في القلب الحزين حسرات

الموت ذلك المارد الخفي يقتحم المنازل الآمنة ليخطف أعزتنا على حين غرة.. رحلت عنا أبا الحسين في أيام الحسين (عليه السلام)، وفارقت الأهل والولد، ما أقصر الدنيا، وما أعظم لوعات الفراق، فقدنا رجلاً صالحاً مؤمناً، شفافاً، معطاء، ينضح حساسية، يصل رحمه – كما كان أبوه رحمهما الله –  عاش في خدمتهم وبذل الكثير وقاسى في سبيل مساعدتهم وإسعادهم..

أكتب هذه السطور بحزن بالغ وأسى عظيم، لكن الله سبحانه أعظم من أن يصيب عباده بالهموم والأحزان عبثاً لا شك أن له حكمة، لا أحد يستطيع الاعتراض على القدرة الغيبية، هذه إرادة الله سبحانه فالإمام زين العابدين (عليه السلام) يدعو: “اللهم ارضني بقضائك حتى لا أحب تأخير ما عجّلت ولا تعجيل ما أخّرت لعلمك بعاقبة الأمور كلها”…

ظننت أن خيوط الشفاء تتدلى من ظلمة الليل البهيم، وإذا بهذا الأمل يتحول إلى حزن، تلك هي سنة الله في خلقه، الدنيا في طريقها إلى الزوال، والمؤمن له المقام الخالد والنعيم الذي لا ينضب ولا يزول.

{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ..} [سورة البقرة: 25]…

فعندما نعرف أن الدنيا لحظات قصار سرعان ما تنقضي، فلن يكون الموت حزنًا وكربًا لدى المؤمن بعالم الآخرة.

بفراقك ابن الخال فقدنا الأخ والحبيب والنسيب والصديق.. لن ننساك أبداً وستكون ذكراك في قلوبنا إلى آخر العمر.

لم يكن في حسابنا أن تلك الرحلة العلاجية هي موعد فراق ووداع، لم نكن نترقّب هذا الخبر وكأنه قدرٌ حتمي على كل منّا، وهل الموت ينتظر أن يهرم الإنسان أو يعذبه المرض؟ لقد كان ابن الخال موفور الصحة والعافية يضج شباباً
ووسامة يحيا معنا في تمام نشاطه وحيويته قد التقفته يد الرحمة إلى العالم الآخر بصورة مفاجئة أذهلتنا جميعاً .

يجب أن نتقلد الموت كالقلادة في أعناقنا ونحسب لذلك الموقف الرهيب ألف حساب، فملك الموت زائرنا ويفجع قلوبنا، ويسلبنا من منازلنا ودورنا ومالنا وأهلنا..

أدعو الرحمن أن يتغمد فقيدنا المؤمن الحاج عبدالهادي سعيد الجراميز  بوافر رحمته وأن يسكنه فسيح جنانه، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.


error: المحتوي محمي