المضافات الغذائية.. ما لها وما عليها

ينصح علماء التغذية بالامتناع أو على الأقل التقليل من تناول الأطعمة التي تحوي ضمن مكوناتها إضافات اصطناعية، وأكدوا ضرورة رفع درجة الوعي لدى المُستهلك، بحيث يمكنه معرفة ما يأكله، وألا يجعل غيره يحدد له ما هو الأنسب، وأن يكون للوعي الغذائي والتربية الغذائية وجود في محيطه.

أسواقنا تعج بآلاف الأصناف الغذائية ومستحضراتها المصنعة، بما فاق كثيراً قدرة المستهلك على الاستيعاب والتمييز، فهو لا يستطيع أن يرى كل شيء، أو أن يشتري كل ما يريد، قد يضيع بين تنوع الأطعمة واتساع المكان وتعدد العروض.

أمام هذا الواقع الاستهلاكي، والثقافة السوقية بامتياز، تحولت مراكز التسوق للمتعة أكثر منها لقضاء الحاجة وجلب المستلزمات.

ويعزى نجاح تسويق الأغذية، وفق إحدى الدراسات الأمريكية التي أعدها أحد مراكز الخدمات التسويقية في نيويورك، فهناك توليفة الغذاء، والتقنية في التعبئة والتغليف، وأسلوب طرحها في الأسواق، وملاءمتها لشريحة معينة من فئات المجتمع.

ذهبتُ إلى أحد مراكز التسوق متسوقاً، وكانت لي تجربة مثيرة مع  أحد مرتادي المركز، وددتُ لو نجعلها وإياك أيها القارئ العزيز مدخلاً لمناقشة العنوان وتحليل مدلولاته، وما يرتبط به من معان تتصل بسلامة الأغذية المصنعة، شد انتباهي فهو لا يدع شيئاً يمر بين يديه إلا بعد قراءة بياناته والتأكد من صلاحيته، وبكل ثقة يضعه في سلة المشتريات.

هو ذلك النوع من الأشخاص الذي يستطيع أن يقرر حسن الاختيار الأمثل لغذائه، المعلومات التي كتبت على بطاقة المنتج ساعدته على تغيير بعض عاداته الغذائية تغييراً إيجابياً، ولعل من المفيد هنا هو إيصال تلك الثقافة التوعوية لتكون جزءاً من الثقافة الصحية الغذائية والسلوك الغذائي السليم.

عندما نؤكد على دور المستهلك وحقه في التعرف على سلامة غذائه، فذلك لأنه، أي المستهلك، هو نهاية مطاف المنتج الغذائي، هو الذي يشتريه وهو الذي يأكله.

إلمام المستهلك بالمفاهيم والمعارف الغذائية له مردود إيجابي على سلامته.

يبدأ دور المستهلك في حماية نفسه مع بداية التفكير في التسوق، حيث يفضل أن تحدد الأغذية التي يرغب في شرائها، وكذلك الكميات التي يحتاج إليها، ويفضل أن يسعى المستهلك إلى شراء المواد الغذائية من المحلات التجارية ذات السمعة الجيدة، والمحلات التي تهتم بنظافة المحل وتخزين الغذاء بصورة جيدة، وألا يكون جل اهتمامه في البحث عن العروض والسلع رخيصة الثمن، كما أن عليه التأكد من محتوياتها وسريان فترة صلاحيتها، وتجنب العبوات الممزقة التالفة أو العلب المنبعجة أو التي عليها مظاهر الانتفاخ والصدأ.

ما المضاف الغذائي؟ أي مادة طبيعية أو مصنعة لا تستهلك عادة كغذاء في حد ذاتها، وتضاف للأغذية لأغراض تقنية أثناء التصنيع والتجهيز والإعداد والمعالجة والتعبئة والتغليف والنقل أو المحافظة على هذه الأغذية.

اتسع نطاق استخدام المضافات الاصطناعية، حتى صارت لها مصانع كبيرة تُعنى فقط بتطويرها وتحضيرها، وزاد من رواجها التوسُّع الذي طرأ على الصناعات الغذائية، والمنافسة القوية بين الشركات المعنية بهذا الشأن، والتي تستهدف بالدرجة الأولى ترويج منتجاتها، وجذب أكبر قدر من المستهلكين لشرائها.

