أوضح الاختصاصي عقيل شعيب اختلاف الإستراتيجيات المعرفية عن إستراتيجيات التعلم، مشيرًا إلى أن تلك الاختلافات تكمن في درجة العمومية؛ بمعنى أن المعرفية أكثر عمومية من إستراتيجيات التعلم، كما أنها تتعلق بكيفية اكتساب المعلومات، واستخدامها بأكثر الأساليب فاعلية في التعلم، والاحتفاظ، والاسترجاع، والتوليف، والاشتقاق، والتوليد، وتوظيف المعلومات.
وفي المحاضرة التثقيفية التي نظمتها جمعية البر الخيرية بسنابس تحت عنوان “الإستراتيجيات المعرفية في التعلم والتعليم”، يوم الاثنين 9 ديسمبر 2019، قدم الاختصاصي شعيب منهجًا أكاديميًا للتربويين والمختصين في العملية التعليمية.
وتناول في اللقاء تعريف الإستراتيجية المعرفية، ونماذجها، والإستراتيجيات المعرفية المتعلقة بالمتعلم، وآليات تفعيل الإستراتيجيات المعرفية في التدريس العلاجي، مع توضيح المبادئ العامة للتدريس العلاجي.
الإستراتيجية المعرفية
استهل “شعيب” حديثه بتعريف مفهوم الإستراتيجية المعرفية، الذي عبر عنها جرينو بأنها التخطيط والمعالجة العقلية والمهارة الفاعلة لتحقيق الأهداف، وأنها تباين الأفراد في القدرة المعرفية وطريقة الأسلوب لدى الفرد.
وبين أن الإستراتيجية المعرفية تختلف عن إستراتيجيات التعلم في درجة العمومية؛ بمعنى أن الإستراتيجيات المعرفية أكثر عمومية من إستراتيجيات التعلم، والتي تعرف بأنها “المهارات والأساليب التي يستخدمها الفرد في معالجة مواقف التعلم، والمتعلقة بكيفية اكتسابه المعلومات، واستخدامه لها بأكثر الأساليب فاعلية، في التعلم والاحتفاظ واسترجاع وتوليف واشتقاق وتوليد توظيف المعلومات”.
نماذج
وقدم نماذج الإستراتيجيات المعرفية باعتبارها تلك التكنيكات التي يتحكم بها الفرد شعوريا، ويقوم بتوظيفها في التعلم والحفظ والتذكر والتفكير والابتكار وحل المشكلات وتجهيز ومعالجة المعلومات، وهذا التعريف ينطوي على: نموذج أنشطة ما قبل التعلم: مثل التهيؤ العقلي، ونموذج أنشطة التعلم كالتسميع والتنظيم، والفهم، والتلخيص، أو رسم الخرائط المعرفية، أو التنظيمات الهرمية، أو استخدم المصفوفات، أو الترابط، والتمايز، والتكامل، بين مختلف مصادر المعلومات المتاحة، أما أنشطة ما بعد التعلم: كاستيعاب أو اشتقاق معاني أو دلالات جديدة أو ربط المادة المتعلمة بما هو ماثل في البناء المعرفي للفرد.
الانتباه
وأوضح أنه يقصد بالإستراتيجيات المعرفية المتعلقة بالانتباه؛ الآليات المعرفية التي من خلالها يمكن استثارة انتباه الفرد، واستمراره على الجوانب المتعلقة، وتجنبه العوامل غير المتعلقة، خلال الأداء على مختلف المهام، وهنا يتعين على المعلم تحديد الإستراتيجية المعرفية المتعلقة بالانتباه التي يمكن تطبيقها في الحصة الدراسية، ويشمل الانتباه: الصوت، والصورة، والأسئلة، والإيقاع، وتعدد الحواس، واللون، وإدراك العلاقات، والتفكير، والربط.
الاسترجاع
وأكد أن الاسترجاع يتم بطريقتين؛ بالاستدعاء وهو استرجاع المعلومات والخبرات أو الذكريات مع ما يصاحبها من ظروف الاستدخال، أو المكان، أو الزمان، أو الاحتفاظ، التي تأخذ مجراها، بحيث تتداعى في غياب المثير الأصلي، ويعتمد الاستدعاء من حيث هو صورة من صور التذكر؛ على الصيغ الذهنية التي تنقل المعنى الرمزي للمثير الأصلي خلال عملية الاستدخال والحفظ.
