حذّر الاستشاري النفسي عبدالفتاح السعود من ترك الغيرة الزوجية دون علاج لأنها قد تتسبب في وقوع العنف على الأبناء، مؤكدًا أن ذلك وارد جدًا، وأشار إلى أن العنف الواقع على هؤلاء الأطفال جراء الغيرة الزوجية يتنوع بين عنف لفظي، وجسدي، وقد يصل لقتل الطرف الآخر، أو أحيانًا لقتل الأطفال؛ إذا كان الشك من الرجل أنهم “أطفال الخيانة”، وأحيانًا من طرف المرأة كتعبير عن الانتقام.
وذكر السعود أن علاج مثل هذه الحالات غالبًا ما يتوجب فيها أن تعرف أسرة المريض حالته وتتفهمها، وتعي طبيعة المشكلة فيها، وتدرك أن هذه الحالات تحتاج للتنويم في أقسام نفسية، والخضوع للعلاجات طويلة المفعول، والمتابعة الدورية في العيادة، كما قد يحتاج الأمر لتدخل الشرطة في القضايا الجنائية.
جاء ذلك في محاضرة “الغيرة الزوجية.. متى تكون اضطرابًا؟” والتي قدمها السعود لـ40 رجلًا وسيدة في قاعة الحوراء مساء يوم الاثنين 30 ديسمبر 2019م، بتنظيم من اللجنة النسائية لجمعية العوامية وبالتعاون مع مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية.
وبدأ السعود المحاضرة بتمهيد عن الاضطرابات النفسية حيث يعتبر البعض كل مريض نفسي مجنونًا، وهذا غير صحيح حيث إن الاضطرابات النفسية مثلها مثل الاضطرابات في كل الأمراض الأخرى في الباطنية أو الأطفال أو العيون أو النساء ففيها تنوع في التشخيصات وتنوع في الشدة ودرجة الاستجابة وغيرها.
وتناول الغيرة الزوجية من جانب كونها اضطرابًا ضلاليًا مبتعدًا عن الجانب الاجتماعي فيها، ومفرقًا بين الفكرة الضلالية والوساوس حيث تكون الضلالة عبارة عن فكرة خاطئة يكون الاعتقاد بها راسخًا غير قابل للتشكيك ولا يشاركه فيها الآخرون، بينما الوساوس فكرة ذاتية يدرك صاحبها أنها غير صحيحة ولكنها تتكرر، عليه ولا يتمكن من التخلص منها وتسبب له قلقًا.
وأشار إلى أن للاضطراب الضلالي أنواعًا ومنها النوع الخاص بالغيرة الزوجية، وهو يحصل للجنسين لكن النساء أكثر عرضة للإصابة به من الرجل بنسبة بسيطة، وتحدث غالبًا في منتصف العمر؛ أي في الأربعينات وأكثر.
وتناول السعود مسببات الاضطراب الحيوية والاجتماعية والنفسية، وتطرق للتشخيص والشروط الواجب توافرها له، مع عرض الصعوبات التي قد تصادف مثل هذه الحالات كصعوبة حضور المريض للعيادة النفسية، وعدم قناعة المريض بتناول العلاج وصعوبة متابعته من عائلته، واستخدام التكتم وعدم الإفصاح عن الأفكار التي بداخلهم، وكون المريض طبيعيًا في كل الجوانب.
وأشار إلى طرق العلاج التي تراعي الجوانب المتعددة كعوامل لحصول الحالة في الخطة العلاجية في الجانب الاجتماعي والنفسي والحيوي وأيضًا الجانب الديني، مع التثقيف النفسي بالحالة للمريض ولأسرته خصوصًا شريك الحياة وتوعيته بكيفية التعامل معه ومعرفة بداية أعراض الانتكاسة وغيرها.
يُذكر أن محاضرة الغيرة الزوجية كانت ختام محاضرات عام 2019م، باللجنة النسائية بجمعية العوامية والتي كان فيها تعاون مع مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية التي بلغت بهذا التعاون 80 لقاء ومحاضرة لتثقيف المجتمع في الجوانب الأسرية والنفسية والاجتماعية وغيرها.