السيهاتي.. رواية «جائع حتى الأمس» واقعية.. وأركز على المشاعر الإنسانية في كتاباتي

قليل من يستطيع الإمساك بالكلمات، ليسطرها قصة أو رواية، أو ينثرها شعرًا، فأيًا كانت مسالك الحروف ودروبها، قليل مَنْ يكمل المسير، خاصة لو أضفنا “تاء التأنيث” للغة الإبداع، فقلة من بنات حواء استطعن التحليق بأحلامهن بعيدًا عن كل المعيقات.

وجمانة أحمد السيهاتي واحدة من أولئك القلائل، التي تتابع حلمها، منذ أن كانت في الرابعة عشرة من عمرها، وأصدرت خمسة أعمال بين القصة والرواية.

بدايات
وبروح الدعابة، بدأت “السيهاتي” حديثها مع «القطيف اليوم»، عن بداية الدخول إلى عالم الكتابة: “كنت في الرابعة عشر من عمري، في الصف الثاني المتوسط، والآن عمري ٣١ عامًا، لذلك أترك لكم عملية الحساب، التي من خلالها يمكن معرفة في أي عام بدأت الكتابة”.

طقوس
وأوضحت أنها تتنفس من خلال الكتابة، لذلك لا تتبع قواعد أو طقوسًا معينة لتكتب، وتقول: “ربما كل ما أحتاجه “سماعات”، لأنفصل عن العالم الخارجي، غير ذلك ليست لدي بيئة معينة أو طقوس، فماذا لو لم أتمكن من توفيرها؟ هل سأتوقف عن الكتابة؟!”.

عشق الرواية
أصدرت “السيهاتي” مجموعتين قصصيتين، وثلاث روايات، وعن سر تفضيلها لعالم الرواية، أفصحت: “كنت مغرمة بالكتب وأشكالها، شغوفة بالقراءة، وهذا السبب الرئيسي الذي جعلني أتجه إلى عالم الكتابة، ولا أجد سببًا محددًا لعشقي للرواية، “فهل يُسأل المُحب لمَ يحب؟!”.

وتوضح الفارق الأدبي بينهما فتقول: “توجد فوارق كبيرة بين الرواية والقصة القصيرة، والحديث في ذلك يطول، منها؛ جغرافية القصة مكانيًا وزمانيًا، واحتمالها لعدد معين من الشخوص، وتعقيد الحبكة، أعتقد هذه الأبرز، أما القصة القصيرة فمساحتها ضيقة، ولدي تجارب سابقة في القصة القصيرة، ولكنني أفضل البقاء على ضفافها، بينما أحب الغوص في أعماق الرواية”.

مشاعر
وأضافت: “أحاول التركيز على المشاعر الإنسانية بأشكالها، حيث إنني في كل كتاب أتناول موضوعًا مختلفًا، وقلتها سابقًا في أمسية أدبية، كل الأحداث الموجودة في الروايات موجودة على أرض الواقع، حتى وإن كان ذلك بنسبة 1%”.

وتابعت: “وقد أقتبس حدثًا واحدًا، أو شخصية عابرة، ولكن نسج الرواية لدي غالبًا خيال محض، أستثني من ذلك رواية “جائع حتى الأمس”، حيث إنها قامت على أحداث واقعية، حتى وإن كانت شخوصها خيالية، أما المرأة فهي عنصر أساسي لا يكتمل نص بدونها، أما كيف أنسجها، فهذه خلطة سرية!”.

اختزال
وعلى عكس من يرون أن “ق. ق. ج” موضة، والبعض يرى المستقبل لهذا النوع المكثف بسبب الإيقاع السريع، وعدم اهتمام الناس بالقراءة؛ ترى أن القصة القصيرة جدًا، نص إبداعي للغاية، وتقول: “أحب القراءة فيه، ولكنني لم أكتبه، ولا أعتقد بوجود منافسة بينها وبين الرواية، فلكل فن جمهوره”.

القصيبي
تعتبر “السيهاتي” أن هناك شخصيات كثيرة كانت ملهمة وذات بصمة في مسيرتها، ولكنها انتقت من بينهم غازي القصيبي – على سبيل المثال لا الحصر – وأوضحت: “شخصية غازي القصيبي لا أقتدي بها، فنهجه مختلف عن نهجي أدبيًا، ولكني أجد أنه شخصية ملهمة أدبيًا وثقافيًا وسياسيًا”.

