خيّم في أوساط المعرفة والثقافة والعلم كابوس بشع ومزعج
طبع على جبين أتباعه بوشم مميز
يُعرف باسم (التعصب الفكري)، وهذا الشبح ما هو إلا {الشخصنة} التي تُعرف بأنها، الحكم على الآخرين
أو على أفكارهم ووجهات نظرهم وتصرفاتهم من منطلق شخصي أو رؤية شخصية.
تُعرّف الشخصنة على أنها الحكم على الآخرين، أو على أفكارهم، ووجهات نظرهم، وتصرفاتهم، من مُنطلق شخصيّ أو رؤية شخصيّة، لا من خلال مضمون الفكرة أو طبيعة الحدث وظروفة.
والشخصنة تتمحور في جانبين:
١- شخصنة بالتعظيم وقد يصل إلى حد التقديس للأفكار أو الآراء أو الأسلوب أو الموقف لمجرد ربطها بصاحبها.
مما يُرفع هذا الشخص الذي يُصنف بالعظمة فوق الشبهات ويصبح في مقام القداسة التي ترى في كل حركاته وسكناته، مقدسة وفي ذات الوقت أخطاء وهفوات هذا الشخص في طي الكتمان ولا تكاد تذكر.
والنوع الثاني من الشخصنة:
٢- شخصنة التقزيم ويقصد بها التهوين والإدانة والتقليل من شأن وعظمة أفكاره أو رأيه أو مجهوده
والسبب أن صاحب هذه الفكرة أو الأسلوب أو العمل مصنف تصنيفًا سلبيًا من منظور شخصي، مما يحكم على كل ما يقدمه من أفكار وعمل وحدث أنه ممل وقديم وغير فعال وجذاب، وربما خاطئ وفيه أثم ومعصية، وفيه تناقض وعدم مصداقية، وقد يصل الأمر في تطبيق نظام مقص الرقيب عليه، تحسب عليه الأخطاء الإملائية غير المقصودة أنها مقصودة ودليل نقص في شخصية صاحبها ويعتبر شخصًا في قفص الاتهام ويمارس عليه حكم القضاء.
وللشخصنة مساوئ كثيرة ولو ذكرناها بالتفصيل فسيطول بنا المقال، ولذلك نذكر أهم هذه المساوئ ما يأتي:
تُبعد صاحبها عن الحقائق، وتُعمي بصيرته عن الواقع. وتُساهم في تعزيز ثقافة الاتهام، والتشكيك، والتقزيم، والنزعة الشخصية في الحكم، ويُعتبر مفهومها طريقاً مثالياً لزرع الأحقاد والكراهية بين الناس؛ لأنه يشكك في الفعل الحقيقي والنوايا البيضاء التي تحتاج منا التصديق والمساعدة. وتعزز الفوارق بين الناس؛ لأنها تُقزّم شخصاً بينما تُعظم آخر بناءً على معايير شخصية، وفي المقابل فإن الحكم الموضوعي على الآخر يضمن للجميع وبغض النظر عن أي مواصفات مستوىً واحداً متساوياً من الكرامة الإنسانية. تُحد عطاء الإنسان ونتاجه؛ لأن إعجابه مرتبط بأشخاص، وسخطه مُنصَب على آخرين؛ وفي كل الأحوال فهو يتحرك ضمن إرادة الآخر والمنظور الشخصي، ولا يتحرك وفق الحقائق أو الطبائع الإنسانية. تطمس الحق وتقوّي الباطل؛ لأنها قائمة على أساس الأشخاص وليس على أساس المبادئ السليمة. وتطرد المعايير الأخلاقية في التعامل مع الناس، وذلك من خلال تحييد الحق ولصق الإشكالية بطبيعة الشخص وصفاته، والذهاب إلى التجريح في الكلام والألفاظ، وتؤدي إلى نسف جهود الموهوبين، والطامحين، والساعين إلى التغيير، وتقودهم إلى الإحباط والانزواء بعيداً عن عجلة الحياة. وتطيل عُمر معركة البحث عن الوعي المجتمعي والفكري، وتحرير الأفكار من قيود الجهل والتخلّف.
وتصبح ساحة العلم والمعرفة والثقافة مصبوغة بلون رمادي مما يؤثر على نور العقل في الرؤية الحكيمة والقرار العادل.
التريث في الحكم على أي شخصية قبل البحث عن الإنسانية في أفكاره وأسلوبه وجهده وموقفه بحكم العقل المنطقي لا حكم العواطف والمشاعر.