أكدت الاختصاصية الاجتماعية فاطمة عبدالمنعم أن الإحصائيات العالمية تعكس ازدياد حالات العنف، والتفكك الأسري، بسبب افتقاد السيطرة على المشاعر وضعف التعاطف وفهم الآخر، وأن التحدي الذي يواجه أي شخص هو القدرة على إدارة حياته العاطفية بذكاء.
وأوضحت أن أهمية الذكاء العاطفي تكمن في فهم وضبط مشاعرنا، والتعاطف مع مشاعر الآخرين، وأنه عندما نتدرب على ممارسة عواطفنا ومشاعرنا بالشكل الجيد، سوف نكتسب الحكمة لنقود حياتنا الشخصية والاجتماعية.
الرقي الانفعالي
وعرفت عبدالمنعم الذكاء العاطفي بأنه فهم المشاعر الذاتية بشكل واضح، وتنظيمها، من أجل مراقبة الانفعالات، والمشاعر الخاصة بالآخرين بشكل دقيق، حتى تساعد الفرد على الرقي الانفعالي.
وأكدت على ضرورة الوعي بأن العواطف سواء كانت إيجابية أم سلبية، هي نظام حماية، ومساند للإنسان، ووجدت لخدمته، فالعواطف التي نعتبرها سلبية ما هي إلا دعوة للفعل.
خطوات
وأشارت إلى أن الخطوة الأولى من الذكاء العاطفي هي تحديد ما نشعر به فعلًا، ففي الكثير من الأحيان نشعر بأننا مثقلون بالأعباء، بحيث لا نعرف ماهية مشاعرنا، فعندما نضع العواطف موضع التساؤل قد نتمكن من تخفيف حدتها والتعامل معها بسرعة وسهولة، والخطوة الثانية هي أن تتقبل عواطفك وتفهمها، وأنت تدرك أنها سند لك، وهكذا ستوقف الحرب التي كانت تعمل في داخلك، وتبدأ لاستحداث حلول.
وقالت: “عندما تشعر بالإحباط غير نهجك لكي تتحقق أهدافك، فالإحباط يأتي في وقت نشعر فيه كأننا محاطون بالحواجز في حياتنا، بحيث نقوم ببذل جهود باستمرار دون أن تلقى ثمارًا، فهو إشارة إلى أنك تسلك الطريق الخاطئ، وعليك تصحيح المسار، وأن علينا أن نتعامل بحب استطلاع مع الرسالة التي توفرها لنا هذه العاطفية، فعندما تشعر بعاطفة معينة عليك أن تستطلع ما يمكن أن توفره لك هذه العاطفة، وأن تتسلح بالثقة بأن بإمكانك التعامل مع أي عاطفة على الفور، وتتذكر أنك شعرت بعاطفة مشابهة من قبل ونجحت في التعامل معها، وبما أنك تعاملت معها بالماضي؛ فبإمكانك التعامل معها الآن، ومستقبلًا، والخطوة الأخيرة؛ هي أن تحاول الاندفاع والقيام بالعمل اللازم، ولا تترك عواطفك تتراكم مما يؤدي للانفجار مستقبلًا، عالجها فورًا”.
التبلد والطلاق
وأوضحت عبدالمنعم خلال محاضرة “الذكاء العاطفي فن التعامل بين الذات والآخر”، التي نظمها مركز التنمية الأسرية “سنا” التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس، يوم الاثنين 2 ديسمبر 2019 م، أن الذكاء العاطفي له أهمية كبرى في بناء أسرة سعيدة، وقالت: “إن فقدان الذكاء العاطفي بين الزوجين، والبرود والتبلد في العواطف، يؤدي إلى البعد الجسدي والعاطفي، الذي تكون نهايته الانفصال، فالدراسات تشير إلى أن 50% من نسب الطلاق تحدث بسبب الافتقار إلى الذكاء العاطفي، الذي يؤدي إلى حدوث مشاكل تقود للطلاق”.
وبينت أنه بناء على ذلك يتوجب تنمية الذكاء العاطفي بين الزوجين من خلال التواصل ومحاولة مواجهة المشاعر حتى غير المريحة، بالإنصات والتفهم، والمحاولة الجاهدة للربط بين الشعور والأوقات التي حدث فيها الإحساس بنفس الشعور، وأن نركز في كل يوم كيف نجعل هذه العلاقة أفضل، وأن نبتعد عن التهديد بأي صورة من الصور بالانفصال.
هرمونات السعادة
وناقشت إستراتيجيات ضبط المشاعر وأوضحت أن جسدنا هو من يقود مشاعرنا، وكيف نعزز الشعور بالسعادة، من خلال هرمونات السعادة “الإندروفين”، من خلال ممارسة الرياضة، والضحك، و”الدوبامين” في تحقيق الإنجازات، والسيروتونين من خلال العطاء ومساعدة الناس، والأوكسيتوسين باحتضان الأشخاص الأعزاء علينا.
ومن جهة أخرى أوضحت أن ما نركز عليه هو الذي يقرر ماهية مشاعرنا، وأن علينا ألا نتسرع في التوصل إلى استنتاجات، بل علينا أن نختار نقطة تركيزنا، وأن نقطة التركيز هي التي تقرر إن كنت ستنظر إلى واقعك على أنه سيئ أو حسن وفيما إن كنت ستشعر بالحزن أم بالسعادة.