“هناك منطقة يجب علينا التوقف عندما نجد أننا نتجه إليها وهي منطقة التعود الزائد، وإهمال العلاقة، والتوقعات غير الإيجابية، وعدم المبادرة، كما يجب علينا الاهتمام والمبادرة والرفق والتفاؤل الإيجابي والمساندة والدعم لبعضنا البعض، فكل هذه الأمور هي مجموعة الانتعاش التي ستحيي الحياة الزوجية بالحب والاستقرار”.
هذا ما قاله الاختصاصي النفسي ناصر الراشد الذي أكد أن التوقعات تلعب دورًا مُهمًا في نجاح أو إخفاق العلاقة الزوجية، فإذا كانت سلبية ستكون مصدرًا للكدر والإحباط وخيبات الأمل وغير مثمرة، ولكن عندما تكون التوقعات إيجابية منبعثة من أعماق المشاعر فحتمًا ستساعد على خلق روح التواصل وستحقق زواجًا أكثر سعادة.
وبيّن أنَّ اللياقة العاطفية والنضج الانفعالي هما الأقوى تأثيرًا في الحياة الزوجية حيث يولدان التكافؤ، والتكامل، والعدالة، والتنافس لحياة مرضية وسعيدة لهما.
ونبّه على أهمية الحوار الزواجي الناجح فحين يستشعر الزوجان زحف المشاعر السلبية على حياتهما يجلسان سويًا ليتدبرا أسباب ذلك دون أن يُلقي أيهما المسؤولية على الآخر، وهذا الحل ينجح في حالة نضج الطرفين نضجًا كافيًا وهو بمثابة مراجعة ذاتية للعلاقة الزوجية وإعادتها إلى مسارها الصحيح.
جاء ذلك خلال المحاضرة المجانية “أراك بوضوح” التي نظمها مركز سنا التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس، يوم الأربعاء 22 يناير 2020، وقدمها الراشد بحضور 81 شخصًا.
وشرح الراشد خلال المحاضرة “نموذج نافذة جوهاري” والذي يتكون من أربع مناطق وهي؛ المنطقة الحرة المفتوحة والتي تتضمن كل شيء يعرفه الفرد عن نفسه وكذلك الآخرون ومنها يعرفون سلوكه، واتجاهاته، ومميزاته، وشخصيته، وإدراكه، والمنطقة الثانية هي المنطقة العمياء وهي التي تُعبِّر عن مواقف الفرد تجاه الآخرين في الوقت الذي يكون فيه الفرد لا يعرف عنها شيئًا، ومنها سلوكيات الأفراد أو صعوبة اتصاله معهم بمسببات لا يعرفها هو نفسه، وثالث منطقة هي المنطقة الخفية وهي الأمور التي يدركها الفرد عن نفسه ولكن لا يدركها الآخرون وهي التي تكون داخل مجال رؤيتنا، لكننا نختار ألا نُشارك فيها أحدًا، وهي تمثل رد فعل لبعض تجارب الطفولة، وأخيرًا المنطقة غير المعروفة (المجهولة) وهي الجزء المعتم من الذات الداخلية والذي ليس بمقدورنا معرفته، كما أنه ليس بإمكان الآخرين الوصول إليه أو فهمه.
من هذا المنطلق وجّه الراشد سؤالًا للحضور؛ لماذا لا نريد الإفصاح عن ذواتنا؟ ملفتًا إلى أن الإفصاح عن الذات يساهم في استقرار العلاقة الزوجية والانتقال إلى نموذج الزواج السهل السعيد في العلاقة الزوجية، كذلك يمنح القدرة على التصرف بشكل واعٍ، وتحسين استجابتنا للواقع الذي نعيشه ويجعل حياتنا أكثر صدقًا وأمانًا.
وأشار إلى أنه كثيرًا ما يتردد الإنسان في الكشف عن ذاته للآخرين خوفًا من أن تظهر عيوبه لهم مثل وجود قصور ما في شخصيته أو ضعف مهاراته، أو خوفًا من فقدان شريك حياته أو إنهاء علاقته بأحد أصدقائه.
وأوضح أنه عندما يشعر الزوجان أنَّ مشاعِرهما تحظى بالتقدير فإنَّ ذلك يُعد أهم العناصر الحيوية لاستمرار التواصل بينهما، مؤكدًا أن عملية التعزيز مهمة جدًا وتُساعد كثيرًا على تجديد الطاقة الإيجابية بين الزوجين، مشيرًا إلى أنَّ نسبة الحوارات الإيجابية خمسة إلى واحد في الزيجات السعيدة.
وأشار إلى أن بعض الأزواج قد تنتابهم حالة من الفتور وربما تفقد حياتهم مستوى العائد المعنوي والوجداني فترة من الزمن ويحدث لديهم التكيف لهذا السلوك، وقد يُعرِّض حياتهما إلى الانهيار، مؤكدًا أنه في هذه الحالة يجب عليهما استعادة المتعة لحياتهما باستخدام الإستراتيجيات الثلاث؛ التمثل، والتنشيط السلوكي، وأيام العناية، وهي الاهتمام والتقدير وتبادل الأدوار والاستمتاع بتربية الأبناء والمشاركة في المسؤوليات الزوجية.
وذكر أن المسؤولية في الزواج لها مفهوم خاص وهي تعني في الغالب الإشارة إلى الواجب؛ أي إلى شيء مفروض على الإنسان من الخارج، وأن تكون مسؤولًا يعني أن تكون قادرًا ومستعدًا لأن تستجيب لاحتياجات الشريك سواءً عبَّر عنها أم لم يُعبِّر.
وفي الختامً وجه نصيحة للأزواج قائلًا: “يتوجب على الزوجين أن يكونا صديقين قبل أن يكونا زوجين فبناء أساسي قائم على المحبة والمودة هو الضمان لاستمرار الحياة الزوجية، فانعشوها بلغات الحب سواءً كانت لفظية أو غير لفظية حتى تصل إلى قلب الطرف الآخر فتسعده وتُشعره بالأمان والاستقرار”.