سوء الظن

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.

أراد الشارع المقدس للإنسان أن يجعل الفرد والمجتمع آمنًا من الناحية الجسدية واللفظية. فأراد من الإنسان أن يحسن ظنه بالآخرين وألا يسيء الظن بهم. فينهال عليهم بالاتهامات.

الإسلام حرّم بعض الذنوب والأمراض التي تدمر الإنسان وتضعف علاقته بالله سبحانه وتعالى والمجتمع. وعلى رأس تلك الذنوب سوء الظن.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.

وهذا البحث سيكون على ثلاثة محاور:

المحور الأول: تعريف سوء الظن
المحور الثاني: آثاره
المحور الثالث: كيف نعالج سوء الظن

المحور الأول: تعريف سوء الظن؛ وهو مكون من كلمتين: السوء والظن.
اما السوء: فهو كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية والآخروية.
وأما الظن: هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض. وقد يستعمل في اليقين والشك. أو هو التصور الذي ينقصه الدليل.

ولذلك فإن الظن السيئ إما حرام بنفسه، أو ما هو حرام لأنه مقدمة للعمل المحرم.

والمراد بالظن المأمور بالاجتناب عنه هو: ظن السوء.
والمراد بالاجتناب عن الظن الاجتناب عن ترتيب الأثر عليه. كان يظن بأخيه المؤمن سوءًا فيرميه به ويذكره لغيره. ويترتب عليه سائر آثاره.
وعليه فكون بعض الظن إثم. من حيث ما يترتب عليه من الأثر إثم. كإهانة المؤمن ألمظنون به وقذفه.

المحور الثاني: أسباب سوء الظن
١- كيد الشيطان:
قال تعالى: {إنّمَا يُرِيْدُ الشّيْطَانُ أَنْ يوقع بَيْنَكُم العَدَاوَةَ والبَغُضَاء}.

ذلك أن سوء الظن أفضل حيلة للشيطان يوقع بها بين المؤمنين وهي الطريق نحو الفتن والحروب. والغيبة والنميمة والتهم. والاختلاف.

٢- خصال أخلاقية تولّد سوء الظن
عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
“إن الجبن والبخل والحرص غريزة واحدة. يجمعها سوء الظن”.
فإذا كان الإنسان جبانًا ضعيف النفس تميل نفسه لكل فكر فاسد يدخله في وهم ويتبعه.

فعن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“الرجل السوء لا يظن بأحد خيرا. لأنه لا يراه إلا بطبع نفسه”.

فإن من تعود على الحيلة والمكر والخديعة يتصور الآخرين كذلك ويتعامل معهم بتلك اللغة. ومن كانت كلماته من الأكاذيب لا يستطيع أن يرى غير الكذب في كلمات الآخرين.

فقد يصطدم المرء بحقيقة مرة. يكتشفها فجأة في صديق أو شيخ أو قريب. فيفقد ثقته بكل الأصدقاء والناس.
إن قياس سائر الأفراد وسائر الناس على هذا الفرد يعد من أكبر أخطاء الإنسان. ومن أكبر عوامل سوء الظن.

المحور الثالث: من آثار الظن السيئ
إن لسوء الظن آثارًا مدمرة لا تسلم معها النفس. ومن أهم هذه الآثار:

١- عدم مجالسة الناس له:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
من غلب عليه سوء الظن. لم يترك بينه وبين خليل صلحا.
وعنه أيضا (عليه السلام):
من لم يحسن ظنه. استوحش من كل أحد.

٢- ضياع الدين:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“إياك أن تسيء الظن. فإن سوء الظن يفسد العبادة”.
وعنه (عليه السلام): “لا دين لمسيء الظن”.

وعنه (عليه السلام): “لا إيمان مع سوء الظن”.

٣-  عدم ثقة الناس به:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“أسوأ الناس حالًا من لم يثق بأحد لسوء ظنه. ولم يثق به أحد لسوء فعله”.

علاج سوء الظن:

١ – أسئ الظن بنفسك وأحسن الظن بالمؤمنين.

٢- إذا خطر لك خاطر بسوء على مسلم. لا تتبعه. ولا تغير قلبك عما كان عليه.

٣- ابتعد عن العوامل التي تثير سوء الظن. فصديق النمام من أسباب سوء الظن.

٤- أصلح سريرتك وطهرها. فلربما وراء سوء الظن الحسد أو الحقد أو الغضب أو الكبر أو العجب.

٥- تذكر أن سوء الظن يحول حياتك إلى جحيم. ويفقدك أحباءك وأصدقاءك. ويجعلك تتآكل من الداخل لتفقد صحتك وعافيتك وأعصابك.

٦- اعرف أن سوء الظن مفتاح الشرور وبوابة الآثام. فإنه يجر الإنسان جرًا نحو الغيبة والتهمة والنميمة. ونحو التجسس على الآخرين وتتبع عوراتهم.


error: المحتوي محمي