بـ الرداء القطيفي أبو السعود تستوقف زوار البراحة.. وراويات يسردن «القطيف» بالإنجليزية

يوم بعد يوم كان يزداد زوار مهرجان البراحة 2 أُنسًا بفعالياته، غير مصدقين أن تلك البراحة ستغلق أبوابها بعد ساعات قليلة، فالمهرجان الذي تنظمه بلدية محافظة القطيف بالشراكة مع لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالقطيف تحت عنوان “أصالة الماضي وإشراقة الغد”، يستعد أن يودع زواره، وقبل هذا الوداع كان لـ«القطيف اليوم» جولة أخيرة بين أركانه، ومع زواره..

مشاركة بالصدفة
بزيّها القطيفي التراثي، تلحفت أم مارية أبو السعود “الرداء”، لتقف أمام بعض حاجياتها القديمة، والتي تعرضها في مهرجان البراحة 2، وقالت لـ«القطيف اليوم» عن هذه المشاركة: “أشارك بمجموعة من المقتنيات التراثية، وكنت أود المشاركة منذ العام الماضي، لكني لم أستطع، وهذا العام جئت للمشاركة في البيت القطيفي، ولكنهم لم يكونوا متواجدين، فوضعت ما أحمل من أغراض، واستأذنت أبو مصطفى “إسماعيل هجلس” مدير المهرجان، الذي سمح لي مشكورًا أن أظل في هذا المكان، دون حجز مسبق، وكل يوم أزيد بعض الأشياء، ولكن لا أستطيع نقل الأشياء التي لدي كلها، لأنه لا توجد سيارة لنقلها كاملة، كما أن هذا المكان ليس من حقي، بل هو ممر فقط، وعلى وعد أن يوجد لي ركن خاص العام المقبل بإذن الله”.

وأوضحت أنها تعرض مجموعة أباريق، ومسخنة قهوة، ومجموعة كتب قديمة بخط الملا سليم الجارودي – رحمة الله عليه -، وكتاب دعاء الافتتاح كاملا بخط اليد، وقرآن كريم، وصورة للوالد، مؤكدة أن ما هو موجود يفوق المعروض بأكثر من 10 أضعاف، تضع غالبيتها في مستودع، وتعرض منها القليل؛ ما يقارب 7 درايش، وقالت: “كان أخي يساعدني – رحمه الله – ويشتري لي كل قديم يصادفه.

وأشارت إلى أن الزوار مستمتعون بالمكان، وبكل الأركان، وقالت: “من أكثر ما يسأل عنه الزوار الكتب والمجلات القديمة، وكذلك “النعل”، وأحد النعال يعود لأكثر من 65 سنة، وهو من الجلد الجيد”.

وأضافت: “أما أقدم المعروضات فهو إبريق عجمي، أيضا كتاب “الدمعة القطيفية” للشيخ علي المحسن القديحي، ويحمل تاريخ الوفاة عام 1349هـ”، متابعة: “أشعر برباط غريب يجمعني بكل شيء قديم، خاصة البراحة، أردت المشاركة، لأنها تعيدني إلى ذكريات الطفولة، عندما كنت آتي في شهر رمضان، منذ حوالي 40 سنة، وهنا كانت مدرستي قبل أن تهدم”.

وتكمل: “المهرجان رائع، وهذه أول مرة أشارك، ولا أعتقد أنه يمكن أن أشارك خارج البراحة، لذلك أشكر كل القائمين على المهرجان، وأخص بالشكر الفنان إسماعيل هجلس، والمشاركات جميعهن شجعنني”.

أمريكا
وكان من زوار المهرجان “فريحة”، وهي من الجزائر، لكنها تقيم في أمريكا، والطريف أنها أجلت موعد سفرها لتزور القطيف، ومهرجان البراحة 2، وتقول عن تجربتها: “كنت في جولة في بعض المدن السعودية، وكان من المقرر أن أعود إلى أمريكا بعد انتهاء الأسبوع، في الأول من فبراير، ولكنى اكتشفت أن القطيف منطقة لا يمكن أن أفوت زيارتها، وبالفعل أجلت موعد سفري، لاستمتع بالقطيف وتراثها وطيبة أهلها، وأتعرف على المزيد عنهم، وعن عشقهم لبلدهم وتراثها”، وأشارت إلى أن أكثر ما لفت نظرها هي تلك الطيبة الشديدة في أهالي المنطقة، وكذلك مذاق طعامهم الطيب.

وأضافت: “ما وجدته في جزيرة تاروت، وخاصة في المهرجان؛ أعادني إلى الأصالة المتجذرة فينا كعرب”.

