علامات أهل الجنة

قال الإمام الصادق عليه السلام: “إن لأهل الجنة أربع علامات: وجه منبسط، ولسان لطيف، وقلب رحيم، ويد معطية”.

وحينما يريد الإنسان أن يعرف هل هو من أهل الجنة أم النار، فإن الجواب يأتيه من الرواية التي افتتحنا بها، وهي أن لأهل الجنة علامات، وهذه العلامات التي سوف نتكلم عنها إن شاء الله بشيء من الشرح المبسط هي:

أولاً: وجه منبسط:

ووجه منبسط: أي وجه باسم الثغر، متهلل مع كل من يلقاه، سواء تربطه به علاقة، أم لا، كبيراً أم صغيراً، ولهذه العلامة ثمار للإنسان في الدنيا والآخرة.

عن الإمام الباقر عليه السلام قال: “تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرفه القذى عنه حسنة، وما عبد الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن.

وقد روي في أخلاق الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لما كانوا يدخلون عليه، وبعد خروجهم يعتقد كل واحد منهم أنه أحب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نتيجة البسمة والتهلل الذي في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله.

والوجه المبسط لا يحتاج إلى جهد، فينقل عن أحد الأطباء: إن أربعة عشر عصبا في وجه الإنسان، تستعمل عند الضحك، أما العابس، فهو يحتاج أن يستعمل أكثر من أربعين عصباً.

فلنحاول أن نكون ذوي وجوه منبسطة حتى لو كان هناك في القلب أحزان.

فعن أمير المؤمنين عليه السلام: “المؤمن حزنه في قلبه، وبشره في وجهه”.

ثانياً: لسان لطيف
أي بعيد الخوض عما حرم الله سبحانه وتعالى، كالغيبة ،والنميمة والبهتان، أو لا يخوض في كلام لا ينفعه في الدنيا والآخرة، كفضول الكلام.

قال الله تعالى: {كلمة طيبة كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}.

والكلام الطيب محبوب عند الله عز وجل وعند أهل البيت عليهم السلام.

عن أمير المؤمنين عليه السلام: “إن الكلام يعبر عن مستودعات الضمائر، ويخبر عن مكنونات السرائر، فرحم الله من قال خيراً، أو سكت فسلم”.

كما أن الكلام الطيب يطيل العمر وينمي الرزق.

عن الإمام زين العابدين عليه السلام قال: “القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، ويطيل في الأجل، ويحبب إلى الأهل، ويدخل الجنة”.

قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: “والذي نفسي بيده، ما أنفق الناس نفقة أحب من قول الخير”.

ثالثاً: قلب رحيم
والقلب الرحيم: هو القلب الذي يتصف بالرقة، والإحسان.

فالقلب الرحيم يشارك الآخرين آلامهم، ويحاول أن يخفف عنهم الآلام.

والقلب الرحيم طريق إلى الرحمة الإلهية.

فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: “من ترحم على العباد، يرحمه الله”.

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له: “أحب أن يرحمني الله؟”، فقال النبي صلى الله عليه وآله: “ارحم نفسك، وارحم خلق الله يرحمك الله”.

ولكي نحصل على القلب الرحيم والذي يتألم لآلام الآخرين، علينا أن نترك ونتجنب الأعمال التي تورث قسوة القلب، ككثرة الذنوب، وأكل الحرام، وكثرة المزاح، والضحك، واستماع اللهو واللغو، وخاصة استماع الغناء.

وأن نعمل بالصفات التي تورث صفة الرحمة، كالحضور في مجالس العزاء، ومساعدة الأيتام، وقراءة القرآن الكريم، وذكر الموت.

رابعاً: يد معطية
أي معطية ومنفقة في سبيل الله تعالى، وفي إحياء شعائر الإسلام، وهي صفة تضاعف الأجر وترفع المنزلة عند الله تعالى.

قال الله عز وجل: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، كمثل حبة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء، والله واسع عليم}.

وقال تعالى: {فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا، لهم أجر كبير}.

قصة للعبرة:
كان أحد الموالين يأتي إلى المدينة المنورة، ويبقى مدة من الزمن عند الإمام الصادق عليه السلام، لكنه قرر شراء دار له في المدينة لكي لا يثقل على الإمام حينما يأتي إلى المدينة.

فقدم للإمام عشرة آلاف دينار ليشتري له بيتاً قريباً في المدينة، فوافق الإمام على طلبه، وسافر هذا الموالي إلى وطنه.

فبدا الإمام بتقسيم ذلك المبلغ من المال على الفقراء والمساكين في المدينة حتى نفد المال جميعه.

بعد مدة من الزمن، سأل الإمام عن تلك المعاملة التي بينهما، فقال له الإمام: “هذه حجة منزلك في الجنة، والذي لا زوال له، ولا فناء، وإن حدوده كالآتي: حد من حد جدي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وحد مع جدي المرتضى علي بن أبي طالب عليه السلام، وحد مع جدي الحسن عليه السلام، وحد مع جدي الحسين سيد الشهداء عليه السلام”.

وقد أمضى الإمام الصادق عليه السلام، في آخر الورقة، ففرح هذا الموالي كثيراً ورفع يديه بالدعاء للإمام عليه السلام.

وعند رجوعه إلى وطنه مرض في تلك السنة وأوصى بأن تدفن معه تلك الحجية في قبره.


error: المحتوي محمي