قبل عشر سنوات تقريبًا اقترحت على أمين المنطقة الشرقية السابق تطبيق نموذج المكتب الشامل في البلديات التابعة للأمانة، وأبديت استعدادي للمشاركة في تطبيق هذا المفهوم العصري، وهو مفهوم أصبح يطبق الآن بشكل واسع وبتلقائية أيضًا في معظم شركات الخدمات بل حتى القطاع العام. ونال المقترح استحسان الأمين وقد اتصل بي هاتفياً لإعلامي بأنه حوّل المقترح لوكيل الأمانة مع توصية بدراسة تطبيقه.
بعدها بسنوات شاهدنا في بلدية القطيف مكعب عند مدخل البلدية كتب عليه مكتب الخدمة الشاملة بدلاً من قسم الاستقبال، بالطبع ما حدث في بلدية القطيف يكشف عن الفجوة الكبيرة بين المفهوم وطريقة تطبيقه.
مع اتساع استخدامات التقنية أصبحت مراجعة العميل أو المستفيد للجهة المقدمة للخدمة هي المرحلة الثانية أو الخط الثاني الذي يناط به استقبال الحالات التي لا يمكن أن تقدم من خلال الإنترنت للمستفيدين او الذين لديهم صعوبة في استخدام التقنية. فقد أصبح التواصل عبر وسائل التواصل التقنية المختلفة هو الاتجاه الأول المفضل لدى كل من مزود أو مقدم الخدمة والعميل أو المستفيد على حد سواء. لقد استثمرت هذه الجهات في التقنية للتوسع في مجال التواصل وتقديم الخدمات عبر مختلف وسائل التقنية الحديثة، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بمجموعها كلها طرقًا سهلة ومفتوحة للوصول لمقدم الخدمة وما على المستفيد سوى اختيار الوسيلة أو برنامج التواصل الذي يفضله لإيصاله طلبه أو استفساره أو ملاحظته.
على مستوى بلدية القطيف الأمر للأسف مختلف، فلم نصل بعد لهذا المستوى ولا للمستوى القريب منه، فالبلدية بالرغم من استخدامها وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للدعاية لها، إلا أنها عمليا تتحفظ على أن تستفيد من نفس هذه الوسائل المتاحة كقناة خدمة ولإيصال الشكاوى والملاحظات والاقتراحات. فهي اختارت تشجيع الأهالي والمستفيدين على استخدام نظامها الخاص بالدرجة الأولى ثم بدرجة أقل الواتساب، وفي كليهما لم تصل الخدمة للمستوى الفاعل والمأمول بعد بالرغم من كل الجهود. بل أصبحت عملية تسجيل الملاحظة هي خطوة إضافية لا تُغني عن مراجعة البلدية، وليس بديلًا عنها.
المشكلة الجوهرية الفاقعة أنه بغض النظر عن الوسيلة التي يستخدمها المستفيد وحتى لو كان طلب المستفيد هو فقط الإبلاغ عن سوء خدمة أو مشكلة بلدية معينة لم يكشفها النظام الرقابي للبلدية (مراقبون ومشرفون عليهم وإدارة للجودة)، فإذا لم يتم إقفال البلاغ دون أي استجابة أو أن المُبَلّغ يكون مضطرًا لترك عمله والتوجه لمراجعة البلدية لتنفيذ ما يطلبه منه موظف البلدية لاستكمال بلاغه وإلا حُكم على البلاغ بأنه غير جاد وأقفل من حينه.