تراطم الوجدان للطلاب بفقد المعلم أبو جواد الجارودي

صباح يوم الثلاثاء الرابع عشر من عام ٢٠٢٠ لشهر يناير، الموت يخطف المعلم الشاب محمد جعفر الجارودي (أبو جواد)، مما تسبب في تحريك الدموع الراكدة في أنهار العيون للطلاب، وجعل الأحزان تتلاطم داخل وجدان الطلاب، أجبرت على أن أبحث وأفتش في بحار اللغة على كلمات حتى تمسح الدموع وتوقف تراطم الأمواج على رحيل معلمهم.

فالمعلم هو من يصنع حضارات الأمم ويرتقي بها ويطور الحداثة إلى أجيال المستقبل، والمعلم نبراس الحياة وينابيع المعرفة في الإيثار والعطاء، الله سبحانه وتعالى خص المعلمين في كتابه الكريم بقوله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]، حيث مهنة التعليم من أسمى مهن الإنسانية، فالتعليم مهنة أفضل الخلق والمرسلين، كذلك التعليم من أشرف المهن كما قال شوقي:

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا
كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

فلو تخيرنا معلماً في العطاء والإيثار لاخترنا أحد النماذج من ضمنهم أبو جواد الجارودي، حيث كان يرسم الابتسامة على وجه الطلاب، بعض الطلاب أثناء مراسيم العزاء يصرحون بأن المعلم أبو جواد يدرسهم في الثانوية بالربيعية من علم طبقات الأرض (الجيولوجيا)، حيث كان أسلوب تدريسه يمتاز بالوضوح والسهولة، كأنه قيثار يعزف في مسامعهم من التشويق في العلوم المعرفية.

أما عن علاقته الاجتماعية، فتجمعني معه عدة زوايا ومن ضمنها زاوية خدمته في مأتم الإمام الحسين (ع) في كل مناسبة دينية، أجتمع معه في مأتم ابن عمه (محمد أحمد الجارودي)، مأتم ضامن الجنة وله عطاء ليس منقوصاً من الإشراف والإدارة في المأتم.

تميز الشاب المعلم أبو جواد بالكرم والمواقف الاجتماعية، وكان مدمناً للابتسامة الجميلة وتلطيف الأجواء لمن حوله، حيث كان يحمل من الأخلاق المحمدية والطلعة اليوسفية، فالسعادة لهذا الشاب الذي رحل عنا وترك كنزاً مخلداً من الجمال الروحي.


error: المحتوي محمي