البلدية الفاضلة..

البلديات شريان الخدمات والجهة المكلفة بتخطيط وتنظيم وتطوير المدن وصيانة المرافق والممتلكات العامة والحفاظ عليها، فهي الأيقونة التنموية الأولى التي يبحث من خلالها المواطن عن جودة الحياة، لما لها من تأثير كبير على حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية وغيرها..

علاقة أهالي القطيف بالبلدية علاقة تاريخية حسب ما تُشير إليه الوثائق، ولكن بلدية القطيف بهيئتها الحالية تم تأسيسها في عهد المغفور له الملك عبدالعزيز عام 1346هـ، وتعتبر أول بلدية في المنطقة الشرقية وثالث بلدية على مستوى المملكة بعد (مكة وجدة)، ولو تأملنا في تاريخها الذي امتد لـ95 عامًا سنجد تغيرًا كبيرًا قد طرأ على خارطة التخطيط العمراني والبيئي لمحافظة القطيف.

ولسنا هنا بصدد الحديث عن إيجابيات أو سلبيات، ولا عن إنجازات أو قصور تلك الحقبة التنموية الماضية وما حملته من تغيرات على جميع الأصعدة، فمن جهة أننا لا نملك المعلومات الكافية والوافية عنها ومن جهةٍ أخرى تختلف وجهات النظر  في رؤية مسار التطوير والإنجاز الذي طرأ مقارنة بالمدة الزمنية وحجم الميزانيات الضخمة التي تم ضخها لتنمية جميع مدن المملكة ومنها محافظة القطيف.

ولكن بالتركيز على العقد الأخير أو  الـ(15) سنة الماضية من حيث حجم أداء البلدية والمجلس البلدي وما تم إنجازه، سنلاحظ ما شهدته القطيف من مشاريع تنموية كبيرة أهمها الجسور التي تربط بين مدينة القطيف وجزيرة تاروت، وتطوير كورنيش القطيف الممتد من سيهات حتى منطقة المشاري الناصرة، ونزع ملكية مئات العقارات من أجل تطوير وتأهيل الطرق وكذلك شق طرق شريانية جديدة لفك الاختناقات المرورية نتيجة النمو السكاني والعمراني، بالإضافة إلى ذلك تشديد الرقابة على المحلات الصحية وتطويرها وغيرها من الإنجازات.

وكما هناك إيجابيات، هناك العديد من السلبيات التي يعاني منها المواطن وتحتاج لعلاج جذري، من أهمها مشكلة سَفلتة الشوراع وكثرة الحفر والتشققات فيها، وعدم وضوح آلية إعادة الحفر في الشوارع الجديدة، وعدم وجود محطات تصريف الأمطار في بعض المناطق السكنية، وتأخر البلدية في سرعة إنجاز المعاملات وإصدار التراخيص، وسوء نظافة وصيانة دورات المياه في الكورنيش والحدائق العامة.. وغيرها من الخدمات التي تمس المواطن.

وبعيدًا عن جميع وجهات النظر المختلفة في تقييم الخدمات المختلفة التي تقدمها البلدية كقطاع خدمي تدعمه الدولة بجميع الاحتياجات والإمكانات لتحقيق راحة وسلامة ورفاهية المواطن، سنتحدث بإيجاز عن توجه بلدية القطيف الإيجابي في تعزيز دورها وعلاقتها المجتمعية في بناء إستراتيجية مستدامة توطد العلاقة بين الجهاز البلدي والمجتمع من خلال المشاركة العملية الفعالة في مختلف المبادرات والفعاليات، ومن هذا المنطلق الذي لن نختلف فيه نستطيع استثمار هذه العلاقة والبناء عليها في تحقيق ما نتطلع إليه من إنجازات ومشاريع ورفاهية.

ومن الشراكة الاجتماعية التي تلفت النظر خلال هذا العام هو حضور بلدية القطيف اللافت والمثمر في أغلب الفعاليات والمهرجانات والملتقيات وحرصها على تقديم جميع الإمكانات والخدمات والطاقات البشرية والمادية المتاحة لديها.

ومن أهم الفعاليات التي نظمتها أو أشرفت عليها بلدية القطيف مهرجان اليوم الوطني بدارين، ومهرجان الزهور بمشروع وسط العوامية، وملتقى البراحة 2 بميدان القلعة بالقطيف، ومعالجة التشوه الحضري وغيرها الكثير من الأنشطة الترفيهية والرياضية والصحية والاجتماعية والخيرية والاقتصادية، والتي لم تلاقِ النجاح لولا التعاون وتعزيز الشراكة الحاصل بين البلدية ومجتمعها.

كما وجدنا حضورًا وتفاعلاً وتناغمًا غير مسبوق بين البلدية والمجتمع سواءً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الاتصال واللقاء المباشر بين المسؤول والمواطن للاستماع للشكاوى والملاحظات والمقترحات، وما يبث التفاؤل هو التكريم والإشادة بـ المواطن الذي يساهم في تقديم البلاغات كـ عين ثانية راصدة لمختلف السلبيات والاحتياجات البلدية.

إذن، من غير الانصاف التركيز الدائم على سلبيات البلدية دون النظر بشيء من الإيجابية والدعم لما أنجزته وتسعى لإنجازه.

ولا يعني هذا أن نتجاوز عن الأخطاء والقصور في الخدمات والمشاريع البلدية أو نتغافل عنها أو نبرر لها لنُزين تلك السلبيات، بل من الواجب معالجة الصدع وتحديد مواطن القصور وتقديم النقد الإيجابي وإيصال الملاحظات والشكاوى للمسؤولين أو للجهات المختصة بحسب الاختصاص، وما ذلك إلا دليل الوعي والحس الاجتماعي والوطن.

ختاماً لن نجد بلدية فاضلة ولا مدينة فاضلة مماثلة لمدينة أفلاطون، والتي لم تتمكن جميع المجتمعات الإنسانية من تحقيقها..!

لكننا نستطيع كجهاز بلدي ومجتمع ورجال أعمال ولجان أهليه وخيرية، العمل والسعي والبناء وتعزيز دورنا في المساهمة والشراكة لتحقيق الأهداف والتطلعات الفاضلة.


error: المحتوي محمي