يحتاج الموظف أن يكون مسلحًا بالمعرفة والمهارات اللازمة لأداء العمل المطلوب منه ويتمتع بحس المسؤولية والتزام، هذا هو المفهوم العام لمتطلب الوظيفة، أما افتراض أن يكون الموظف أو المرشح للوظيفة ضليعًا بمواد نظام العمل وتطبيقاتها فهذا النوع من الفرضية النظرية إن حصل فهو عادةً ما يكون مصحوبًا بنوع من التوجس والعلاقة الحذرة وغير الودية في بيئة العمل المعيقة للإبداع والإنجاز والجودة، فليس صحيحا افتراض أن الموظف الجديد خصوصًا محيطًا بتفاصيل مواد نظام العمل، بل وقادرًا على المرافعة القانونية أو حتى قادرًا على التعاطي مع المحامين وفهم لغتهم القانونية، فهو ليس خبيرًا قانونيًا ضليعًا بمواد وأنظمة العمل.
لعل هذه المقدمة تصلح أن تكون القاعدة العامة للانطلاق ومقاربة التفريعات الخاصة بأنظمة العمل التي أربكت كثيرًا القطاع الخاص منذ التغييرات الجوهرية التي طرأت على نظام العمل السعودي.
أن يكون للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية دور (بحكم أنها ذات مصلحة) في صياغة عقود التوظيف وفي الترافع والدفاع عن عملائها (المستفيدة منهم لسنوات عديدة) أمام المحاكم العمالية سوف يخلق حالة من الردع والتوازن، بل بمجرد قبول المؤسسة لعب هذا الدور المهم سيخلق لدى القطاع الخاص نمطًا أكثر عدالة في التعاطي المهني الذي يحقق نوعًا من التكافؤ في سبيل علاقة مهنية صحية قائمة على العدالة والرضا من قبل طرفي المعادلة لم تحققه حتى الآن كل المحاولات والجهود التي قادتها وزارة العمل في سبيل ذلك.
في بعض الدول تلعب الاتحادات والجمعيات العمالية المختلفة مثل هذا الدور، فالموظف ليس مطلوبًا منه أن يكون محاميًا عارفًا وقادرًا على منازلة رب العمل المحترف وصاحب الإمكانيات الضخمة في المطالبة بحقوقه، وحتى لو كان كذلك، فهذا لا يحقق علاقة صحية سليمة بين رب العمل والعامل.
يُعول عادة على شركات التأمين المختلفة (بل لها الفضل أيضا) في تطوير أنظمة وقطاعات الأعمال التي يغطيها نطاق أعمالها، فهي تلعب دورًا عامًا في حل مختلف الإشكالات والثغرات التي تكون عادة في المنطقة الرمادية، وكذلك تتولى بشكل فاعل الرقابة والمتابعة اللصيقة لأداء القطاعات المختلفة، ويمكنها هذا الأسلوب معرفة الأسباب الحقيقية والخفية للمشكلات المختلفة وليس فقط الأسباب الظاهرة التي قد لا تكون هي السبب الرئيس للمشكلة. فهي ذات منفعة في تطوير ورفع مستوى القطاعات التي تغطيها، فمصلحتها في رفع مستوى الأداء والمهنية في القطاعات التي تؤمن عليها لتحقيق أفضل النتائج عبر تجنيب القطاع الخسائر غير المتوقعة أو تلك الناتجة عن فشل تطبيق الإجراءات بطريقة مهنية.
لقد أجرت وزارة العمل تعديلات عديدة على نظام العمل السعودي، ولكن إلى الآن لم تحسم أمرها في تقديم نظام عمل متماسك ومحفز وقادر على ضبط العلاقة بين العامل ورب العمل بطريقة متوازنة، ويراعي خطط التوسع التي تسعى لها المملكة في القطاع الخاص وقطاع العمل الصناعي خصوصاً.
كذلك مؤسسة التأمينات الاجتماعية قامت بتعديلات عديدة في نظامها وبشكل ذكي لكن من طرف واحد فقط، وبإمكانها الآن أن تعالج ذلك بشكل أكثر ذكاءً يراعي مصالحها في ضمان عدم تأثر استمرار التدفقات المالية (الاستقطاعات) عبر حماية مصالح عملائها ويقوي بيئة ونظام العمل في السعودية ويجعلها مؤسسة متميزة ومبتكرة أيضًا.
إننا نزعم أن قيام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بدور ذي طبيعة قانونية سوف يحمي مصالح المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ويعزز حماية حقوق الموظف من تعسف رب العمل في حالات معينة خصوصًا ولعل أهمها الفصل غير المشروع.