ماذا ولمن نكتب؟

كم أشفق على القارئ الكريم من هذا الكم الهائل الذي نضخه له كل يوم، وفي مختلف قنوات التواصل والتطبيقات من المقالات والكتابات والأفكار والأخبار، والتي هي في الكثير منها ربما لا تعنيه مباشرة، ولا تلامس همومه ومشاكله واهتماماته وقضاياه بالخصوص، على اختلافها.

الحرص على مخاطبة القارئ مباشرة، وعلى الشريحة الأعم بالذات هو يمكِّن الكاتب من إيصال رسالته، كذلك أسلوب وطريقة طرحه من خلال السهولة والاختزال في الصياغة، وإثارة الدهشة والدافعية لديه، وكذلك التشويق والجمالية اللافتة.

ونظن كذلك أن المضمون المباشر والمفهوم هو من الأساسيات التي يجب مراعاتها في الكتابة، لإيصال الرسالة مباشرة، إضافة لبساطة اللغة ودقتها وانسيابيتها، فلا صعوبة أبداً في مخاطبة القارئ المحترم بلغة سهلة جزلة، وكأننا نحاوره مباشرة وبلغة دارجة، يستطيع أن يهضمها بدل إقحامه في مصطلحات وعبارات معمقة، ومجازيات ونحويات وغموض تحتاج كلها إلى فك طلاسمها قبل فهمها.

إننا اليوم في عصر سرعة وإيجاز وجودة إنجاز، والقراء ليسوا كلهم أدباء ومفكرون ومثقفون بالاختصاص مع كامل الاحترام، فلو كانوا كذلك فإن هناك مشارب أخرى يستطيعون استقصاء المعلومة منها مباشرة.

ولا نختلف مع الإخوة الذين يكتبون في الاختصاص لأهل الاختصاص، ولكن ذلك لا يكون في المواقع العامة، لأن الكاتب فيها غالباً ما ينوع في كتاباته، ويطرق أبواباً مختلفة، بشرط امتلاكه ما يؤهله القيام بذلك، ولسوف يحكم عليه القارىء بعد ذلك حتماً، من خلال النتيجة حين يلمسها انعكاساً من المتابعين.

وعليه أيضاً فإن العمدة الرئيسية هنا ليست في الكم الذي يكتبه الكاتب الموقر مهما كانت كميته، وهو ما يثير السؤال حقيقة، خاصة من الكتابة اليومية، إنما هو في النوعية والكيف الذي يستطيع أن يشد به القارئ ويحفزه المتابعة مهما قل وندر.

لهذا نرى أن الحرص على الاختيار، والدقة في الجودة التي تلامس شغف القارئ هو الغاية الحقيقية، غير ذلك لن يكون سوى النشر للنشر، وبالتالي تفقد رسالة الكاتب ماهيتها مهما كانت قدرته وثقافته، وتضيع الغاية من النشر إذا سلمنا أن المقصود منها هو القارئ، ولا غيره.

إننا نستغرب حقيقة من العدد الهائل من الكتاب المحترمين الذي ينشرون بشكل متوالٍ، والذي بلا شك سوف يربك المتلقي، فتضيع جهود الكتاب الأعزاء، ولا ندري بصراحة ما المغزى من الكتابة اليومية مثلاً، وفي مختلف المواقع ولنفس المواضيع، ونحن أصلاً في منطقة واحدة، وما ينشر هنا ينشر هناك طبقاً وأصلاً، ونستثني منه بعض التطبيقات التي تحمل اسم بلدتها مثلاً، حين يحمل المحتوى ما يحتمل ضرورة النشر المكرر.

نتمنى على مختلف القنوات والتطبيقات أن تتبع منهجية مدروسة لنشر المقالات خاصة، وإن بشكل دوري، أو أسبوعي مثلاً مع مراعاة الجودة والفائدة، وحبذا لو انتخبت من بين الكتاب الكرام مجموعة منهم باختصاص الكتابة فيها، وذلك ما سوف ينعكس إيجابياً عليها، وهو ما سيبعث على الحرص والتأني الذي سيتبعه الزملاء الكتاب من خلال ما يطرحونه للقارئ، وهنا فقط سوف نلمس نتيجة إيجابية أكيدة تنعكس على القارئ والكاتب على حد سواء.

وأخيراً ليعذرنا بعض الإخوة الكتاب الكرام، وأنا أقلهم عطاء وجودة ونتعلم منهم، ولكن حرصاً على إيصال رسالتنا، ورغبة في تحقيق أهدافنا مع شريكنا القارئ الكريم طرحنا ما نظنه صواب ويحتمل الخطأ أكيداً، سائلين الله عز وجل التوفيق للجميع وخاصة لمن أتاح لنا فرصة الكتابة هنا، وفي غيره من مختلف المواقع.


error: المحتوي محمي