لا توجد عوائق تعيق الإنسان عن فعل الخير إلا الإنسان نفسه وإن مشاغل الحياة والارتباطات الأسرية والعملية قد تكون سبباً في التأخير لكنها لم تكن عائق إطلاقاً، ولكن العائق الوحيد هو قلة المتطوعين والمساهمين في الأعمال الخيرية وبالرغم من أن قريتنا صغيرة فهي بحاجة إلى سواعد شابة تخدمها بكل صدقٍ وأمانة.
بهذه الكلمات وصف السيد حسين الزيداني ابن قرية البحاري الحالة العامة للأعمال الخيرية والتطوعية في المنطقة، وأكد أن الأعمال الخيرية والتطوعية هي بابُ أملٍ ورحمةٍ بالنسبة إليه لما فيها من الأجر والثواب وأنها واجب إنساني على كل فرد في المجتمع لديه القدرة على الانخراط في العمل الخيري والتطوعي.
وأضاف أن المتطوعين بجهودهم في الأعمال الخيرية لهم دور فعال في المجتمع لا يقل أهمية عن دور المؤسسات الحكومية وأن العمل التطوعي لا بد له أن يكون تحت إشراف الحكومة المتمثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية، مشيراً إلى أن الجانب الإنساني والإحساس بالآخرين هما العاملان اللذان يدفعان المتطوعين إلى هذا العمل الإنساني لما فيه من خدمةٍ للدين والوطن.
وذكر أن بداياته في مجال الأعمال الخيرية والتطوعية انطلقت منذ سنٍّ مبكر كان حينها في السادسة عشر من عمره تقريباً، ومنها عشق الأعمال الخيرية وقدم عليها بكل صبرٍ وإيمان.
وتحدث عن أهم الأعمال التي قام بها والتي شارك فيها حيث شارك في عدة أعمال وأشرف عليها بنفسه كتأسيس لجنة التنمية المحلية وبناء منشآت وملاعب نادي البحاري وإعمار معظم الوقوفات في البلدة. مع بعض الرفقاء الأخيار بهدف التقرب لله عز وجل لما فيها من الأجر والثواب الجزيل.
وتكلم عن العقبات التي واجهته في سبيل نشاطه الاجتماعي، حيث واجه في مشواره الكثير من المعوقات حتى من أقرب الناس إليه، وكان يشعر بضيق من تصرفاتهم نحوه بهذا الشكل ولكن بعدها أيقن أنه لو استمر على هذا النحو سيفقد الكثير من طاقته الإيجابية ومن ثم تبدأ الطاقة السلبية تسري في جسده وبالتالي سيفقد الكثير من ثقته، وقال: “اتبعت أسلوب التجاهل ولم أعد أهتم بما يقولون وإنما تركيزي الأساسي هو أن أحقق هدفي الوحيد بين الناس وأسعى لخدمتهم في العديد من الأنشطة والفعاليات التي تُنظم بين الفترة والأخرى والحمد لله واصلت مشواري بفضل الله ومساعدة أستاذي الكبير الأستاذ مبارك الميلاد أبو محمد”.
وفسّر لجوء بعض شباب البحاري في الوقت الحالي للعمل الاجتماعي بأنه يأتي بهدف فعل الخير، وقال: “سمح لي هذا المجال بالتعرف على الكثير من المسؤولين وفتح لي باب التعامل معهم والتعلُّم منهم في المستقبل كما أنه ساهم في صنع علاقات جميلة مع الناس وأصبح الناس يكنون لنا الكثير من الحب والاحترام المتبادل”.
قدوة حسنة
ومن منطلق إيمانه بالحكمة التي تقول: “إذا كان الكلام من فضه فالسكوت من ذهب” ذكر أنه تعلم من والده الصبر والكفاح والمثابرة في العمل وفن التعامل مع الناس ليكون باب خير وصلاح لهم. وفي بداية دراسته في المرحلة الثانوية وتحديداً أثناء العطل المدرسية كان يشغل وقت فراغه بمساعدة والدهِ في البحر؛ كون والده – حفظه الله – يعد من كبار النواخدة في البلاد.
