الطفل كائن ملائكي ضعيف بريء، وهو نعمة من نعم الله العظمى على الإنسان لا يعرف قيمتها إلا من حـُرم من هذه النعمة الكبرى.
والطفل يعد اللبنة الأساسية لبناء الأسرة والمجتمع، لذا تهتم المجتمعات المتقدمة اهتمامـًا كبيرًا بأطفالها جسديــًا ونفسيــًا وفكريـــًا وثقافيــًا وعلميــًا، من أجل أن يكونوا في المستقبل أناســًا مبدعين ومخترعين ومفكرين.
أيها الأب العزيز، وأيتها الأم الكريمة؛ هل ضربتما طفلكما في يوم من الأيام؟ كيف دافع عن نفسه؟ كيف كانت حالته النفسية؟ ماذا فعل غير تحمل الضربات والشتائم والبكاء أمامكما؟
لقد أكد التربويون أن المعاملة القاسية، والعقاب الجسدي، والشتم، والعتاب، والتحقير، والإهانة، كلها تؤدي إلى تحطيم شخصية الطفل، وفقدان الثقة بنفسه وبمن حوله، وتترك أضرارًا جسيمة ومضاعفات كبيرة على نفسية الطفل، وتخلق منه إنســانـــًا سلبيــًا يحمل في قلبه مشاعر الغل والحقد لأفراد المجتمع، وينظر للحياة نظرة عدوانية مملوءة بالتشاؤم والبغض وحب الانتقام.
والعكس صحيح، المعاملة الرقيقة، والعفو، والعطف، والحوار، والاحترام، والتقدير، والتشجيع، كلها تؤدي إلى تنمية شخصية الطفل، وتنمي ثـقته بنفسه، وبمن حوله، وتخلق منه إنسانــًا إيجابيــًا فاعلًا ومشاركــًا في تنمية المجتمع، ويحمل في قلبه مشاعر الحب والرحمة للناس، وينظر للحياة نظرة مشرقة مملوءة بالتفاؤل والمودة وحب الخير للآخرين.
قال الإمام الصادق عليه السلام: “أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم يغفر لكم”.
أيها السادة، إن سبب المشاكل النفسية والاجتماعية التي نراها عند بعض الأولاد إنما سببها الفقر التربوي عند بعض الآباء والأمهات، حيث إنهم لم يقرؤوا كتابــًا واحدًا في حياتهم عن علم التربية، ولم يأخذوا دورة واحدة في فن التعامل التربوي، ولم يحاولوا أن يتعلموا الأساليب الحديثة في فن التربية، ولم يطوروا أنفسهم تربويــًا، مما سبب الكثير من المشاكل الأسرية، والجرائم الاجتماعية، والانحرافات الأخلاقية لبعض الأبناء الذين هم ضحية التربية الخاطئة وغير الصحيحة.
إن جهل الأبوين بقواعد التربية السليمة أدى إلى أخطاء فادحة في حق الأبناء، مما أنشأ لدى الأطفال ميولًا وسلوكيات سلبية مثل القسوة والعنف والكذب والحسد والخجل، والخوف والقلق والسرقة والشعور بالكآبة، والتمرد على القيم الأسرية والاجتماعية، وغيرها من المشكلات السلوكية.
إن الطفل في بداية حياته كالنبتة يجب أن تنمو في ظل ثقافة الوالدين التربوية، فـتـزهـر وتنضج وتـثـمـر، فالقيم الأخلاقية الطيبة، والمبادئ الاجتماعية الخيرة، التي ينشأ عليها الطفل في الأسرة هي التي تشكل وجدانه النفسي والاجتماعي والفكري، وتخلق منه فردًا إيجابيــًا صالحــًا، لذلك اعتبرت الأسرة بيئة مقدسة تتحقق فيها السعادة للأبناء.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيّتهِ”.