قديماً كان الحديث بين الناس عن بعض المستشفيات بكل سوء ووحشية فكانوا يسمونها مقبرة الأموات، وكانت الجدات تخاف من المستشفيات، ولصغر سنيّ وشغفي بمهنة الطبّ وكرهي فكرة التعميم كُنت أتضايق كثيراً لشتم الأطباء وأصحاب المهنّ الصحية، ففي نظري غالبيتهم الساحقة يعملون بكل شرفٍ وبضمير حي.
إلى أن استقبلت العام الميلادي الجديد وعزيزٌ على قلبي في السرير الأبيض الذي مازال إلى لحظة كتابة المقال يعاني من الخطأ الطبي الفادح وسوء اختيار الطبيب وقلة خبرته ومستوى نفسية الممرضات التي فاقمت المشكلة.
علماً بأني استدعيت الطبيب المناوب عدة مرات له ليرد بابتسامة: انتظريني 4 دقائق، ولكني أكملت في أنتظاره 3 ساعات، وأعود لتذكيره ويعاود ابتسامته الغريبة والـ(…): انتظريني لدقائق.
قد يعترض الكثير على هذا المقال وبالتحديد من هم معنيون بذلك، وهنا أرد عليهم وبدليل قاطع من صوت أم وزوجة دخلت مع زوجها لإصابته بنوبة تكسر الدم المنجلي (السكلسل) المرض الذي بات معروفاً في المنطقة لأتفاجأ باتصال صباحي: زوجك في غرفة الإنعاش! أحضري وليّ أمره. فقلت: عفواً حضوره معكم لم يدم أكثر من 24 ساعة، وكان تحت رعاية الله وعنايتكم وتحت أعينكم؛ الأجدر بأن يكون بالعناية لا الإنعاش؟ تمالكت نفسي وما أن وصلت المستشفى حتى يفاجئني الطبيب بأنه سيتم نقله لأقرب مستشفى متخصص لوضعه الحرج وأنهم لا يملكون أي غرف للعناية، فبادري أنتِ كزوجة بالبحث معنا عن مستشفى يستقبل زوجكِ، وفكري جيداً معنا ولهول الموقف وتعالي الأصوات بالبكاء لا يسعنا التفكير، فتم نقله بعد العلاقات الودية والزمالة من أحد موظفي الإدارة لمستشفى خاص لتتم المفاجأة الكبرى…!
وصول مريض متوقفه أغلب أجهزة جسمه لمستشفى يجهل حالته الصحية لسوء كتابة التقرير الطبي الذي لم يكشف عن أي تفاصيل بل ولا يحمل اسم الدكتور أو الاستشاري ولا توقيعه! عجباً أهكذا تكون المسؤولية؟!
وتم نقل مريضنا العزيز على قلوبنا لمستشفى خاص لنتفاجأ بقسم ICU قسم مخالف لأنظمة الوزارة بسببه أصيب المريض بـ3 جرثومات وأعطي أدوية سببت له النزيف الحاد.
مريضنا في غيبوبة ومازال في حالة حرجة أسأل الله له ولجميع المرضى الشفاء والصحة.
سؤال ينتابني بدهشة! هل أصبحت المهنة النبيلة وسيلة للكسب المادي فقط على حساب الضمير الانساني؟! وهل سيتوقف هذا المسلسل؟
اللّهم شافِ مريضنا وألبسه لباس الصحة والعافية ورده لنّا رداً جميلاً…
رضاً بقضائك يا رب لا معبود سواك.