استكمل المرشد الأسري عبد الله العليوات، البرنامج الأسري “حل الخلافات الأسرية بالطرق العلمية”، الذي نظمته جمعية سنابس الخيرية بحضور 67 رجلًا وسيدة، وتناول حل الخلافات الأسرية بالأساليب العلمية والخبرة، وأخلاقيات العملية الإرشادية في ظل التكنولوجيا، متضمنًا ورشة عمل دراسة الحالة وكيفية وضع الحلول المناسبة.
وفي هذه الورشة، ركز “العليوات” على هرمية الأسرة، وماهية دور الأب، لافتًا إلى أنه يتم تضخيم دور الأم في كثير من الحالات، وفي المقابل تهميش دور الأب، وقال: “إن وجود الأب في حياة الأطفال يعني الحماية والرعاية، ويعني القدوة والسلطة والتكامل الأسري، فالأطفال بحاجة إلى أن يشعروا بأن هناك حماية ورعاية وإرشادًا يختلف نوعًا ما عما يجدونه عند الأم، والأب هو الراعي الأساسي للأسرة، فوجود الأب كمعلم في حياة أبنائه، يعتبر من العوامل الضرورية في تربيتهم وإعدادهم”.
الهرم العائلي
وأوضح للمتدربين من خلال رسم الهرم العائلي، ماهية موقع الأب، حيث يجب أن يكون في أعلى الهرم، مؤكدًا أن من واجبات المرشد الأسري؛ المساعدة على إعادة صياغة نظام الأسرة المختل، وتغيير هرمية القوى في الأسرة إذا رآها مختلفة، فإذا كانت البنت أو الولد المسيطر على العائلة يجب أن يُعاد الأب إلى هرميته، فهو المسؤول الأول والأخير، فالأب يتميز بالعقلانية والأم تتميز بعاطفتها.
وأضاف أنه أحيانًا قد يحدث أن يتضخم دور الأم فتتدخل في كل شؤون أبنائها، ما يخلق ارتباطًا نفسيًا، لتتقلد دور الأب من خلال السيطرة، وقد يراه الأبناء تعويضًا عن دور الأب، وهو وضع غير مقبول، وإذا كان متعمدًا من بعض الأمهات فهو دليل على عدم اتزانها النفسي، وأنها تعاني من الأنا داخلها، وتصبح النتيجة الطبيعية وجود جو نفسي غير صحي داخل هذه الأسرة لأن ذلك يؤدى إلى تفتيت الروابط الأسرية.
صفات وراثية
وبيَّن “العليوات” أن الإنسان يورث لأبنائه من 70 – 80٪ من الصفات الجسيمة، والصفات الوراثية الداخلية، بما يُسمى “النفسية”، فعندما يمتلك الأب صفات خيرة فإنه يورثها لأبنائه، وكذلك العكس، وعلى الأب أن يقوي رابطة الاتصال في محيطه العائلي.
وذكر أن المشكلات الزوجية المستقبلية، ما هي إلا نتاج الطفولة المبكرة، أو العيش داخل هذه الأسرة، أو المجتمع، لأن الطفل يرى هذه الصراعات الداخلية بين والديه، وبالتالي ينتج هذا الشرخ النفسي، فيتكون لديه سلوكيات؛ الضرب، والعصبية، والتنمر وغيرها.
وأشار إلى أن الخلافات الأسرية قد تكون عاملًا مؤثرًا في بناء شخصية الأبناء وسلوكياتهم، لهذا يجب أن يكون هناك رابط عاطفي بين الزوجين ليثمر عند الأبناء، فيكون المصدر للإشباع العاطفي لجميع الأسرة.
ما قبل الزواج
ومن خلال عرض مقطع فيديو، أوضح ملخص الأسباب والمشاكل التي يمر بها الزوجان، ومن ضمنها العلاقات الزوجية، وأنه يجب عليهما معرفة الحياة الزوجية وأسرارها قبل الزواج، وأن الطلاق أصعب من الزواج لما له من تداعيات نفسية تؤرقهم طوال حياتهم.
قانون الإرشاد
كما بيَّن “العليوات” أهداف الإرشاد الأسري، وأنه إحدى الوسائل الإصلاحية في المجتمع التي يحرص عليها العديد من الناس، سواءً من المختصين أو غيرهم، كما أنه عملٌ اجتماعي، وتفاعلي، يتواصل فيه الفرد مع المجتمع بشكل إيجابي مثمر، ويمارس فيه دورًا اجتماعيًا له أهميته في نفسه وذاته ومجتمعه.
