النظافة هل مازالت… ثقافة

مع تحسن الأجواء هذه الأيام ولطف نسمات الهواء الباردة يجنح الناس لهجران جدران المنازل المصمطة والخروج من أجل الاستمتاع بلحظات طال انتظارها خصوصا مع طول فترة الصيف هذا العام.. من ضمن ملامح فصل الشتاء صحبة الأحباء والأهل لمشاركة لحظات جميلة وسمرات يتخللها طول الليالي وتحفها الأحاديث حول نار هادئة تضيف دفئًا للمشاعر. أماكن كثيرة تفتح ذراعيها لاستقبال الناس هذه الأيام لكن من أشهرها الواجهات البحرية، الحدائق وكذلك البر له عشاقه.

هناك سؤال يطرح نفسه هل تم تهيئة هذه الأماكن لاستقبال أناس اشتاقوا لمعانقة تفاصيلها ولجلساتها؟ أعتقد ان البلديات لم تفنِ جهدًا في تجهيز وتنظيم وتهيئة الأماكن العامة من أجل راحة المواطن وتوفير خدمات تساعد في الاستمتاع بهكذا أماكن من ضمنها خدمات النظافة. لكن من الملاحظ وما يلفت النظر تشكل تلوث بصري غطى هذه الأماكن من قمامات تضمنت جميع الأنواع والأشكال كأنها غطاء أخفى معالم جمال هذه الأماكن. كما هو معلوم لنا أن النظافة لم تعد عادة أو رفاهية بل أصبحت مرآة تعكس ثقافة المجتمعات ومقياسًا لمدى وعيها وإدراكها أهمية هكذا أسلوب للحفاظ على البيئة.

ما المانع من عدم ترك المكان مثلما كان أو أفضل ليستأنس به أناس غيرنا؟ صدقوني إنها مسالة بسيطة جدا لكن يجب تكاتف الأفراد من أجل أن تصبح ثقافة مجتمع. فعندما ندرك كأفراد أن المحافظة على نظافة الأماكن العامة دليل وعي ثقافي وعدم أنانية وعشق لوطن يجمع الجميع فسوف ندرك مدى أهمية عنصر النظافة في تنمية هذه المشاعر. أصبحت بعض أماكن التنزه العامة في بعض المناطق منفرة وطاردة للناس لعدم صلاحية البقاء الآدمي فيها.

واقعنا الحالي يقول إن بعض الجاهلين فكريا جعلوا من الأماكن العامة مكبات للنفايات بشتى أنواعها. فقتلت روح المكان من حيث لا تعلم وشوهت جماله. بعض الأماكن اختفت معالمها فلم تعد بتلك الملامح الممتعة للحواس. قذارة متعددة الأشكال متناثرة هنا وهناك رابضة في زوايا المكان تنتظر زوارها من القوارض والحشرات لتفسد كل أوجه الجمال لمكان كان يحكى عنه أنه كان موطنًا لكل مؤنس للروح. دورات مياه معدومة في بعض الأماكن وفي بعضها غير صالحة للاستخدام الآدمي.. مناطق برية اكتست على مدى البصر ببساط من القمامه لم يفعلها الحيوان للأسف إنه الإنسان ذو العقل والوجدان. بعض الأماكن العامة فعلًا تتعجب محاطة بسلات القمامة كأنها سوار محيط بمعصم ومع ذلك ترى الإصرار على تلويث وتشويه المكان.

لنعتبر أنفسنا أصحاب المكان ولنعكس ثقافتنا الدينية والاجتماعية والتربوية في إطار المساهمة في ديمومة النظافة لمثل هكذا أماكن دأب الناس على البحث فيها عن لحظات استرخاء. فعلا خرجت كلماتي لهول ما رأت أعيننا ويمارس دون خجل ولا حياء ولا احترام حقوق الآخرين. لننشر السعادة بدلًا من الكآبة وروح الحياة بدلًا من الموت في هذه الأماكن فهي أنشئت لهدف تجديد أرواحنا وبث أنفاس نقية في داخل جسد منهك من حياة أرهقتنا بمشاغلها. فنحن من كنا صغارًا نتعلم ونكرر أن النظافة من الإيمان والوساخة من الشيطان وبكل براءة كنا نفضل أن نصبح من أصحاب الإيمان بدلًا من أصحاب الشيطان فلنجعل تلك العبارة البسيطة أمام أنظارنا ونورثها للأجيال القادمة بكوننا قدوة لهم بإشراكهم في فعاليات ومبادرات تنمي هكذا ثقافة…..


error: المحتوي محمي