في تاروت.. الدكتور الطاهر يحذر الأزواج من الابتعاد.. ويؤكد: تكرار المشاهدة يزيد الألفة

أوضح الدكتور السيد مهدي الطاهر، أن من أولى الخطوات الناجحة في الحياة هي اختيار الشريك المناسب، مؤكدًا أنه لابد أن يكون ذلك الاختيار مبنيًا على أسس صحيحة سواءً في المستوى العلمي، أو الثقافي، أو الاجتماعي، أو النفسي، أو الجسمي، أو المالي، لأنه كلما كانت هذه المعايير مُتقاربة إلى حدٍ ما فإنها تزيد من الانجذاب والإقبال نحو الآخر.

وقال “الطاهر” إن العاطفة إذا استطعنا أن نُكوّنها بشكلها الصحيح ونحافظ عليها ونرعاها، فقد تستمر وتُثمر بنجاح؛ لأنَّ المحبة بين الطرفين تُكوِّن المودة التي توصل الزوجين إلى السعادة.

جاء ذلك في المحاضرة التثقيفية التي نظمها برنامج إيلاف الأسري التابع للجنة الصحية بجمعية تاروت الخيرية، للمتزوجات والمقبلات على الزواج بعنوان “عوامل بناء العاطفة”، يوم الأربعاء 5 فبراير 2020، بحضور ٤٠ شخصًا.

وبدأ “الطاهر” المحاضرة بتعريف العاطفة بأنها فن وعلم واستعداد، وهي عبارة عن مجموعة من المشاعر والأحاسيس الجسدية، إضافة إلى الوعي والإدراك، وانفعال وجداني يتدرج ويتحرك منذ الطفولة حتى الكبر.

ودعّم حديثه بالاستشهاد بالآية الكريمة: {خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، لافتًا إلى أن قوله تعالى {مِّنْ أَنفُسِكُمْ} تكريم كبير للمرأة والرجل معًا ليعيش الرجل مع امرأة تكون شريكته في الحياة، تُشبهه في أشياء كثيرة جدًا وتتكامل معه في أشياء، فحاجات الرجل مُحققة في زوجته، وحاجات الزوجة محققةٌ في زوجها.

وقال إنَّ هذا النوع من الارتباط ضروري ومهم جدًا لتحويل الإنسان إلى معنى كامل، والتقارب بين شيئين يُكوِّن شيئًا واحدًا، وهذا الشيء قد يُحقق لنا السكن والمودة والطمأنينة، لذلك وجِد أنَّ الأعزب سعادته مهما ارتبطت بأشياء أخرى قد لا تكون كالعلاقة الزوجية، فالإنسان المتزوج يكون أطول عمرًا وأقوى صحة وأفضل مناعة من الآخر، وهذه تُعتبر كمتوسط عام للدراسات.

موروثات ومكتسبات
وقال “الطاهر” إنَّ الشريعة المقدسة نظمت لنا البُنية، فالإنسان يتأثر بجوانب وراثية وجوانب مكتسبة، ولأن جذور العاطفة تمتد من الطفولة، خصوصًا من السنوات الثماني الأولى، حيث يكون تعلق الطفل بوالديه كبيرًا، فالذي ينمو في أسرة كلها محبة وتعاون وألفة واستقرار وتفاهم تُبنى لديه العاطفة فيكون مُهيئًا فيأتي بعلاقة زوجية إيجابية، بينما الذي تكون لديه مشاكل في الطفولة وسلوكيات أسرية سلبية فحتمًا ستؤثر على علاقته وحياته الزوجية.

وأضاف أنَّ الدِّين يتكَّون من المفردات الأربعة الشاملة، وهي؛ المعتقدات، والأحكام، والآداب، والأخلاق، مبينًا أنه كلما كان ازداد وعي الإنسان يدخل في علاقة عاطفة صحيحة، فيكون واعيًا بحقوقه وواجباته وحدوده الفقهية والشرعية، مُتقنًا للأخلاق ولديه شيءٌ من الآداب، وتابع: “هذه الأشياء كلها تتم في عملية التربية وهي من الموروثات، ولذلك نرى هنا أنه إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوّجوه، فأساس حركة السلوك هو الدِّين ومعناه شمولية كل الأفكار الموجودة”.

واستطرد: “كلما كنا متقاربين في أفكارنا ومعتقداتنا وآدابنا وأخلاقنا يكون الخلاف أدبيًا، وعند ذلك يتم التوافق وتنمو العاطفة، ولكن حينما تكون العاطفة ضعيفة بين الزوجين يحل الانفصال لأنها لم تُبن بشكلها الصحيح، لذلك عليكم أن تتخيروا لنطفكم فإنَّ العرق دساس”.

وأشار إلى عوامل بناء العاطفة، وهي أنه لابد أن يكون هناك وعي ومحبة ومسؤولية، وثقة، وتعاون، وتسامح، واعتذار، واحترام، ومساعدة، فبوجود هذه العوامل في الحياة الزوجية يزيد التفاهم والمودة والرحمة، وتتولَّد الكفاءات بين الزوجين فيتحقق الانجذاب وتكون الحياة الزوجية مستقرة.

وحذر من ابتعاد الزوجين عن بعضهما لأن التقارب المكاني وتكرار المشاهدة يزيد المشاعر ألفةً وارتياحًا، موصيًا بأن تكون للزوجين جاذبية شكلية وأن يُحسّنا من هيئتهما ولباسهما لأنَّ العين تعشق كل جميل، وأن يتبادلا الشكر والثناء وكلمات الإعجاب والحب فيما بينهما، حيث إن قول الرجل لزوجته “أحبكِ” لا يذهب من قلبها أبدًا، وأن تكون لديهما مهارة ثقافة النقد بحيث يكون النقد بالشكل الإيجابي المحفز لا المدمر الجارح، فالقول الحَسَن يُحبب إلى الأهل كذلك يُثري المال ويُنمي الرزق، وأن تُعطى الزوجة حقها كشريك حياة لا أن تكون مصدر لذّة وإشباع فقط، وأن تكون لها فاعليتها ودورها في الأسرة.

ونصح بممارسة سلوك السعادة وهو الاحتضان والتقبيل، والتعبير بالإعجاب والتقدير، وتبادل الهدايا، والاستمتاع الكامل بالعلاقة الزوجية، واحترام خصوصية كل طرف، وعدم إفشاء الأسرار الزوجية.

وأوضح “الطاهر” طريقة الحوار وفنياته، بأن يكون المكان والوقت مناسبين للحوار، وأن تُستخدم الألفاظ والتعابير المناسبة، وأن يُحدد موضوع الحوار حتى يتم الحصول على النتيجة المرجوة، وأن يُجيد الزوجان فن الاعتذار؛ لأنه يُعيد السعادة ويُزيل الاحتقان الناتج عن الخلافات بينهما، وهو كنز العلاقة الزوجية.

هرمون السعادة
وفي ختام المحاضرة، أوصى “الطاهر” الزوجين بتفعيل ثقافة الاحتضان، لأنه يزيد من الشعور بالمحبة والألفة بين الأسرة ويُدعم نظام المناعة، ويخلق الشعور بالنشاط، كما أوصى بتناول أطعمة تحتوي على (B6 ).

ووجه الشكر للمتدربين على حضورهم، وخص بالشكر الجزيل اللجنة الصحية التابعة لجمعية تاروت الخيرية لرعاية برنامج إيلاف للمقبلين على الزواج.


error: المحتوي محمي