شفافية الشيخ العبيدان الرائدة

من النادر أن ينبري أحدٌ مثلما يفعل سماحة الشيخ محمد العبيدان، حفظه الله، وللموسم الرابع على التوالي حيث يقيم فعاليته الفريدة من نوعها وهي القراءة النقدية لمحاضراته العاشورائية المباركة، في بادرة مباشرة منه، بل ويهيئ لها المتطلبات من مكان وكوادر، وانتخاب الصفوة من النقاد لمختلف العلوم والتخصصات، وكذلك دعوة المهتمين والمثقفين المعتنين بمختلف التوجهات والمستويات الاجتماعية والثقافية والدينية، وخلاف ذلك، كما ويجعل المكان مفتوحاً لمختلف الطبقات من ذكور وإناث، وتتاح الفرصة بتوجيه النقد والأسئلة من الجميع في فعالية صريحة وشفافة وقراءة نقدية مباشرة لمحاضراته المنبرية للمناسبة الشريفة والتي تستقطب في موسمها مختلف العقول والأعمار، وتتناول شتى الشؤون التي تعنى بالإنسان وهمومه، وتطرق مداركه على اختلاف وعيه وفهمه.

من المهم جداً وقد نجحت رسالة الشيخ الفاضل قولاً وفعلاً أن نتوقف كثيراً وبكل إنصاف وحيادية وتقدير، للاقتداء بطريقته، وبما هو كفيل بأن يأخذ بالمنبر للطريقة المثلى التي ينشدها كل متطلع لنيل الفوائد والثمار النافعة، كما أنه السبيل الأنجع للتنقية من بعض ما يطرح من بعض المغالطات والمآخذ؛ قلت أو كثرت، والبعيدة عن الحقائق التي لا تتوافق مع العقل والمنطق حين يقف المرء كثيراً عند السرد التاريخي أو النقولات البعيدة عن التحقيق، وكذلك بعض التجاوزات التي لا يمكن التسليم بها، دون قراءة وتحليل وتمحيص تفادياً للتجاوزات.

إننا نثمّن للشيخ أبي أحمد هذه البادرة الرائعة، ونتمنى الاقتداء بها خاصة من خطباء المنابر الفضلاء من أهل العلم الكرام، حتى يكون المنبر بصورة أكثر جذباً واستقطاباً لمختلف الفئات التي تنشد الفائدة ونقاء المعلومة، بالتوافق مع أهمية حضور المناسبة ذاتها؛ مناسبة عاشوراء العظيمة، مدرستنا الأولى التي ننهل منها العطاء الفريد من نوعه، فتنمو منها مداركنا وتقوّم سلوكنا وتقوي عقيدتنا وتثبتنا على النهج السليم، وهي تحتاج بلا شك للمراجعة والتنويع والجودة في مناهجها، كما هو حال أي منظومة أو فعالية أو توجه، لهذا يلتمس وينشد رواد وتلامذة هذه المدرسة الشريفة التنويع والتنوير بالتوازي مع كفاءة وأعلمية المحاضر المستحق الحضور لمحاضراته وبحوثه، وأن يتحمل المسؤولية بصدق ما يطرح داخل أسوار المدرسة الحسينية الرائدة.

إنه لحريٌ بنا أن نتخذ من هذه الشفافية والمصداقية التي تصدى لها سماحته نهجاً نسترشد به في مختلف فعالياتنا وتوجهاتنا، وعلى مختلف الصُّعُد وإن اختلفت الطرق والأساليب، إذا كان المؤدى واحدًا، فذلك كفيل بأن يصحح الكثير من مفاهيمنا واختلافاتنا، ويضمن تقويم أفكارنا وقناعاتنا، لنكون على المسلك السليم والآمن للوصول للغايات المنشودة وتحقيق النتيجة المثلى، والمحققة للأهداف تماهياً مع التطلعات.

وإننا نقترح هنا على سماحته ونحن نقترب رويداً رويداً من الموسم العاشورائي للموسم القادم أن يتفضل بتنظيم محاضرات إعدادية للموسم القادم والأخذ بالمقترحات، وبأن يستقطب بعض الخطباء إن أمكن، فضلاً عمن يلتمس منهم الفائدة كما نهج في فعاليات القراءات النقدية المباركة، وأيضاً نقترح على الأفاضل أن ينحوا المنحى نفسه، وإن كان بطرق مختلفة وهي عديدة بلا شك، ولكن المهم هو ذات النتيجة التي أثمرتها خطوة الشيخ المباركة وأفضل، وهنا فقط يمكن أن نتفادى ما أمكن الكثير مما يثار قبل وبعد كل موسم، حين يستغل ويثير البعض الإشكال على ما يطرح من على المنبر الحسيني، والذي لا ننكر أن بعضه يجافي الحقيقة.

وختاماً، الجميع يعلم أن ارتقاء المنبر الشريف هو بلا شك لأصحاب الأهلية ممن يتسلحون بالعلم والمعرفة والاطلاع الواسع؛ لأن من تحت المنبر يسمعون ويأخذون ويقتدون، وهم أيضاً يلاحظون ويتوقفون وينتقدون، فلابد إذا أن نصل للنقطة التي يلتقي  الطرفان على التوافق في نهاية المطاف لتبقى المدرسة الحسينية حقيقة رائدة ودائمة ترضي الله (عز وجل) ورسوله وأهل بيته (عليه وعليهم السلام)، وهي باقية بحول الله وقوته.


error: المحتوي محمي