الترميز
أما الترميز فعرفه بأنه العملية التي بمقتضاها يتم ترجمة المعلومات، وتشفيرها ذهنيا، خلال مراحل المعالجات المختلفة لتجهيزها، حيث يتم ترميزها طبقا للوسيط الحسي، أو المعنى، والدلالة أو الوظيفة، أو التداعيات التي تستثيرها في ضوء الوسيط الإدراكي لاستدخالها.
وأضاف: تتأثر عمليات الترميز على اختلاف أنماطه لدى ذوي التربية الخاصة بدرجة حدة الصعوبات والإدراك البصري والسمعي والحركي ومدى تكامل النظم الإدراكية حيث يمكننا تقرير أن هذه الصعوبات النمائية المنشأ تقف خلف مشكلات الترميز.
إستراتيجية التسميع
وغاص “شعيب” في الربط بين المعلم والمتعلم، وأوضح أن “إستراتيجية التسميع” يعرفها سيرلنج بأنها عمليات تدريب المفحوص على ترديد المعلومات ترديدا لفظيا أو بصريا، كي يتم ترميزها في الذاكرة قصيرة المدى، وانتقالها إلى الذاكرة طويلة المدى، حيث تزيد عمليات التسميع من قوة تسكين المعلومات فيها والاحتفاظ بها.
وتابع:” تعتمد كفاءة عمليات الاحتفاظ بالمعلومات على ديمومتها واسترجاعها على مدى تشبع هذه المعلومات بالمعاني ذات الدلالة بالنسبة للفرد من ناحية ومدى قدرة المتعلم على إحداث ترابطات قصدية بينها وبين بنائه المعرفي من ناحية أخرى”.
وأضاف:” تعتمد على عدة متغيرات منها: سرعة التسميع، وطبيعة المعلومات ومدى مألوفيتها بالنسبة للبناء المعرفي للفرد، وخصائص الفرد العقلية والمعرفية، ومدى تشبع المعلومات بالمعاني ذات العلاقة، فإستراتيجية تسميع أو ترديد المادة موضوع الحفظ عدة مرات إلى أن يتم حفظها، تعد هذه الإستراتيجية أقل أنماط الإستراتيجيات فاعلية في الحفظ والتذكر، إذا اقتصرت على مجرد الحفظ دون ربطها بالبناء المعرفي الدائم للفرد”.
المتعلم
وأكد أن هناك تمايزًا في الإستراتيجيات المعرفية للتعلم، والتي يمكن إكسابها للطلاب العاديين وذوي صعوبات التعلم وتدريبهم عليها، حيث تمثل عدة أنماط وهي: التسميع، والتنظيم، والتفاصيل.
التنظيم
وبين أن إستراتيجية التنظيم تمثل إحدى الآليات التي من خلالها ينظم المفحوص المفردات أو المعلومات حتى تترابط لفظيا بعلاقة منطقية ذات معنى بنائي وظيفي، لذلك لها أهمية كبيرة في تيسير عمليات الحفظ والتذكر والتعلم، سواء كان هذا التنظيم ذاتيًا من قبل المتعلم نفسه، أو نتيجة لطريقة تنظيم المعلم لها.
وأكد أنه يمكن للمعلم مساعدة المتعلم على كتابة الملاحظات عن طريق عرض المعلومات بمعدل يتناسب مع استيعاب هؤلاء الطلاب لها، وإعادة نقاط الدرس المعقدة وتنظيم العلاقات بين مكوناتها، وكتابة رؤوس الموضوعات للنقاط المهمة، واشتقاق العلاقات بينها وبين المعارف السابق تعلمها، وإمداد الطالب بمذكرات كاملة لمراجعتها، والاهتمام بدعم أخذ الملاحظات كالمخططات التمهيدية.
المعرفة والتعلم والتعليم:
وذكر أن الإستراتيجيات المعرفية تختلف عن إستراتيجيات التعلم في درجة العمومية، بمعنى أن الإستراتيجيات المعرفية أكثر عمومية من إستراتيجيات التعلم، والمتعلقة بكيفية اكتسابه المعلومات، واستخدامه لها بأكثر الأساليب فاعلية في التعلم والاحتفاظ واسترجاع وتوليف واشتقاق وتوليد وتوظيف المعلومات.