وشدد على أهمية احترام حقوق الناس وكرامتهم وتوجيههم نحو الحلول الصحيحة، وأنه يجب المحافظة على سرية الناس وسرية الملفات، فالإرشاد أمانة ونصيحة وتوجيه وليس نشر أسرار الناس، لأنها من أهم الأمور في البحث الاجتماعي.
وحذر من تخطي العلاقات المهنية بأن لا تتعدى حدودها في العلاقة الإرشادية فتتحول إلى علاقات عاطفية، فأحيانًا تسقط الحالة وأحيانًا يسقط المستشار، وهنا تكون الكارثة.
تتبع الحالات
وعرض للمتدربين بعض الحالات الأسرية، والتي تمت معالجتها تحت استشارته، وكيفية تتبع الحالة منذ بداية الاستشارة وجمع المعلومات عنها عن طريق؛ الانطباع الأول، والمستوى الثقافي، ومعرفة نوع الحالة، والاسم والعمر، ومكان الإقامة، ومدة العلاقة الزوجية، والمستوى التعليمي، والمهنة وأوقاتها، والمستوى الوظيفي، والمادة الاجتماعية، والحالة الشخصية، والسلوكية، والدينية، والمادية، والصحية، والنفسية، والجسدية.
وشدد على ضرورة معرفة أعراض المشكلة وتاريخها، ونوع العلاقات الأسرية، وعدد الأبناء، والصحة النفسية والجسدية، وقوة العلاقات العائلية وغيرها.
مسار إجباري
وشرح “العليوات” المركبات الثلاث للعلاقة الأسرية السليمة، والتي ترتكز على التفكير، والمشاعر، والسلوك، مشيرًا إلى أنه من خلالها يستطيع الإنسان أن يُحدد مساره الأسري الإيجابي، فعندما تُحدِّث نفسك بأفكار سلبية حتمًا سيكون نتاجها سلبيًا على مشاعرك، ونفسيتك، وجسدك، ولكن عندما تُحدِّث نفسك بالأفكار الإيجابية ستتولد لديك أفكار إيجابية، وسيكون نتاجها على نفسك وجسدك إيجابيًا، وقال: “الإنسان مجموعة مشاعر، وكثير من مشكلات الإنسان في حياته تكون بسبب مشاعر غير مناسبة أو بسبب استجابات الإنسان نفسه لا يقبلها”.
تدريب تطبيقي
واختتم البرنامج بالتدريب التطبيقي لعشر من الحالات الأسرية ومناقشتها، وقد كانت نتائجها إيجابية من حيث؛ الأفكار، والتجربة، والخبرة، والثقافة.
وعي
وأظهرت المداخلات وعي الحضور بشكل عام، والمهتمين بشكل خاص، فأكدت الاختصاصية الاجتماعية فاطمة عبد المنعم آل عبد النبي خصوصية كل حالة على حدة، وأن ما يناسب حالة معينة لا يناسب الأخرى.
وقدمت المرشدة الأسرية هدى البقشي عددًا من الحلول الاسترشادية منها؛ محاربة الملل الذي يحصل بين الزوجين مع مرور الزمن، بإيجاد أنشطة جديدة، سواء منفردين أو مشتركين فيها، وممارسة الهوايات المختلفة، فهذا قد يساعد على تجديد علاقتهما، ووضع حدود عائلية لكل منهما لمنع تدخل عائلتهما في أمورهما الحياتية، والحرص على أن يستمع كل واحد منهما للآخر قدر الإمكان، وتخصيص وقت للحديث معًا ويفضل بعيدًا عن أعين أطفالهما حيث يمكنهما مناقشة واستعراض أي موضوع بحب وهدوء.
واعتبرت المرشدة الأسرية نعيمة آل حسين أن التركيز دائمًا على عيوب الشريك سيجعلكم تتخيلون أنكم خاليون من العيوب، وهذا بالطبع غير صحيح، فلكل إنسان عيوبه، ومحاسنه، فكونوا واقعيين وصادقين مع أنفسكم وانظروا إلى الأمور بكل واقعية وصدق، وقوموا بمبادرات تدفع الشريك إلى التغيير، وكذلك اعتماد المرونة والتسوية للوصول إلى نقاط مشتركة.