وذكر أن علاقته بمبارك الميلاد أبو محمد، بدأت منذ الصغر وقال: “لقد عملنا سوياً عندما كان رئيساً للجنة التنمية بالبحاري وبالإضافة لرئاسته لنادي البحاري التابع للشؤون الاجتماعية بمحافظة القطيف عشنا أصعب الظروف مع بعضنا البعض وله بصمة لا تُنسى في مجال الرياضة في البحاري وفي محافظة القطيف إضافةً إلى أنه إداري محنك يجيد التعامل مع الناس وذو أخلاق وروح عالية كنتُ قريباً منه في جميع الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية، فهو شخصية محبوبة من قِبل الجميع قادر على حل أصعب المشاكل مما جعل عمله يكون مميزاً وذا فائدة صُبت في مصلحة المجتمع فهو أحد الشخصيات الجديرة بالإشادة في قريتنا – حفظه الله – ومتعه بالصحة والعافية وأنا أوجه له التحية والسلام من خلال «القطيف اليوم»“.
ولفت إلى أنه لا ينسى دور العم أبو ياسين السيد إبراهيم الذي كان له الدور الكبير في توجيهه للعمل التطوعي وخدمة الفقراء والمؤمنين.
ذكريات البحر
السيد حسين هو الابن الثاني للنوخذة الكبير السيد طاهر الزيداني، الذي لقبته نواخدة الوطن والخليخ بجني البحر يخبرنا عن شجاعة والده حيثُ كان من أكثر نواخذة القطيف جرأة لا يهاب البحر وأهواله، ورافق السيد حسين والده في سنٍّ مبكر وخاض مغامرات البحر رغم صِغر سنه؛ حيث كانت بداياته في العطل المدرسية فكان يدخل البحر عبر طرادٍ صغير يبحر فيه والده لاكتساب قوت يومه فقد كانت لوالده صولاتٌ وجولات ومغامرات ومواقف كثيرة، من خلال دخوله البحر لكي يبحر لصيد الأسماك في أعماق البحار.
ويضيف قائلًا: “آنذاك كان الصيد وفيراً كثيراً في جميع مناطق الصيد ويؤكد أن لديه معرفةً تامةً بمواقع صيد الأسماك والروبيان في جميع مناطق الصيد في المنطقة الشرقية عرفها وتعلمها من والدهِ لعدة أعوام التي قضاها في مساعدة والده.
اكتشاف
ويذكر أن والده اكتشف بقعةً وسط البحر في مدينة الخبر يكثُر فيها ربيان الجامبو تسمى (خريس) وهي منطقةٌ خطرة لكثرة الصخور الكبيرة فيها وهي المنطقة الذي يبحر فيها والده عادةً علماً بأن جميع الصيادين ليس لديهم معرفة بهذه المنطقة الذهبية الغنية بالخيرات.
وتابع: “بعد مرور الأيام والسنين أصبحَت هذه المنطقة معروفة لدى الصيادين وسُميت (بخريس سيد طاهر) نسبةً لمكتشفها وكانت مصدر َرزقٍ لجميع الصيادين؛ وتُعد هذه البقعة من أثرى مواقع الصيد الثمين في المنطقة الشرقية”.
وحكى أنه كان يبيع السمك والروبيان في البحرين، وقال: “كنا في ذلك الوقت نصطاد الأسماك والروبيان ونقوم ببيعهِ في البحرين لقرب المسافة بيننا وأصبحنا على هذا الحال يومياً نقوم بالذهاب عبر اللنش التابع لوالدي وكان الصيد آنذاك وفيراً جداً”.
الابتعاد عن البحر
وعن سبب ابتعاده عن البحر قال: “إن للبحر أخطارًا ومتاعب جسدية لذلك تركته وواصلت دراستي لكي أحصل على وظيفة، ولله الحمد تخرجتُ من المرحلة الثانوية وتم توظيفي فوراً في بنك الرياض وبعد بضع سنوات انتقلت لشركة أرامكو حتى تقاعدت منها”.