وقال إن استراتيجيات التعليم تتمثل في الأساليب التي يستخدمها المعلم في تدريسه للطلاب، وتتأثر الإستراتيجيات المعرفية من حيث كفاءتها بعدد من العوامل منها ما يتعلق بالفرد، ومنها ما يتعلق بالمهام موضوع المعالجة، ومنها ما يتعلق بظروف الأداء.
محورية وتفاصيل
وذكر من الإستراتيجيات المعرفية المتعلقة بالمتعلم؛ إستراتيجية التفاصيل أو الإتقان، وإستراتيجية تراكيب الحروف الأولى للكلمات أو المفاهيم وتتمثل هذه الإستراتيجية في استخدام الحرف الأول من كل كلمة لتشكيل تركيب أو تكوين كلمات مألوفة مركبة أو جملة أو عبارة أو بيت شعر ذي معنى.
وأضاف:” إستراتيجية الكلمة المحورية: والتي تتطلب تكوين نشيد أو أغنية ذات قافية تحتوي على كلمات تعمل كأدوات ربط أو وصل، تتكرر حيث تترابط هذه الكلمات مع المفردات المطلوب تذكرها، ويردد الفرد هذه الكلمات بلحن مميز يساعده على استرجاع ما يريد تذكره، والأغنية ذات القافية من الإستراتيجيات الأكثر شيوعا واستخداما في الحفظ والتذكر لدى صغار الأطفال”.
المبادئ العامة للتدريس العلاجي
وقدم المحاضر عدة طرق مساعدة في التدريس العلاجي، منها: أن يقدم المعلم إطارًا أو توصيفًا للمقرر قبل بداية الدراسة، مذيلًا بأسئلة تساعد هؤلاء الطلاب على تحصيل مضمون الفصل أو الوحدة أو المقرر على نحو أفضل وبالكفاءة المستهدفة وفقا للمحددات المعرفية المطلوبة.
وذكر أيضًا تقسيم المقرر أو المادة العلمية إلى وحدات أو موضوعات يمكن تغطيتها بالكامل من خلال الزمن المخصص للحصة أو الدرس أو المحاضرة، مع الحرص على تلخيص النقاط المهمة أو الرئيسية لما تم تقديمه وتذييله ببعض الأسئلة الشارحة للوحدة أو الموضوع.
وأضاف لها؛ بدء الدرس بإثارة العديد من الأسئلة الواضحة المحددة، وجعل الطلاب يعبرون عن مدى فهمهم لهذه الأسئلة، وتشجيعهم على استخدام مفرداتهم عند الإجابة عن هذه الأسئلة.
تقديم نسخ من محاضراتك أو مذكراتك أو الشفافيات أو الشرائح التي تستخدمها حسبما ترى أيًا من هذه المعينات التدريسية يمكن للطلاب الاستفادة منها.
وتابع:” دعم الاعتماد على الوسيط الإدراكي المفضل من التلميذ في تقديم المادة العلمية، وتقديم الدروس الصعبة أو المعقدة على شرائط مسجلة مع إتاحتها للتلاميذ عند الحاجة، وتكييف الأسئلة بحيث تكون مكتوبة للتلاميذ ذوي الصعوبات السمعية أو الفهم الاستماعي وتكون مسموعة؛ أي تقرأ للتلاميذ ذوي صعوبات القراءة”.
آليات التفعيل
ومن آليات التفعيل للإستراتيجيات المعرفية في التدريس العلاجي؛ ربط المعرفة الجديدة بالخبرات والمعرفية السابقة: فتؤثر العلاقة بين المعرفة الجديدة والخبرات والمعرفة السابقة على مدى استيعاب المادة المتعلمة، وعلى التذكر والاسترجاع اللاحقين لها، فتعلم مادة جديدة لها علاقة بالمعرفة السابقة أسهل في تعلمها والاحتفاظ بها من تعلم جديد ليس له علاقة أو يصعب على المتعلم توليد تلك العلاقة، ففي الحالة الأولى يحدث انتقال إثر تدريب موجب، وفي الحالة الثانية يحدث انتقال إثر تدريب سالب، ومن ثم يجب على المعلم ربط المدخلات التدريسية دائما بما لدى المتعلم من معرفة سابقة.
استثارة أو إعمال المعنى: تؤثر هذه الخاصية على معدل تعميم المادة واستمرار وديمومة الاحتفاظ بها وسهولة الاسترجاع اللاحق لها، وكلما كانت المدخلات التدريسية مشبعة بالمعنى كان التعلم أكثر فعالية وديمومة وأكثر قابلية للتعميم.