على أي رأسٍ أنتِ يا عمامة؟

العلماء ورثة الأنبياء نفروا وتفقهوا ثم علّموا، هم على منابر من نور يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم، العمامة رمز وشعار مذهبي متميز لاتباعها، عندما نرى المعمم لا نسأل عن تعاملنا معه أو نخالف أمراً نسمعه منه أو لا نتبعه، كيف وفوق رأسه صحيفة ناصعة البياض لسيرته؟ علامة إيمان وتزكية له العاملون بعلمهم المُعلمون لمجتمعهم سفن نجاة لا نتعبد ونفرق بين حلال وحرام أو نتعامل ونعرف ما لنا وعلينا إلا بتوجيهاتهم إن صادفَنَا موقفٌ لا مخرج لنا منه إلا بهم العالِم حقا مَن أفعالُه تسبق أقوالَه يزيّنه الإخلاص متسلح بالتقوى والأخلاق في قول وفعل.

يُنقل أن مملوكاً طلب من إمام جماعة أن يتعرض لتحرير العبيد ويحث عليه على سيده الذي يلازم الجماعة ليسمع ويأخذ بنصحه فيحرره، فوعده خيراً، ومضت أيام ولم يسمع ما طلب. وذات جمعة خطب الإمام وذكر تحرير العبيد وما فيه من عظيم أجر وثواب، بعدها سأله المملوك مستغرباً قائلاً: طلبتُ من زمن وما سمعتُ منك إلا يومنا هذا أكنتَ ناسياً؟
قال: لا ولكن تعودتُ ألا آمر بفعل إلا أكون البادئ به والسباق إليه وعندما طلبتَ مني ما كنتُ أملك ما أحرر به عبداً أمَا وقد فعلتُ فحان وقت طلبك.

نعم مثل هذا يزيد العمامة وقاراً وشرفاً بما يحمل من ميراث الأنبياء الذين هم مصابيح الدُجى ينيرون طريق الدين يستحق أن يُقبّل مَن تحت هذه العمامة ويُجل ويُحترم وفي مجتمعنا مثله أو هم قريبون منه محل تكريم وإعظام يجب علينا معاملتهم بهذا وأكثر وإلى المزيد والمزيد منهم حتى تزخر مساجدُنا ومجالسُنا بهم هم لسان إصلاح وقلم تصحيح وكم من عالم من غير عمامة أخير من ألف من لابسي العمامة ولا يُستفاد منهم كمصباح لا نورًا فيه ولا وقودًا يشعله؟ عمامة على جمجمة جوفاء خالية لا نفعًا يرجى منها ولا شرها يؤمن حاملها مزاجي الطباع متشدد نفسه ملونة متغير الأفكار يرى أنه رقم صعب وهو أصفار من شمال يلاحق مخالفيه في الرأي والتقليد بالضرر جهلاً وظلماً والأسوأ أن يستخدمها معول هدم للدين ورجاله والمجتمع لتحقيق مصالح ذاتية ينخدع مَن لا يعرف حقيقتها ويحذرها العارفون، مثل هذا نَفَرَ وتفقه، ماذا تعلم حتى يُعلم؟ نرجو ألا يكون هؤلاء بيننا نتطلع لجميع علمائنا ثقات تقاة مُثل عُليا نُغبط عليهم.
حان لكِ الخيار على أي رأسٍ أنتِ يا عمامة؟


error: المحتوي محمي