تظن أن الرسالة تصل؟

منذ مدة اقتنعتُ أن إكرامَ العامل الأجنبي عندما يقوم بعمل صيانةٍ منزلية أن أضع له قارورةَ الماء أو علبةَ العصير والأكلَ في كيسٍ عند انصرافه، أو أعطيه مبلغاً صغيراً يشتري به ما يريد. ما حدا بي لفعل هذا أنني كنت من يلتقط القارورة وكيس الأكل الفارغ ومخلفات كوب الشاي حيث العَامل في الأغلب يغيظني ويرميها أينما شاء في منزلي دونَ مبالاة!

ليس من بابِ العنصريةِ البغيضة، ولكن ربما لا يشعر الغريب في كثيرٍ من الأحيان بالقدرِ ذاته من الانتماء للأرض كما المواطن وعندما تكون ثقافته الاجتماعية والمعيشية لا تمنعه، فهو يساهم كثيراً في تشويه الصورة، “التي بالكاد يحافظ عليها المواطن”! تصيبني الدهشة بالكم من المخلفاتِ التي يتركها العاملُ الأجنبي عمداً، وربما بإشراف مشغله في الأسواقِ الشعبية وأسواق الخضروات وخارج المطاعم، وفي كل منشأةٍ يكون فيها عمال.

ليس عيباً أن نطلب من المقيم الذي يستفيد من إقامته ما نطلبه من أنفسنا بالمساهمة المجانية والفعالة في المحافظة على الصورة “شبه الملوثة” بألاَّ يزيد الطين بِلة، والكثير منهم يفعل مشكوراً، بل يجب أن نطلبَ منه أن يساهمَ معنا يداً بيد في تحسين الصورة وتجميلها. نحن الآن في القرنِ الواحد والعشرين ولم نتقن المحافظةَ على نظافةِ الشارعِ والأسواق والمطاعم، ماذا أنجزنا وكم ارتقينا في سلم التقدم والحضارة؟ وماذا علمنا الأجيالَ القادمةَ من سلوكياتٍ راقية؟

أنا متأكدٌ أننا متى ما زرنا أي دولةٍ يأتي منها هذا العامل المثابر فلن نساهم في رمي المخلفاتِ في غيرِ أماكنها المخصصة لها، ولن يرانا نرمي القواريرَ والعلبَ الفارغة، وكل ما لا نحتاج لنشوه بيئته وحضارته، بل سوف نتركها أجملَ مما كانت إن استطعنا!

ما أثارَ الخاطرة في نفسي اليوم أنني رأيت شاباً عربياً نظيفَ المظهر يستمتع بشربِ الشاي في الشارع، غبطته على سعادته وارتياحه، لكنني استصغرتُ فيه رميَ ما بقي من مشروبه في الشارع، أمام الناظرين، غير عابئ ومتأكد أن أحداً لن يطلبَ منه أن يلتقطه أو يعاقبه على ما فعل.

إن كنت تحافظ على نظافة بلدنا فلك كل الشكر، وإن كنت لا تفعل، فأنا أدعوك أن تفعل. كل الحضارات تنشأ من الأرض ومتى ما استطاع أهلها، وهم أنا وأنت، من إدارةِ الأرضِ ومواردها والمحافظة عليها فحقٌّ لهم حينئذِ أن يرتقوا نحو السماء، وإلا فسوف يبقون عند أول درجة من سلم التقدم والرقي…


error: المحتوي محمي