في تاروت.. استشاري أسري: بعض الأزواج يلعبون «شد الحبل» في خلافاتهم الزوجية  

شبّه الاستشاري الأسري سلمان الراشد تعامل بعض الأزواج مع خلافاتهم الزوجية، بأنهم يلعبون “شد الحبل”، فكل طرف يجذب الحبل باتجاهه بكل قوة، وتوتر، وعصبية أيضًا، ولكن النتيجة في حياة زوجية تدور فيها هذه اللعبة، ليست الفوز إنما غالبا صك طلاق!

وقال الراشد: يجب أن نكون حذرين حتى لا يكون شد الخلافات سببًا في قطع حبل المودة، والسبب في الانفصال، وإنما يجب على الزوجين التذكر والتفكر بنوع العلاقة التي تربطهما، حتى لا تستعصي عليهما المشاكل ولكن يجب عليهما إيجاد الحلول.

وأوضح أن الحياة الزوجية تكمن فيها مفاهيم متعددة وأساليب حياة متنوعة، وعلى الزوجين التمسك بما لديهما من مودة حتى تُصبح الرابطة بينهما قوية، فلكل شيء حكمة، موصيًا بألا تؤخذ مشاكل الحياة الزوجية دون هذه الحكمة من وجودها، حتى لا تتناثر رابطة الزواج.

وأشار إلى قاعدة “نختلف نعم” “لكن لا نفترق” فليس كل اختلاف يؤدي إلى الفراق.

ولم تكن لعبة شد الحبل الوحيدة التي اتخذ منها الراشد نموذجًا توضيحيًا، إنما خلال المحاضرة التي نظمتها اللجنة الصحية إيلاف، التابعة لجمعية تاروت الخيرية، يوم السبت 7 ديسمبر 2019 م، وقدمها بعنوان (فن احتواء الخلافات الأسرية بنموذج الرباعية)، وأشار إلى لعبة قميص النجاة، باعتبارها النظرة الصحيحة للمشاكل الزوجية، وإعطاءها حجمها الطبيعي، وعدم تضخيمها وتعقيدها وبالنظر إلى الجانب الإيجابي في المشكلة الزوجية والتحليل الشخصي لها سيكون حلها سهلًا.

وتطرق إلى المشكلات في بداية الحياة الزوجية وطريقة نمط تفكير الزوجين وتربيتهما وعاداتهما ومستواهما التعليمي الذي قد يكون سببًا في عدم التوافق بينهما، فيجب عليهما أن يكونا متفاهمين لأساليب حياتهما حتى يستطيعا التعايش بهدوء.

وأرجع سبب المشاكل في السنة الأولى للزواج، هو ارتفاع سقف التوقعات، منوهًا بأنه يجب على الزوجين أن يضعا بالحسبان إمكانياتهما لتحقيق النتائج الإيجابية حتى لا تتسبب في الإحباطات، فالتوقع ليس هو الواقع.

وذكر أنّ أهم مسببات المشاكل الزوجية هي الملفات المفتوحة، والتوقعات والافتراءات، وأكد أن ترك فتح ملف المشاكل دون إغلاقه سبب لاستمرارها، فعلى الزوجين فتح باب الحوار والإنصات لبعضهما حتى
لا تتراكم وتتفاقم المشاكل ويحدث الانفصال.

ووجه بضرورة تعلم كيفية غلق الملفات بعد فتحها، مشيرًا إلى طريقة التصنيف للمشاكل الزوجية، والبحث عن حلولها، مضيفًا أن الكلمة الجارحة أو غير اللائقة ربما تحدث شرخًا في العلاقة الزوجية، لذلك يجب التنبه للألفاظ، كما يجب أيضًا إخفاء الانفعال وقت المشكلة، والتفكير بكل هدوء لمعالجة ما قد صدر من الطرف الآخر.

وأضاف أن الذي يُميز الإنسان هو العقل والمبادئ والاختيار، وكل هذه الأشياء تكون قوة فاعلة لبناء الإنسان، وعليه أن يتعامل معها بجد، فالعمل صفة مميزة خاصة للإنسان دون سواه، حيث إن هناك الاستدلال القرآني الذي يعنى للوصول إلى هدفية العمل ومدى صلاحيته ونجاحه لذات الإنسان ومجتمعه، الذي يتكون في سياق الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

الأعمدة الأربعة
وتحدث عن نموذج رباعية النجوم الذي يتمثل في الأعمدة الأربعة: إنسان، وأتعلم، وأفكر، وأُعلِّم، فهذه الأعمدة الأربعة أساسها العمل والتعلم، فالزواج لابد أن يُبنى على علم وبصيرة، أنا أفكر فهذا يعني أساس الإبداع وتجاوز المشكلات، وأُعلِّم فالعلم له زكاة، وزكاة العلم نشره، منوهًا بأنه يجب على الإنسان أن يسعى للعلم حتى يرتقي ويستطيع من خلال علمه أن يتخطى صعاب ومشاكل حياته الزوجية.

وأوضح الراشد أن أهداف رباعية النجوم هي: الاستثمار، والتوظيف، والاحتواء، والصبر، فهذه الأهداف تُعطي الإنسان قيمته لذاته، وتحفزه للعمل الذي يرضى، فالإنسان يتميز بعقله، وأنه له القدرة على الاختيار، ويستطيع من خلالهم احتواء المشكلة بأن يصل إلى ما يريده وذلك بالصبر عليها.

وبين أن المشاكل تحتاج إلى الوقت المناسب لحلها، وكذلك النظام، فخطوة واحدة منظمة أفضل من 10 خطوات مبعثرة، حيث إن حل المشكلة يأتي بما يتناسب معها دون تضخيمها، وللتجارب مكاسب فالحياة الزوجية بداخلها مكاسب للزوجين، المودة والرحمة، فبدونهما لا تستقيم الحياة، فهي عملية الترابط النفسي والعاطفي لهما، فالزواج ميثاق ويجب أن يكون هناك تغاضٍ وتقبل وتكيف بين الزوجين لاستمرار حياتهما، والإنجاز ما تراه عيني لا ما تعكسه مرآتك، فمشاكل الزوجين لها أوجه عدة لكل واحد منهما، فالذي يراه الزوج يختلف عما تراه الزوجة، فعلى الزوجين أن يمنحا لنفسيهما وقتًا لتبادل الحوار واحتواء مشاكلهم والتقليل منها والصبر عليها.

واختتم الراشد بالتأكيد على أن الإسلام هو المبدأ العظيم، وأن للقرآن دورًا كبيرًا في حياة الإنسان فهو المعلم والنظام الإلهي الذي يحتوي على كل الحلول لمشاكل الحياة الزوجية وغيرها، فمن باب الرحمة والمودة تتولد الطمأنينة والسكينة والتراحم.


error: المحتوي محمي