في سنابس.. آل جليح أدهش معلميه بصندوق مضيئ.. وحول كراج والده إلى منجرة

«الحاجة أم الاختراع»، هي مقولة تلخص بإيجاز موهبة إبراهيم سعيد آل جليح في عالم النجارة، فقبل أن يُتمَّ الثانية عشرة عامًا من عمره أبدى قدرات خارقة، أدخلته عالم الخشب والنجارة، بدأها بكرسي “القدو” لجدته، حتى وصل إلى أثاث للغرف وألعاب الأطفال.

“آل جليح” الذي تخطى عامه الـ26 بقليل، كان شغوفًا بمقاسات الزوايا، وقياس أبعاد كل طاولة يقف أمامها، وكأنها قياسات مركبة فضائية، متسائلًا: كيف صنعت؟ فيذهب بدراجته الهوائية الصغيرة مصطحبًا قطعًا من الخشب من منجرة كانت قريبة من منزله، رغم توبيخ والدته الدائم، وتخوفها من إهمال دراسته، وظنًا منها أنه شغف وسينتهي بعد فترة، ولكن مع الأيام اكتشفت شغفه وحبه للنجارة، التي أصبحت هواية وجزءًا من يومياته فأصبحت مشجعة وداعمة له.

الهواية الملهمة
يحكى إبراهيم لـ «القطيف اليوم» عن بداية عمله في المهنة، عندما كان عمله يقتصر على صناديق المجوهرات والمصاحف والأنتيكات البسيطة والحصالات والكراسي، الأمر الذي اختلف كليًا الآن، فأصبح يصنع كثيرًا من قطع الأثاث باختلاف أنواعها، فضلًا عن دخوله في ديكورات أسقف البنايات الحديثة الخشبية، وألعاب الأطفال.

ويضيف “آل جليح” أن الهواية هي مصدر إلهام له بأن ينافس التصاميم الموجودة في المواقع العالمية والمجلات، وهي دمج بين بعض الأفكار والتصاميم، ويتابع: “بعض الزبائن يطلبون مني تصميم قطع أثاث مماثلة لتلك التي تنشرها المجلات المتخصصة في الديكور”.

الصندوق المضيء
واستطرد “آل جليح”: “وجدت الدعم المعنوي من معلم لي، حيث كنت مشاركًا بنشاطات المدرسة عندما كنت في الصف الأول المتوسط، وصنعت صندوقًا خشبيًا وبداخله إضاءة، وفي المقدمة وضعت فلينًا محفورًا باسم المدرسة، وبمجرد تحريكه ينير اسم المدرسة، وحازت هذه القطعة على إعجاب المعلمين والزملاء، وأدهشتهم تقنيتها، مما حفزني على استكمال ما عزمت عليه من مشوار مع الخشب والنجارة”.

الواقع والحلم
واصل بعد ذلك مشواره الدراسي وتخرج في الثانوية العامة، وكان له حلم بأن يعمل في شركة صناعية بمسمى ميكانيكي أو كهربائي، وأن تكون دراسة منتهية بالتوظيف، لتحتضن هوايته ويطورها، لكن الواقع كان أصعب، فجلس ما يقارب السنة يبحث عن مقعد جامعي أو منحة من المعاهد، أو بعض الجامعات القريبة، حتى أصيب بالحزن والخيبة، فأصبح يعمل في مطعم، ويمارس هوايته خارج أوقات الدوام، إلى أن صنع أقوى تحفة فنية لديه، أنجزها خلال ثلاثة أيام عملًا من الساعة السادسة صباحًا إلى الساعة الثانية عشرة ليلًا، وهي عبارة عن منزل خشبي للطيور ممتد على سور حديقة المنزل في عام 2011 بعدها تحفز أكثر محاربًا اليأس، فتشجع وسجلّ بتطبيق اسمه “بسيطة” هو وابن عمه.

تطبيق “بسيطة”
يوضح “آل جليح” أن “بسيطة هو برنامج يساعد الشباب السعودي على التعلم وإنجاز جميع الأعمال، ومن خلال هذا التطبيق تعلمت الكثير، مثل الكهرباء والسباكة، والنجارة، وخلال شهر واحد فقط وصل تقييمي في البرنامج إلى ٥ نجوم، فشعرت بالتعزيز والحماس”.

النجارة والنفط
ويكمل فصول قصته بقوله: “بعدها بمدة قليلة توظفت في إحدى الشركات النفطية الكبرى، ولكن مازال شغفي النجارة، فحولت كراج منزل والدي لمنجرة صغيرة أستقبل فيها الطلبات من صنع طاولات غرف نوم ومجسمات وكل ما يخطر على البال”.

وأشار إلى أنه اتجه بعيدًا عن هوايته المفضلة بحثًا عن الأمان الوظيفي، وهو حال أغلب المواطنين والشباب بشكل عام، وبدأ الآن التفكير في مصادر رزق جديدة، يدخل في إطارها القضاء على البطالة المتفشية وممارسة هواية محببة، وبناء مستقبل، لافتًا إلى أنه يطمح بأن تكون هناك دورات متوفرة لتعليم الشباب العمل الحر مثل النجارة والسباكة والكهرباء.

طموح
وأكد أنه يبني مستقبله ويطمح أن يصنع أثاث منزله كاملًا في المستقبل، ما إن يرزقه الله بالزوجة الصالحة التي تتفهم طبيعة عمله وميوله.

ختامًا يقول “آل جليح”: “أمضي أغلب أوقاتي بين الأخشاب أستمتع بابتكار فكرة ما لقطعة الخشب التي ترمى، بل أصنع منها أجمل الديكورات والذكريات وأسلمها في الوقت المحدد، لاسيما أنني بدأت بأدوات يدوية غير متطورة، فلم أمتلك المال الكافي لها، أما الآن أقتني الآلات التي تساهم في توفير الوقت وأصطحب آلة رسم وكتابة بالكمبيوتر”.


error: المحتوي محمي