من هو السيد الزيداني؟
السيد الزيداني هو أحد رجالات قرية البحاري وشخصيةٌ من الشخصيات الاجتماعية حيث اتسم بحبهِ للأعمال الخيرية كما عُرف عنه الكرم والعطاء اللامحدود وقد سطّر معنى الوفاء لأبناءِ بلده حيث خدم بلده بكلِّ صدقٍ وأمانة على جميع الأصعدة لأكثر من ربعِ قرن فكان مثالاً يُحتدى به في عطائهِ وإخلاصه وتفانيه، رجلٌ شامخ جعلَ اسمهُ يقترن بإنجازاتٍ في المجال الرياضي والثقافي والاجتماعي، كما أنه رمز من رموز العطاء في الخدماتِ الاجتماعية والمساهمات الإنسانية.
إنجازات
رئاسة نادي البحاري الرياضي لعدة سنوات فهو أحد الركائز المهمة حيثُ شيّد ملاعب ومنشآت النادي وأسس لجنة التمنية و عُين رئيس للجنة التنمية المحلية بالبحاري.
وقف على إعمار معظم الوقوفات في البحاري مع مجموعة من أصحابه الأخيار فكان خيرُ أميناً لها وحريصاً أشدّ الحرص عليها، حتى مع أقرب الناس إليه لا يعرف طريقاً للمجاملة حفاظاً على قداستها.
أحد المؤسسين لمركز الرعاية الصحية بالبحاري؛ والتزم هو مع بعض أعضاء النادي في بدايةِ تأسيسه بدفع رسوم إيجار المركز لفترة من الزمن.
تكفّل بالمسابقات الثقافية التي تُقيمها لجنة الشوؤن الأهلية بمحافظة القطيف.
عُين كعضو إداري في جمعية القطيف الخيرية عام 1402هـ، ومسؤول مكتب البحاري.
مشرف على لجنة التنمية المحلية وتدرج فيها بدءًا من عضو ثم أمين للصندوق ونائب للرئيس إلى أن عيُن رئيسًا لمدة أكثر من ثماني سنوات.
مشرف على روضة الإبداع التابعة للجنة التنمية بالبحاري لأكثر من عشرة أعوام.
البطاقة الشخصية
السيد حسين السيد طاهر الزيداني، مواليد قرية البحاري لعام 1377هـ، درس الابتدائية في مدرسة سلمان الفارسي بالقديح، ودرس المرحلة المتوسطة في متوسطة القديح، ودرس الثانوية في المعهد التجاري بالقطيف.
الأعمال
التحق بأول عملٍ له في بنك الرياض وعمل فيه ما يقارب الأربعة أعوام، ثم التحق بشركة أرامكو في عام 1982م، وعمل فيها كمهندس أجهزة إلكترونية، تقاعد من شركة أرامكو سنة 2006 ميلادي بعد خمسٌ وعشرين عاماً من الخدمة بعطاء وجد واجتهاد.
نشأته
عاش السيد حسين الزيداني بداية حياتهِ في منزل والدهِ في البحاري، ثم انتقل مع والده وإخوانه إلى منطقة حي الحسين الواقعة شرق قرية البحاري، وبعد بِضع سنوات شيد أول منزلٍ له في منطقة الناصرة ومكث فيه عشرين عاماً، ثم قرر الانتقال والاستقرار بالقرب من والده فقام ببناء منزل آخر بالقرب من منزل والده جمع فيه زوجتيهِ وأولاده ليكونوا بالقرب منه وتحت عنايته، قدم لعائلته مفتاح السعادة وكان قريباً منهم بالرغم من كثرة انشغاله بالأعمال الاجتماعية في سن صغير من عمره، كما تعلم القرآن الكريم في سن صغير من عمره على يد الحاج الملا حبيب بلال، وفي سن السادسة عشرة انخرط في الأعمال الخيرية سائراً على خطى أسلافه حيثُ اتسمت عائلته بحب الخير ومساعدة الناس على حل مشاكلهم وقضاء حوائجهم؛ وله مساهمات مادية للفقراء والمحتاجين. كما كان له دور فعال مع إخوانهِ في قراءة المولد النبوي الشريف في أعراس قرية البحاري.