راويات المهرجان
وتحدث المهتم بالتراث إسماعيل هجلس عن دور الراويات في البيت القطيفي، وقال: “لوجود الراويات قصة؛ حيث كنت في جولة في العلا ومدائن صالح، وبعد أن دخلنا النقطة الرابعة قابلني “الراوي”، فشدني الاسم، وسألت عنه، فقالوا لي للتمييز بينه وبين المرشدين، وعندما فكرنا في المهرجان، أول ما قررت تطبيقه هو “الراويات”، ورغم صغر سنهن إلا أن ذاكرتهن حاضرة، ولديهن طلاقة في الحديث، والبديهة، وكاريزما”.

واستطرد: “ميزة الراويات أنهن يعرفن المعلومة، ويحفظنها، وعندما يأتي الزائر لا يكررن الكلام كمادة محفوظة، ولكنهن يسردنها بتلقائية، ويتحدثن عن البيت القطيفي القديم، وفي أول يوم افتتاح لم يزد تدريبهن على 45 دقيقة، ونجحن في تنفيذ الفكرة، وبعد ساعتين أعطيتهن معلومات إضافية، فاستوعبنها جيدًا، ومن ثم انطلقن، وهن في الأساس من المتطوعات في المهرجان، وأحيانًا الزوار يطلبون الراوية بالاسم، ولدينا اثنتان منهن يتحدثن الإنجليزية، ويصطحبن الزوار الأجانب”.

الأصغر
وبالسنوات الثمانية وقفت زين بنت السيد محمد المشعل، وهي أصغر راوية، لتتحدث عن قلعة تاروت، وعن المهرجان، بنبرة طفولية، ولكن بلغة واثقة، مرحبة بكل الزوار، وكانت على أتم الاستعداد للقيام بدورها في أية لحظة.

بالإنجليزية
وتحدثت الراوية زينة هجلس بالإنجليزية عن المكان، وعن الموسيقى والفنون، وأكدت بلغة إنجليزية صحيحة لزوار المهرجان كيف يعيش أهل القطيف وكأنهم أسرة كبيرة.

الفرق الأربعة
ويقول مبارك الصباخ: “بالنسبة للملتقى ففكرته جيدة، لأنه مستوحى من الفرقان القديمة بالقلعة، مثل: السدرة، والخان، والوارث، والقلعة مسورة بشكل شبه بيضاوي، مقسمة إلي أربعة أقسام بشكل وهمي، فالسدرة نسبة إلى سدرة الكنار، ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية، أما الجنوبية الغربية فيسمى فريق الخرمة أو الخان، وكان يستخدم من التجار القدامى، وهو أشبه بالفندق، وبراحة الحليب موجودة فيه، في الجهة الشمالية الغربية فريق زرب، والشمالية الشرقية فريق الوارش، وكان سوقًا داخليًا يأتي إليه بعض التجار وليس لديهم سكن، فيبيتون في الوارش”.

وشرح كذلك البناء القديم؛ فقال: “كنا – كمقاولين – نتفق مع صاحب الأرض، ولا يسمونه مقاولًا، إنما “أستاذ” في البناء العربي، ويقوم بتخطيط الأرض، ويحدد موقع الغرف والمجلس وغيرها، ومن ثم يحفرون الأساسات، ويقيمون البناء.

مصنوعات خشبية
ومن ضمن الأركان المشاركة؛ بعض الأعمال الخشبية، تحت اسم “الجبيلي للتراثيات”، أوضح صاحبه أنهم يقدمون خلال هذا الركن الأشياء القديمة، بعدة مقاسات، وهي مجسمات للأدوات القديمة، ولكن كلها مصنوعة من الخشب.

أما عن مشاركته فقال: “كنت أصنع مجسمات الفلين قبل ثلاث سنوات، وأتت فكرة الأعمال الخشبية على سبيل التسلية، وخاصة صناعة القديم منها، لأني وجدت أن العمل في الخشب مريح للأعصاب، ومن المعروضات؛ ربابة ـ آلة موسيقية – من التراث البدوي، وأبواب خشبية.

وأشار إلى أن المهرجان وضعه رائع، وأهم ما يميزه الحكي عن التراث، والبيت القطيفي، موجها الشكر إلى اللجنة الاجتماعية بالقطيف مثنيًا على إعدادهم الجيد للمكان، سواء للمشاركين، أو الزوار.

وقال زهير القصاب، لاعب كرة سلة سابق، وقارئ للقرآن: “الملتقى جميل، ونتعرف على التراث واسترجعنا ذاكرتنا، ونعرف الأطفال بما كان، فالقطيف تملك من حضارة وتراث ما يستحق أن نفتخر به على مر الأجيال”.
أتمنى

بيوت ومقهى
واتفق عبدالله القصاب مع غيره ممن التقتهم «القطيف اليوم» في الإشادة بالمهرجان، وقال: “مشروع البراحة جميل ويعطي المنطقة الحيوية، ويعطي للجيل الذي لم يلحق بهذا الإرث الفكرة الواضحة والعملية ويبين كيف كانت القطيف والمنطقة، خاصة البيت القطيفي والمقهى الشعبي والمجسم”.


error: المحتوي محمي