المضافات الاصطناعية بحسب هيئة الدستور الغذائي “الكودكس”، هي مواد تضاف إلى الأطعمة لتحسين خواصها ولإطالة فترة صلاحيتها، حيث لا نجد أي نوع من الأطعمة المحفوظة تخلو من هذه الإضافات الاصطناعية.

يسمح باستخدام المضافات الاصطناعية في الأغذية طبقاً للوائح الفنية والمواصفات القياسية السعودية والخليجية التي تحدد نوع ونسب المواد المصرح بإضافتها لكل نوع من الأغذية بما يوائم المعايير الدولية المعتمدة.

وبشكل عام، فإن المواد المضافة متنوعة ومتعددة وتستخدم لأغراض مختلفة، فقد تستخدم بهدف تحسين الخواص الحسية للمنتجات الغذائية كالمواد الملونة والمنكهات، ومنها ما يستخدم كمواد حافظة لإطالة فترة الصلاحية من خلال الحد من نمو الأحياء الدقيقة في الغذاء خصوصاً الممرضة منها أو المسببة للفساد.

ويمكن التعرف على هذه المواد المضافة من خلال رموز معتمدة من قبل الجهات التنظيمية الدولية تميز المواد المضافة للأغذية المصرح باستخدامها دون الحاجة إلى ذكر الاسم العلمي الكامل للمادة، وهذا الترميز معتمد دولياً، فمثلاً يوضح حرف ( E) الذي يسبق الرمز الخاص بالمادة المضافة، أن تلك المادة المضافة يسمح باستخدامها في الاتحاد الأوروبي ثم يتبع بأرقام التعريف بالمادة التي يصرح بإضافتها لأغذية معينة بنسب محددة بما لا يضر بمن يستهلكها عند استهلاكها بشكل معتدل.

وقد صنف المختصون في دول الاتحاد الأوروبي المضافات الغذائية كمجموعات هي:

• المواد الملونة، وقد رمز لها بالحرف ( E) يتبعها الأرقام من 100 – 199.

• المواد الحافظة، وقد رمز لها بالحرف ( E )  يتبعها الأرقام من 200 – 299.

• مضادات الأكسدة، وقد رمز لها بالحرف ( E) يتبعها الأرقام من 300 – 399.

• المواد المستحلبة والمثبتة، وقد رمز لها بالحرف ( E ) يتبعها الأرقام من 400 – 499.

• المواد الرافعة ومنظم حموضة، وقد رمز لها بالحرف ( E) يتبعها الأرقام من 500 – 599.

•  معززات النكهة، وقد رمز لها بالحرف ( E) يتبعها الأرقام من 600 – 650.

• المحليات، وقد رمز لها بالحرف ( E ) يتبعها الأرقام من 950 – 968.

  وهناك تحذيرات تصدر عن بعض الإضافات مثل المحليات والألوان الاصطناعية.

• مادة حافظة: مضاف غذائي يطيل فترة صلاحية الغذاء عن طريق حمايته من التدهور الناتج عن الكائنات الحية الدقيقة.

• مستحلب: مضاف غذائي يحافظ على مستحلب متجانس لوسطين أو أكثر.

• معزز نكهة: مضاف غذائي يعزز أو يظهر الطعم و/ أو الرائحة الموجودة في الغذاء.

• محلى: مضاف غذائي بخلاف السكريات الأحادية والثنائية  يعطي مذاقاً حلواً للغذاء.

في حالة إضافة المستحلبات والمثبتات ومغلظات القوام، يلزم تحديد مصدر الجيلاتين والليسثين والجلسريدات الأحادية والثنائية في حالة استخدامها.

في حال إضافة أي من المواد الملونة E110 / E102 / E122 / E129، يجب إيضاح عبارة تحذيرية (قد يكون له تأثير سلبي على النشاط والتركيز لدى الأطفال) أسفل قائمة المكونات.

المواد المضافة المسموح باستخدامها في المواد الغذائية ( GSO 2500/ 2015).

كثيراً ما نجد مكتوباً ضمن بيانات المنتج الغذائي بعض التحذيرات التغذوية، وللأسف الكثير من المستهلكين لا يعرفون الغرض من تدوينها، وحتى لا يحرصون على قراءتها، لذا من الأفضل تجنب أكل الأغذية المحفوظة والمعالجة والاكتفاء بتناول الأغذية الطازجة الغنية بالقيمة الغذائية.

