عندما لا تسعفه مفردات اللغة للتعبير عما يجول بنفسه ويحزن خاطره، يلجأ ببراءة إلى ورقة ولون، يرسم دوائر وخطوطًا طولية، يزيد عليها بعض الخطوط المتناثرة هي بالنسبة له الشعر، ليكتمل تعبيره من وجهة نظره الصغيرة عن إنسان ما، وقد يرسم شمسًا مشرقة وشجرة وطفلًا يمسك بيد والده أو والدته، فهذه أيضًا نفسيته التي يعبر عن سعادتها باللون.
نرجس الجمعان اختصاصية أولى في علم الجرافلوجي بتحليل خط اليد والتوقيع الشخصي ورسوم الأطفال، وضعت رسومات الأطفال تحت مجهر تحليل الخط ورسومات الأطفال، وذلك في ورشة نظمتها لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالقطيف، يوم الأربعاء 10 صفر 1441هـ، بعنوان “رسومات أطفالك تحت المجهر”.
ورغم أهمية هذه الورشة العملية، التي تهدف إلى التعرف على نفسية الأطفال ومخاوفهم وما يتعرضون له، لأن كل ما يرسمونه في الورق، ما هو إلا إسقاطات لما بداخل نفسيتهم، بحسب ما أوضحت “الجمعان”، إلا أنها شهدت حضورًا خجولًا، لم يتعد 7 سيدات ورجلين فقط، في حين كانت الفئة المستهدفة تشمل المربين والمربيات لرياض الأطفال والصفوف الأولى، رجال ونساء، والمرشدات بالمدارس، والأمهات والآباء أيضًا، وحتى الأجداد والجدات، الذين يمكث الأطفال لديهم لفترات طويلة.
اليد الممتدة
وقالت “الجمعان” لـ«القطيف اليوم» إن الورشة تناولت جانبًا من صفات الطفولة المبكرة، والتعرف على أنواع الرسوم، وأهم وأبرز العلامات التي يستدل فيها الوالدان على مشاعر أطفالهما، وفوائد الرسم، وتناولت تفسيرات كثيرة لرسوم الأطفال من بينها دلالات رسم اليد الممتدة، وتكرار رسم الأيدي الطويلة لأحد الأبوين، ورسم صور الأشرار.
نفسية وجسدية
وأوضحت أن كل مَنْ حضر الورشة بإمكانه الآن التعرف على وضع الطفل، ومكانته في منزله من خلال حجم الرسم، والألوان المستخدمة فيه، والفكرة التي رسمها الطفل، وتمكنه من معرفة الاضطرابات التي يعاني منها سواء نفسية أو جسدية، منها الخوف أو التبول اللا إرادي، أو تعرضه للتوبيخ والكلام الجارح.
وجاء التعنيف اللفظي بكلمات جارحة، وانفصال الوالدين كأبرز المشكلات التي يعاني منها الطفل، وكذلك التقليل من شأن الطفل وعدم إعطائه حرية إبداء الرأي، والاعتداءات الجنسية والتحرشات، والغيرة، وتدخل الأقارب في خصوصيات الطفل.
الثانية عشرة
وأكدت “الجمعان” أن المختصين يبدأون في تفسير رسومات الأطفال من سن 4 سنوات إلى 12 سنة، ولكل مرحلة تقسيم؛ فمرحلة 4 سنوات إلى السادسة قسم، ومرحلة السابعة إلى عمر 9 سنوات، ومرحلة العشر إلى 12 سنة، وهنا يكون الطفل نضج، وأصبح قادرًا على إخفاء ما به، ولكن نستطيع تحليله في مرحلة 12 عامًا عن طريق خط اليد والتوقيع.
وقت للعب
ونوهت بأن رسومات الأولاد لا تختلف عن رسومات البنات، وتضيف: “واجهنا رسومات لأولاد تتسم بالهدوء والعطف والحنان والخجل، ورسومات للبنات كانت عدوانية وشرسة، تختلف باختلاف البيئة والمشاعر المحيطة بالطفل، ونحث الأبوين على تخصيص وقت دائم للعب بالرسم مع الأطفال بين فترة وأخرى، حتى وإن لم تكن هواية الرسم موجودة لدى الطفل”.
وتابعت: “ويجب عدم الإيعاز للطفل بأي فكرة أو إلزامه بتعليمات وتوجيهات للرسم، ويفضل تركه يرسم الرسم الحر الذي يبرز شخصيته ويبين معاناته ونقصه واحتياجه”.
وأكدت “الجمعان” أن الأمر يحتاج إلى تركيز من الوالدين مع أبنائهما، فمن خلال الجانب العملي الذي تناولته الورشة، كان هناك رجل واحد هو من استطاع ملاحظة صغر حجم الولد في الرسم المعروض، وبناءً عليه عرف أن الطفل – صاحب الرسم – مهمش وضعيف الثقة في نفسه، وبعد الانتهاء من الورشة طلب الحضور تحليل رسومات أطفالهم.