النظر الحرام

قال الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} صدق الله العلي العظيم… [سورة النور].

حث الإسلام على غض البصر باعتبار أن العين إحدى أسرع الحواس إلى الحرام، إن لم يحسن الإنسان غض البصر، وإن لكل عضو في بني آدم نصيب من الزنا، فالعين زناها النظرة المحرمة، والله مطلع على خائنة الأعين.

اهل البيت (عليهم السلام) حثوا على غض البصر، وأثار غض البصر، وكذلك حلاوة غض البصر وعواقب عدم غض البصر.

ورد بالقرآن الكريم:
{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [سورة غافر]…

قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
“قسم أرزاقهم. وأحصى آثارهم وأعمالهم، وعدد أنفاسهم، وخائنة أعينهم، وما تخفي صدورهم من الضمير”. [نهج البلاغة]…

العيون مصائد الشيطان:

١- الغفلة والهوى:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
“إياكم وفضول النظر، فإنه يبذر الهوى، ويولد الغفلة”. [ميزان الحكمة]…

٢- الانشغال عن ذكر الله:
عن الإمام علي (عليه السلام):
“ليس في البدن شيء أقل شكرا من العين، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر الله عز وجل”. [الخصال]…

٣- الغفلة عن العاقبة:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“اذا أبصرت العين الشهوة، عمي القلب عن العاقبة”… [ميزان الحكمة]…

٤- فتنة الشهوة:
عن الإمام الصادق (عليه السلام):
يا بن جندب إن عيسى ابن مريم عليه السلام قال لأصحابه:
“إياكم والنظرة، فإنها تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه، ولم يجعل بصره في عينه”. [جامع أحاديث الشيعة]…

٥- منبت الفسق:
عن نبي الله عيسى (عليه السلام):
“إياكم والنظر إلى المحذورات، فإنها بذر الشهوات ،ونبات الفسق”. [ميزان الحكمة]…

عن الإمام الصادق (عليه السلام):
“كم من نظرة أورثت حسرة طويلة”. [ميزان الحكمة]…

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“من أطلق ناظره أتعب حاضره، ومن تتابعت لحظاته، دامت حسراته”. [ميزان الحكمة]…

وعنه (عليه السلام):
“من أطلق طرفه كثر أسفه”. [ميزان الحكمة]…

لا شك أن غض البصر يورث القلب نورا وإشراقا، فيظهر ذلك في العين والوجه والجوارح.
فكل من غض بصره تجد في وجهه نورا ،وأصبح في قلبه نورا.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“من عفت أطرافه قل أسفه وأمن تلفه”. [مستدرك الوسائل]…

كذلك غص البصر يورث الفراسة فإنها ثمرة نور البصيرة:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):
“غضوا أبصاركم ترون العجائب”. [مستدرك الوسائل]…

إن غض البصر يفتح لك طرق العلم وأبوابه، ويسهل لك أسبابه:

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفة المتقين:
“غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم”. [نهج البلاغة]…

إن غض البصر يمنع وصول السهم المسموم إلى القلب:

قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
“النظر سهم مسموم من سهام إبليس. فمن تركها خوفا من الله. أعطاه الله إيمانا. بجد حلاوته في قلبه”. [ميزان الحكمة]

وعنه (عليه السلام):
“إن غض البصر يخلص القلب من سكر الشهوة، وركدة الغفلة”. [عيون الحكم والمواعظ]…

عن الإمام علي (عليه السلام):
“نعم صارف الشهوات غض الأبصار”… [عيون الحكم والمواعظ]…

وأيضا غض البصر يورث القلب سرورا وفرحة وانشراحا أعظم من اللذة والسرور الحاصل من النظر المحرم.

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
“ما من مسلم ينظر امرأة أول رمقة، ثم يغض بصره، إلا أحدث الله تعالى له عبادة يجد حلاوتها في قلبه”. [كنز العمال]…

وعن الإمام الصادق (عليه السلام):
“من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء، أو غض بصره، لم يرتد إليه بصره حتى يزوّجه الله من الحور العين”. [وسائل الشيعة]…

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“من غض طرفه، أراح قلبه”. [مستدرك الوسائل]…

ذم اللهو من النظر:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“إن المؤمن إذا نظر اعتبر، وإذا سكت تفكر، وإذا تكلم ذكر
والمنافق، إذا سكت سها، وإذا تكلم لغا” [تحف العقول]…

يقول نبي الله يحيى (عليه السلام):
“الموت أحب إلي من نظرة لغير واجب” [مستدرك الوسائل]…

من هو الذي يكون النظر له عبادة؟
وفي مقابل النظر الحرام، أشارت بعض النصوص إلى أن هناك أمورًا يعتبر النظر إليها عبادة.

عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
“النظر إلى العالم عبادة، والنظر إلى الإمام المقسط عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة عبادة، والنظر إلى الأخ توده في الله عز وجل عبادة” [الأمالي]…

عقوبة من ملأ عينه من الحرام:

إن النظر الحرام يغضب الله تعالى:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
“من ملأ عينه من حرام، ملأ الله عينه يوم القيامة من النار، الا ان يتوب ويرجع). “مستدرك سفينة النجاة”

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
“اشتد غضب الله عز وجل على امرأة ذات بعل، ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها” [مستدرك سفينة النجاة]…

ما الذي يستعان به على غض البصر؟

الأحاديث الشريفة أخبرتنا أن الخوف من الحساب، وعظمة الله في قلب الإنسان، هما الأمران اللذان يجب على الإنسان تقويتهما في نفسه، ليكونا ملاذه من الوقوع في النظر المحرم.

عن الإمام الصادق (عليه السلام):
“ما اعتصم أحد بمثل ما اعتصم بغض البصر، فإن البصر لا يغض عن محارم الله، إلا وقد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة والجلال”
[مستدرك الوسائل]…

قصص فيها عبرة وعظة:

العبرة الأولى:
جاء في الرواية عن أهل البيت (عليهم السلام):
أن رجل وهو في الطريق لزيارة الإمام الصادق (عليه السلام)، قد مرت أمامه جارية فنظر إليها نظرة محرمة، نظر إليها بتلذذ وشهوة..
وعندما زار الإمام (عليه السلام) وانتهى من الزيارة، وقام من مجلس الإمام الصادق (عليه السلام)، همس الإمام في أذنه وقال له:
إن شيعة جعفر، لا ينظرون للنساء في الطريق.
فقال الرجل: أعتذر منك يابن رسول الله
قال له الإمام: اذهب وتب إلى الله.

العبرة والموعظه الثانية:
يقول رجل صاحب دكان، كانت تأتيني بنت شابة جميلة وتشتري مني بعض المواد الغذائية، وكنت أنظر إليها نظرة محرمة، وفي يوم من الأيام جاءت في وقت مناسبا جدًا، إذ كان الدكان فارغًا من الناس، يقول فأسرعت إلى هذه البنت وأخذت في تقبيلها وحاولت أن أتعدى إلى شيء آخر ولكنها كانت عفيفة وهربت مني.
يقول في المساء رجعت إلى البيت، ورأيت ابنتي الشابة تبكي فسألتها ما الذي حصل مما تبكين
فقالت: يا أبي، نحن كل يوم يأتينا سقاء الماء، فكان كل يوم يضع لنا الماء وكان ينظر إلي نظرة مخيفة..
ولكن اليوم بعد وضع الماء أسرع إلي وأخذ بقبلني وحاول أن يصنع ما يصنع، ولكني هربت منه.

فأطرق الأب برأسه إلى الأرض. وذهب إلى أحد العلماء وقص له الحادثتين.
فنظر إليه العالم وقال:
“إنها دقّة، بدقّة، ولو زدت لزاد الساقي”.

ونستفيد من هذه القصص والعبر أنك عندما تنظر إلى أعراض الناس، ينظر إلى عرضك.

البعض للأسف الشديد لا يقتنع بآية أو رواية، فنحن نخاطبه بالغيرة التي وجدت عند الإنسان. فلو أن شخصا نظر إلى أختك أو زوجتك أو أمك نظرة محرمة ما الذي سوف تصنعه في هذا الموقف؟
طبعا ستقول هذا عرض وساصنع كذا وكذا.
إذا الناس كذلك عندهم غيرة على أعراضهم، “وكما تدين تدان، ويوم لك، ويوم عليك”.

وأنا أتكلم بألم عن شبابنا وشباتنا فالقضية خطيرة جدا هذه الأيام، علاقات محرمة عبر التواصل الاجتماعي، لماذا هذا الطريق المحرم؟ وقد أعطاك الله طريق الحلال، لماذا تذهب للحرام؟

وأيضا أيها الآباء أيها الأمهات سهلوا أمور الزواج، فالمجتمع أصبح فاسدا أخلاقيا، فالشاب يقول لا أستطيع أن أتزوج لا أملك هذه المبالغ لزواج، فإذا عص الشاب والشابة، فأنتم أيها الآباء والأمهات السبب لأنكم لم تسهلوا أمور الزواج.

نسأل الله تعالى أن يزوج كل شاب وشابة وأن يرزقهم الذرية الصالحة.


error: المحتوي محمي