه، مما يجعلهم يوسعون دائرة الأسرار بداخلهم، فيميلون كل الميل إلى الانطواء والعزلة عن الكثير، لأنهم أصبحوا يعتقدون أن كلامهم لن يفهم، وأن النقاش معهم لن يكون بسعةِ صدرٍ وحلم، يعتقدون أنه لن يصل لهم كائنٌ ما كان..!

يختنقون بصمتهم، ويخفون ما بداخلهم بكذبةٍ تبنتها سرعة بديهة، وعززها ضعف يقين..!

بل إن البعض بسبب ذاك الخوف بداخله، اعتاد الكذب ولربما أباحه لنفسه في بعض المواضع خوفاً من البلاء، ومن وقوع المكاره عليه، دون موضع يقيه ولا إصلاح ذات البين.

فهو اعتاد أن يكذب لأنه يخاف من العين، ولأنه يخاف من أن يصيبه الحسد، ولأنه لا يريد إفشاء أسراره، ولأنه يريد نيل مصالحه، وبلوغ رغبته، يكذب لأنه يخاف أن يتأذى، ويخسر، وينتقد، ويعاقب..!

يكذب إلى أن يكبر الكذب معه ويتآلف مع شخصه، بل لربما يُصدق بعض الأحيان جزءًا من أكاذيبه التي يختلقها لنفسه..!

وكان المنشأ من ذلك هو البعد عن الله سبحانه وتعالى، وعدم الإيمان بأمانه الذي منحنا إياه.. فلو كنا حقيقة نعتقد أن الله هو الأمان لحصّنا أنفسنا به من الكذب والنفاق والعين والحسد والفقر ومن كل ما يؤذينا..!

تعود أن تكون صادقاً مع نفسك، ومع من حولك فالصدق منجاة والكذب مهلكة، دائماً هنالك وسائلٌ وطرق تغنيك عن الكذب.. وافهم أن كل شيء سيئ بداخلك ستجد أن المنشأ له هو البعد عن الله سبحانه وتعالى..!


error: المحتوي محمي