وعاش قلبي بنبض محمد، وأوجعت قلبي آلام محمد، الميم: مجروح، والحاء: حبيبي، والميم: متألم، والدال: دنياه كلها نبضات، وزخات، وفيوضات رحمة وإنسانية، وأسطورة عطفٍ بشرية.
ذات مساءٍ حزين رحل والدي، موجة عارمة من البرد القارس اجتاحت بيتنا الصغير، انطفأ فانوسنا الكبير، الذي طالما أضاء بيتنا بدفء حنانه واحتوائه، بكيته كثيرًا ، افتقدته كثيرًا، نعم أحسست بعده بالبرد الشديد، وذات يوم وبوجهٍ شاحب التفتُّ إلى أمي وهي تهمس في أذني: روح والدك يا بنتي هناك في السماء، حيث مرقد الأنبياء، والأوصياء، وسيدة النساء فاطمة الزهراء، في السماء حيث بلاد النور التي زارها النبي محمد معراجًا مساءً، في السماء عالم مكنون، وكنوز، ومتاجر، وهبات لا تسعها الكلمات، فقط صلي لأجله، واذكري جلال الله الذي تجلى في نور حبيبه محمد، استوقفتني كثيرًا هذه الكلمات، لأول مره بدأ قلبي ينبض بحسٍّ جديد، فتحت عيني إلى السماء أبحث فيها عن نور محمد، صار قلبي يرقص بذكر محمد كل صباحٍ ومساء، ليت قلبي جناح طائر يطير، يهيم، يحلق في سماء محمد، يبحث عن رائحة محمد في كل زهرة، وبين أوراق الياسمين، ووريقات الرياحين الخضراء أتنفس منها رائحة حبيبي محمد، بدأ الإحساس يكبر يومًا بعد يوم، كأن أسم محمد ضمادة سحرية أنستني رحيل والدي، صار هواي محمدًا، والهوى سلطان، وهوى محمد غلبني، بل أصابني سحر محمد، وبكل شغف فتحت قرآن محمد أبحث عن آيات ذُكر فيها، ووُصف فيها محمد.
حتى فرشاتي أقسمت ألّا ترسم إلا الورود المحمدية، وعنبًا ورمان يتدلى من أشجار تسبح في عالم من نور محمد.
علمني هوى محمد الكثير، وأعطاني من فيوضات عالمه الأكثر والأكثر، وجدتك سيدي عصا موسى التي أتكئ عليها كلما أرهقني الزمان، وجدتك سلالم تلوح في عالمي أتسلق من خلالها السماء صبرًا واحتسابًا؛ كمالًا للإيمان، وجدتك عبقرية فنان مبدع تعلمت منه نسج الكلمات بألوان الحياة.
يقال أن الشعر قوافٍ شعرية، والنثر لغة البيان، كلها فن، والفن قيثارة تداعب خيال فنان، سيدي أنت اليوم حديقة أشعاري سماء زرقاء، حديقة خضراء، ياقوت أزرق، لؤلؤ، وأعواد الياسمين، فيها ترسم اسم محمد، وقصة الحب الأسطوري بين مَن خلق محمد بيديه، وأرسل محمدًا بشرى للعالمين، وأنا فيه الحالمة بعالمك عند غيمةٍ بيضاء أرقد بسلام.
حكايتي اليوم حكاية رجل من عالم النور يمتطي جوادًا أبيض، فارس يقفز بين أجنحة الظلام، يتربع بين قوافي أشعاري، ويهمس لخيالي، وصوت أهازيج السماء تعلو طربًا: يا هذه الدنيا بشراكِ، أتاكِ اليوم رجل عربي هاشمي اسمه محمد.