
هل هم حقًا في عالم خاص؟ قوقعة يخيم عليها الضباب، فلا يعرف عنهم القاصي ولا الداني؟ هكذا يُخيل للبعض الذين يظنون أن فاقد البصر في كهف منعزل، يجتمع فيه مع إخوة له.
«القطيف اليوم» اقتربت من هذا العالم الذي يظن البعض حتى ونحن في الألفية الثالثة، أنه طبقات من الغموض، يلفها الظلام.
في مركز رعاية المكفوفين، وتحديدًا في مقر جمعية مضر الخيرية، بدأ السيد موسى الخضراوي، مقرر المركز، بالتعريف عن المركز وأقسامه وأهدافه.
بدايات
أوضح “الخضراوي” أن المركز تم افتتاحه عام 1428 هـ في قاعة الملك عبد الله الوطنية بالقديح، وبحضور محافظ القطيف عبد الله سعد العثمان، ومنذ ذلك العام حملت جمعية مضر على عاتقها رعاية مكفوفي القطيف جميعًا، من تاروت إلى الأوجام، ومن صفوى إلى سيهات، أي أنه لا يقتصر على القديح، ومنذ ذلك العام يقوم المركز على خدمة المكفوفين، الذين كان عددهم 120 مكفوفًا في ذلك الوقت.
أقسام
وعن البداية قال:” كانت على يد علي غزوي، والسيد شرف السعيدي، في ذلك الوقت من خلال اتصالاتهما قاما بتجميع مكفوفي المنطقة، وتأجير مبنى، تم عمل فصول دراسية فيه، ومكتبة، وغرفة لرياضة تنس الطاولة، ويتم تدريب المكفوفين فيها للترويح عنهم، وغرفة تعليمية خاصة، وأخرى لفحص العيون، ومعمل للحاسب الآلي للتدريب واكتساب المهارات، وغرفة التدخل المبكر للأطفال صغار السن، وغرفة لألعاب الأطفال، وغرفة للكتابة على آلات “برايل”، وأخرى متعددة الأغراض للمحاضرات والدورات التدريبية”.
الإدارة
ومن الناحية الإدارية، بيَّن “الخضراوي” أن هناك مكتبًا لمقرر المركز والسكرتير، وكذلك مكتب لموظفتين ومتطوعتين يقمن على قسم الكفيفات، والدوام يومي الأحد والثلاثاء، للشباب، والبنات يومي الاثنين والأربعاء من كل أسبوع، مشيدًا باهتمام الكفيفات وحرصهن على الحضور إلى المركز بأعداد تصل إلى 23، في حين أن المكفوفين لا يتعدى عددهم 16، والمعلمون من نفس المكفوفين والكفيفات.
أهداف
كان من أهم أهداف إنشاء المركز، تقديم رسالة تربوية ودعم المكفوفين من خلال التعليم والتثقيف المتطور الذي يسهل دمجهم في المجتمع، بإدخال التقنية والتكنولوجيا الحديثة على حياة الكفيف، وكذلك الدعم المادي للكفيف.
الرؤية
ومن خلال الحديث مع مقرر المركز، أوضح أن رؤية المركز تنصب على دمج الكفيف في المجتمع بشكل طبيعي، والقيام باصطحابهم في رحلات ترفيهية وتثقيفية، ومساعدتهم اجتماعيًا وصحيًا.
لجان
وأضاف: “لدينا لجان متعددة، الرياضية يقوم بالإشراف عليها أحد المتطوعين الرياضيين، وحققوا مستويات الأول والثاني في مسابقات للمشي، وكذلك اللجنة الصحية تعتني بالمكفوفين، ويشرف عليها الدكتور صالح الجارودي”.
ميزات
وأكد “الخضراوي” أن هناك سمات مميزة لفاقدي البصر، أهمها من خلال ملاحظاته؛ الدقة المتناهية، والحرص على إنجاز العمل على أكمل وجه، كذلك هم حريصون على الوقت، وعندهم معرفة تامة بالأساتذة الذين تتم دعوتهم لإلقاء المحاضرات.
وأضاف: “هم حقًا مكفوفون، ولكن أعمالهم أكثر من المبصرين”، وأشار إلى أنهم أفادوه بالمعلومات عندما تولى المركز “هم أكثر خبرة مني في هذا المجال، ولديهم إتقان في العمل، ودقة، ويفضلون الطريقة المباشرة في تبليغ المعلومة، ويطالبون الذين يتعاملون معهم بنفس المهارات والدقة”.
الالتحاق
وعن عدد المسجلين بالمركز وطرق الالتحاق، أفاد بأن العدد في البداية كان 120 والآن تقلص إلى 53 من المكفوفين والكفيفات، ويتم الالتحاق عن طريق تعبئة استمارة خاصة لالتحاق الكفيف، وصورة شمسية، وصورة الهوية، والتقرير الطبي، لإنشاء ملف له.
الدورات
أما الدورات فمنها تعليمي، وبعضها تثقيفي، وبعض المكفوفين يدرسون في المدارس، فيقدم لهم المركز دروس تقوية، وفي الصيف يقدم المركز دورات “برايل”، ولغة إنجليزية، ولغة عربية، وحاسب آلي، لربط الكفيف بالالتزام بالحضور في أوقات الدورة.
ونوه بأن المدارس في السابق كانت مدارس خاصة بالمكفوفين، والآن تقوم بالدمج؛ الكفيف إلى جوار المبصر، وكل حسب مرحلته الدراسية.
نموذج طموح
وخلال جولة «القطيف اليوم» بالمركز، التقينا أحمد عبد المحسن العلوان، الذي يقوم بتدريس الطلاب وله نشاطات ملحوظة في عدد من المجالات، عرف بنفسه قائلًا: “كفيف منذ الولادة، وأحد أعضاء المركز الإداريين والفاعلين، عضو منذ تأسيس المركز وحتى الآن، قدمت دورات في مجالات متعددة، منها دورات في الحاسب الآلي، واستخدام الآيفون، ودروس تقوية، ودروس “برايل”، واصلت دراستي لمرحلة البكالوريوس، وتخرجت في جامعة الملك سعود تخصص تاريخ، اكتسبت الخبرات بطرق متعددة، تواصلت مع مكفوفين من خارج المنطقة، ومن الوطن العربي، لأتعلم الجديد، وأفيد إخواني المكفوفين بالمركز”.
وأضاف “العلوان”: “طموحي الشخصي إدارة المركز لأصل به إلى أقصى ما أتمنى، والحمد لله يحظى المركز برضا معظم المكفوفين، ويعتبرونه بيتهم الثاني”.
رسالة
وفي ختام اللقاء، وجه “العلوان” رسالة إلى المبصرين، قال فيها: “نحتاج إلى زيارتهم ومشاركة المكفوفين في أنشطتهم، المركز يطمح إلى الدعم ماديًا بالتبرعات، ومعنويًا بالمشاركة في الفعاليات والزيارة، وإقامة الدورات، نحتاج إلى متطوعين للمشاركة في الفعاليات، خاصة الخارجية”.