جملة
“بيصير شي جميل”، جملة قصيرة تعتبرها “السيهاتي” سراجها الذي توقد من فتيله شعلة أمل، “قيلت لي هذه الجملة من شخصيات قريبة من قلبي، وفي كل خطوة أقوم بها أتذكرها”.

بوصلة النجاح
أما تحديد بوصلة النجاح ومؤشراته، فاعتبرت أن النجاح نسبي، ومختلف من قارئ لآخر، وقالت: “لا أعتقد بوجود رواية ناجحة أو العكس، لكل شخص نظرة خاصة في شيء كهذا، أما مقومات الرواية الملهمة، فتكون بالخروج عن المألوف، واتباع السرد الأدبي المتقن، والقدرة على الإقناع”.

أما عن تحويل الأعمال الأدبية، خاصة الروائية، إلى أعمال سينمائية، فترى أن المتلقي يحب دعم كل ما ينتج خارج المملكة، وتوضح: “لدينا مهارات إخراجية وكتابية وتمثيلية عالية، ولكن بكل بساطة النقد، و”التحبيط” أسهل بكثير من التشجيع والدعم!”.

النقد والأدب
وقادنا الحديث عن مدى قبولها للنقد، حيث أكدت: “النقد وارد، وأعتقد أنه الوجه الآخر لكل عمل أدبي، ربما ليس دارجًا في المنطقة، ولكنه موجود”، مشيرة إلى أنها تتفق إلى حد ما مع مقولة أن الرؤية النقدية تخلد الأعمال الأدبية، ولكنها لا تعتبرها قاعدة.

استحقاق
وحول تحول الأنظار إلى المنتج الأدبي السعودي، نوهت: “أي جائزة لكاتب سعودي أو كاتبة، هو فوز منتظر، وأعتقد أنه يصب في مصلحة الأدب السعودي، وأنا بشكل خاص متطلعة لمستقبل أدبي واعد، فالمنجز الروائي في الوطن يرتقي كل يوم خطوة، وأعتقد أن لدينا الكثير من الشخصيات الأدبية لها قدرة روائية عالية، وأترقب بروز أسمائهم على الصعيد العربي”.

للصغار
وبسؤالها عن الكتابة للأطفال، قالت: “لم أجربها، وأعتقد أنها كأي مجال فيه من الصعوبة ما فيه، فأنت هنا تخاطب عقولًا كبيرة مختبئة في أجساد صغيرة، ولابد لك من الموازنة في كل المحاور، ابتداء من الحبكة وحتى حلها”.

وأضافت: “وفي حال أن الصغير نشأ على حب القراءة، فسيكون انجذابه للرواية ليس صعبًا، وتوجد كثير من الروايات موجهة للناشئة، وتتناول قضايا متنوعة بأسلوب جاذب، ونستطيع ولا شك، إيجاد جيل قارئ، وأرى أن أعداد القرّاء تتزايد كل يوم، حيث تقام الآن الكثير من ورشات العمل، وجلسات القراءة الجماعية ونوادي القراءة، هذه خطوات تهدف لإنشاء جيل قارئ، وأنا أحاول تكثيف حضوري ما استطعت، والحديث عن قراءاتي الخاصة في حساباتي على مواقع التواصل.

وختمت اللقاء بكلمة أخيرة: “عزيزي الكاتب، اقرأ، فلا جدوى من كاتب لا يقرأ”.

هي
جمانة أحمد السيهاتي، تخرجت في كلية المجتمع بالقطيف، تخصص حاسب آلي، وتعمل موظفة في دار زهراء الحسين لتصميم الأزياء، ولكنها حاليًا متوقفة عن العمل لأسباب خاصة، أما أدبيًا فلها خمس إصدارات؛ اثنان منهما مجموعات قصصية هي: أحلام أنثى 2008م، وأربعون شبيه 2015م، وثلاث روايات: سماء من سكر 2016م، جائع حتى الأمس 2018م، وأحدثها لا نهار في المدينة 2020م.

وبعيدًا عن عالم الكتابة، وجدت “السيهاتي” متعتها في الخياطة اليدوية، وتصميم الإكسسوارات، والتي اكتشفتها منذ ولادة طفلتها الأولى، التي تبلغ من عمرها الآن تسع سنوات.


تنويه: مصدر الصورة الكاتبة جمانة السيهاتي


error: المحتوي محمي