المادة المضافة لا تتعرض لنقص في المستوى نتيجة لأساليب الطبخ أو المعالجة.

التناول اليومي المقبول هو عبارة عن تقدير بواسطة لجنة خبراء المضافات الغذائية المشتركة كمية للمضاف الغذائي، يعبر عنه من حيث وزن الجسم، الذي يمكن تناوله يومياً طيلة  العمر بدون خطر صحي ممكن تقديره (الإنسان القياسي  – 60 كغ) منظمة الصحة العالمية،  GSO  CAC/ GL 3: 2015

هناك بعض الدول تواجه مصاعب في إجراء الدراسات حول تناول المضافات الغذائية، لهذا السبب طلبت لجنة قوانين المضافات والملوثات الغذائية (CCFA) من مجموعة عمل تناول المضافات والملوثات الغذائية إعداد إرشادات للتقييم البسيط لتناول المضافات الغذائية.

إن وجود لوائح غير مكتملة فيما يتعلق باستعمال المضافات الغذائية في بعض الدول قد يجعل المشكلة أكثر تعقيداً، خاصة عندما تكون أغلبية الأغذية المصنعة مستوردة.

ابتدأنا نسمع أقوال العلماء عن المضافات الغذائية وتأثيرها السلبي على صحة الجسم، العلماء يعرفون اليوم الكثير من المعلومات بواسطة الأبحاث الجديدة المثيرة للجدل عن الأطعمة المناسبة للصحة، وتلك المضرة بالصحة وأسباب كل ذلك، فالطريق لجسم معافى أصبح أكثر وضوحاً حالما تنجح في معرفة عدد من المفاهيم والمعلومات الرئيسة.

رغم كثرة ما يثار حول المضافات الاصطناعية في أغذيتنا وعلاقتها بالصحة والمرض، إلا كثيراً مما يثار حولها ما زال يترك للمتأمل أكثر من تساؤل، ولعل الاضطراب في وضوح الصورة عند كثير من الناس وترديدهم الدائم بالقول: نصدق من؟ سببه عدم اتفاق واضح بين الدراسات حول حقيقة بعض المضافات ودورها في الصحة والمرض.

إذا كان الأفضل تجنب المواد الغذائية والأطعمة التي تدخل فيها المضافات الاصطناعية، فإن الإصرار على تناولها يتطلب مزيداً من الحذر والحيطة.

• لم تعد المضافات الاصطناعية مقتصرة على الأغذية المحفوظة أو المصنعة، بل تجاوزتها لمطاعم الوجبات السريعة، فصلصة الصويا التي تستخدم بكثرة في تتبيلة الوجبات، تحضر باستخدام ملح عالي التركيز المسمى “أحادي جلوتومات الصوديوم  MSG” كمعزز نكهة الذي يحمل الرمز الدولي (E621) ضمن المواد المسموح إضافتها للأغذية – وتضاف أيضاً إلى الوجبات الخفيفة كرقائق البطاطس ومنتفخات الذرة المعدة للأطفال، والشعيرية السريعة التحضير “أندومي”، ومكعبات مرق الدجاج واللحم “ماجي” فهي تعطي الطعام الطعم المستساغ والشعور بالطزاجة – وهناك جدل حيال إضافته للأغذية لوجود بعض الدراسات تثبت علاقته بتلف الدماغ والضغط والسمنة. 

وخلاصة القول: إن المضافات الغذائية والتي تشمل مواد الحفظ وتحسين اللون والنكهة والقوام وغير ذلك من القائمة، تصنع من مركبات كيميائية تحمل العديد من المخاطر على الصحة، حتى لو كان أجزاء في المليون، أو لم تتجاوز النسبة المسموح بها، فهي مواد سامة بمعايير مختلفة، لها تأثير تراكمي على صحة الإنسان، فرغم أنها أضافت تحسينات للغذاء لا تنكر، إلا أنها أفرزت فيه شيئاً من سمومها، والخطورة تبدأ من الأمراض البسيطة مثل الإعياء والكسل وفتور الهمة ومن ثم الغثيان والإسهال وتنتهي إلى الكبد والكلى والسرطان والعياذ بالله.

لا تتردد بسؤال المتخصصين عن ما هو مفيد أو غير مفيد، ولا تتردد في التعلم عن كل جديد.

منصور الصلبوخ 
اختصاصي تغذية وملوثات.


error: المحتوي محمي