امرأة من زمن تايتنك!

حزمت النادلة الأرجنتينية (فيولا ياسو) أمتعتها وصعدت سفينة التايتنك، لم تربط الأحداث السابقة بأحداث لا تعلم عنها شيئًا ولم تصبها لعنة العقدة.

فقد سافرت على متن أولمبيك وغرقت ثم سافرت على متن العملاقة بريطانك وأصابها لغم حراري وأخيرا سافرت على متن التايتنك وانشطرت غرقًا ونجت بأعجوبة للمرة الثالثة من موت مُحتّم.

‏الغريب أن الشركة المصنّعة للسفن الثلاث هي شركة واحدة.

‏والذي أدهشني في هذا الحدث هو قوة فيولا وتنقلها المبدع بين السفن دون خوف.. لقد وضعت نفسها خارج دائرة الهلع، لم يتسرّب لعقلها شعور العقدة، ولم يقيدها الحدث المفزع لتربطه بأحداث أخرى.

‏هذا هو القرار الحازم الذي يخلصك من دوامات الخوف المزعجة.

‏تعمل فيولا نادلة وتنقّلها دون خوف أكبرها في نظر الكثيرين لأنها قوية لم تخفْ. كانت تواجه الموت في البحار وسط العواصف العاتية حيث لا مفر من الموت.

ف‏شجاعة امرأة، ولا خنوع أخرى وعدم تحملها مصاعب الحياة وهزيمتها من أول جولة.

إنّ التوكّل على الله تعالى يحمي المؤمن من خطوات التردد وعدم الإنجاز.

“ولأنني لم أُوفق في أمرٍ ما سيرافقني الفشل ما حييت!”…

عبارة كثيرًا ما تتردد على مسامعنا، نِتاج خذلان موقف، أو فشل مُني به أحدهم فجلس حبيس نفسه وحجم عن مبادرة أخرى.

يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): “من أحبّ أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله”…

إننا لم نرَ أحدًا نجح من أول خطوة خطاها كما أن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى نهاية السلّم إلا بخطوات موزونة مرورًا بجميع الدرجات، حتى إن كان حذرًا فالتعثر وارد، وخيبات الأمل يمسحها العمل الجاد الذي تزينه الإرادة الصلبة.

اترك العبارات الأمليّة خلف ظهرك – إذا لم تعجبك – وجابه حياتك بعمل صامد وقرار قطعي بالوصول وسوف تصل لمبتغاك، بشرط ألا تقف في وسط الطريق ولا تقل:
“تعقّدت من هذا الأمر ولن أحاول مُجددا قد نفد صبري”.

إن الإفراط في الثقة بالنفس أمرٌ محببٌ يُخوّل للإنسان معرفة جيدة بنفسه ويجعل من حوله يثقون به كشخص مُلهم ليجلب لهم العدوى، ولنعْم العدوى هي!

ننتظر أملًا سعينا خلفه، وتراودنا إرادة الله تعالى ونركض خلف وعده.

نرفع خافق العمل ولا نتكل على المنى فقط؛ لأنها بضائع الموتى.

فسبحانه عزّ وجل لا يخلف وعده:
{وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ} [النجم: ٣٩]…


error: المحتوي محمي