و إذا العشيرةُ عنكَ غضّت طرفَها
فاحسبْ بأنَّكَ لستَ منها للأبدْ
عَلِمت بفقرِكَ و انزوَت لأباعدٍ
في نفعِها و عطاؤُها عنكَ ابتعدْ
ما كُنتَ ترجو أن يجيئكَ وصلُها
و إذا رجوتَ فقد بنيتَ بلا عمَدْ
لم تجنِ من تلكَ القرابةِ يا أخي
إلاّ الجفاءَ و ما بذلكَ مِنَ رغَدْ
أسفي عليكَ إذا اعترتكَ مُصيبةٌ
و فتحتَ عينَكَ ثُمَّ لا ترنو أحَدْ
تركتكَ في همٍّ و سُوءِ مَعيشةٍ
و عليكَ غمٌّ قد تراكمَ و احتشدْ
و عليكَ حنَّ الأبعدون و لِمَ يَكُن
رحِمُ العشيرةِ قد أتى لَكَ أو قصَدْ
إنِّي أراكَ تحُسُّ فيها غُربةً
مُلِئت مِن الأشجانِ أشبعَها الكمدْ
بئسَ العشيرةُ إن أتتكَ سِهامُها
و أتتكَ منها نظرةٌ فيها الحسَدْ
كم سائلٍ يرجو العطاءَ لفقرِهِ
في ظِلِّ موفورِ العشيرةِ و العدَدْ
و لَرُبَّ سائلةٍ تَهيمُ بحيرةٍ
لا إخوةٌ سألوا و لا سألَ الولَدْ
مَن كانَ يمنعُ خيرَهُ عن أهلِهِ
فهُناكَ يلقى ما بِه الباري وعَدْ
ثِقْ بالمهيمنِ لا تدَعْ أبوابَهُ
فهو الرّحيمُ بمَن دعاهُ أو اعتَمَدْ
و لَرُبَّما شاءَ امتحانَكَ خالِقٌ
و إليهِ تلجأُ في النَّوائبِ والشِّدَدْ
فلتشكُ همَّكَ للأنيسِ بوحدةٍ
و هو المُهيمِنُ ربُّنا الفردُ الصَّمدْ
عيسى البدن
شاعر وخطيب حسيني