البحث عن الهوية فصل حتمي في حياة كل إنسان، ومَنْ لم يمر بهذه المرحلة فلديه مشكلة بمراحل النمو، هذه الحقيقة أطلقها الاختصاصي النفسي فيصل آل عجيان، موضحًا أصلها عند العالم النفسي “إريكسون” الذي يُدعى بأبي الهوية، وقال: إن أزمة الهوية رافقت ‘إريكسون” في حياته، وكان لها الأثر على قراراته، وحالته النفسية، وعلاقاته الاجتماعية.
وأشار إلى أن أزمة الهوية، تبدأ من فترة المراهقة عند “إريكسون” من سن عشر سنوات، حيث تقض مضجعه كثير من الأسئلة الخاصة بالهوية، التي تهجم عليه، وهي حالة طبيعية نمائية، ومن لا يعيش هذه الأزمة فلديه مشكلة بالنمو.
وذكر أن حل هذه الأزمة يكون بإجابات سلسة، وحوار بدون قمع، مؤكدًا على ضرورة حل الأزمات بلطف؛ حتى لا يتعرض الفرد بعدها للمعاناة في حياته مستقبلًا، ولمآسٍ كبيرة، خاصة مع الإجبار على شيء، حتى لو كان هو الصحيح، ولكنه ليس من اختياره.
جاء ذلك في محاضرة آل عجيان عن اضطراب الهوية التي قدمها في قاعة الحوراء مساء الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 م، بتنظيم من اللجنة النسائية لخيرية العوامية، وبالتعاون مع مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية بحضور 30 مشاركًا من الرجال والنساء.
تعدد الأزمات
وبدأ آل عجيان المحاضرة بعرض مراحل النمو، وتواجد أزمة الهوية بها، والتي ذكر أن العالم”فرويد” يعتبر حتى يوم الولادة للمولود أزمة، وصدمة، حيث تتنوع بعدها الأزمات على الطفل؛ نتيجة التغير الذي يمر به، من الخروج من بطن أمه، وتغير الجو، والغذاء، والفطام، وغيرها.
واستعرض مراحل الأزمة بالهوية من الطفولة المبكرة، والمتوسطة، والمتأخرة، والمراهقة، إلى أواسط العمر، والشباب، وأكد أن وجود الأزمة شيء طبيعي، ولكن إذا لم يتجاوزها؛ فهناك معرقل لنمو الهوية وتحقيق الهوية.
استكشاف والتزام
وذكر أن أزمة الهوية تقع بين محورين هما الاستكشاف، والالتزام، والتي يخرج منها أربعة تصنيفات: إما أعاقة، أو تحقيق، أو تشتت، أو تأجيل الهوية.
إعاقة الهوية
وطرح أمثلة لمَنْ يكون مغلق الهوية، وتكون به إعاقة بالهوية، حيث إنه غير قادر على الاستكشاف؛ فيتبع والديه، أو الموجهين في كل شيء، ومن الوارد أن يكون الشخص المتزوج منهم، يتزوج ويطلق بدون رأي منه، ويكون تابعًا لأوامر أمه، وبعض الحالات هو لا يعرف سبب الطلاق، فليس هو من تزوج وطلق، إنما الشخص المختار هو فرد آخر.
وعقد آل عجيان مقارنة بين من يختار الشيء عن بحث، واستكشاف، ورغبة، مثل اختيار التخصص، وبين شخص موجه لاختيار هذا الشيء، بدون أن يكون هذا الشيء اختياره الشخصي، حتى لو كان يملك ما يؤهله للنجاح فيه، إلا أن الأول الذي استكشف، وبحث، ودخل عن رغبة؛ سيبدع فيه أكثر.
مغلق
ونوّه إلى أن هناك نماذج من المغلقين بهويتهم، يستدعون والديهم الأموات من قبورهم ليأخذوا برأيهم، وقال: يفترض أن نحفز الأبناء على تحقيق الهوية، واستشهد دينيًّا بضرورة امتلاك الرأي، والاستكشاف، والاجتهاد، في الأصول.
التشتت
وأضاف أن أكثر الناس الذين يعيشون الأزمة، هم الذين في مرحلة استكشاف الهوية، وأخطر أنواع الأزمة هو تشتت الهوية، حيث ليس لديه انتماء لأحد، فالقريب والبعيد واحد، ولا تشغله العلاقات كثيرًا، وغالبًا ما يكون مثل هؤلاء المشتتين، هم أنانيون لدرجة غريبة، ومخاطرهم الاجتماعية كبيرة؛ على أنفسهم والمجتمع وأسرهم.