ساعتان للحد من حالات الانتحار.. في مستشفى القطيف

غابت الإحصائيات الصحية عن عدد الحالات التي عرضت نفسها للانتحار، مع وجودها في المجتمع واستقبالها من مختلف الأعمار في المستشفيات لمنعها وعلاج منشأها الناتج عن الاضطرابات والأمراض النفسية والذهانية، وتكون بدرجات متفاوتة من؛ البسيطة والمتوسطة والشديدة التي تصل إلى الموت.

جاء ذلك في حديث رئيس قسم الصحة النفسية بمستشفى القطيف المركزي استشارية الطب النفسي الدكتورة سارة العميري، لـ «القطيف اليوم»، في احتفاء المستشفى باليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار “منع الانتحار”.

ونظم الفعالية التي أقيمت على مدى ساعتين، قسم الصحة النفسية بالمستشفى، ودشنها المدير التنفيذي بالإنابة والمدير الطبي للمستشفى الدكتور زكي الزاهر، فيما أشرفت عليها الدكتورة العميري، بحضور مجموعة من الكوادر الطبية والفنية والإدارية والمراجعين للمستشفى، ومشاركة أكثر من 100 شخص.

وتضمنت عدة أركان تثقيفية للتعريف بالخدمات المقدمة للمرضى النفسيين في المستشفى، وتوزيع المطويات التوعوية، وتقديم الاستشارات من الأطباء والاختصاصيين النفسيين، بالإضافة إلى توجيه رسالة دعم للمرضى من الحضور بكتابتها وعرضها على لوحة “شاركهم بكلمة”، وتوزيع كتاب “الاكتئاب” وتوقيعه من مؤلفه الاختصاصي النفسي زكريا المادح.

وذكرت “العميري” أن الهدف من إقامة الفعالية هو التثقيف والتوعية بأهمية رفع الوعي للصحة النفسية لجميع أفراد المجتمع، مع التركيز على تفعيل الشعار باليوم العالمي للصحة النفسية، والتوعية لمنع حالات الانتحار في المجتمع، وتوضيح الطرق التي تساعد المريض والمحيطين على علاج هذه الحالات والقضاء عليها، بالإضافة إلى التعريف بالخدمات التي يقدمها قسم الصحة النفسية في المستشفى، وتقديم الاستشارات النفسية للحضور.

وبينت أن الأفكار الانتحارية لا تأتي بذاتها أو بصورة عابرة، إنما تنشأ من شعور الشخص بهلاوس وشكوك وضلالات نتيجة إصابته بأمراض واضطرابات نفسية وذهنية، وصل فيها لمرحلة متقدمة مثل؛ الفصام، والاكتئاب، واضطراب الشخصية الحدية وثنائي القطب.

وأوضحت الإجراءات المتبعة عند استقبال حالة محاولة انتحار في الطوارئ أو المستشفى، حيث يتم التعامل معها بصورة طارئة جدًا كونها من الحالات التي تهدد الحياة، ويبدأ بإسعافها والتأكد من سلامة حالتها الصحية والتعرف على وسيلة الانتحار من؛ جرح أو بلع أدوية، ومعالجتها إما بالجراحة أو غسيل معدة في حالة التسمم بإعطاء مضاد للدواء الذي أخذته.

ونوهت “العميري” بدور الطبيب النفسي في علاج حالة الانتحار، حيث يعمل على تقييمها بمعرفة التاريخ المرضي وأسبابه، ومن ثم يعالج وفق المرض المصابة به، لافتةً إلى أن هناك حالات يتم فيها إبلاغ الشرطة لاتخاذ الإجراءات الجنائية.

ودعت الأهالي والمقربين من المرضى النفسيين أو من أقدموا على الانتحار أو يفكروا في الانتحار، إلى مراقبتهم عند مرورهم بحالة من العزلة والتفكير المتشائم، وحتى التفكير الصريح بالرغبة في الموت، مشددةً على ضرورة الحوار معه وتغيير أفكاره اللاعقلانية الانتحارية، كون الانتحار يبدأ بفكرة، ومع مرضه لا يدرك أنه خطر وعليه البعد عنه.

واعتبرت “العميري” أن الوازع الديني في المجتمع الديني أحد الأسباب التي تقلل معدل الانتحار بالنسبة للدول الأجنبية، كون قتل النفس أحد المحرمات في الشريعة الإسلامية، إلا أن ذلك لا يمنع وجود فكرة الانتحار، والنظر إلى أن المريض مع معاناته المرضية غير واعٍ بما حوله هل هذا حلال أو حرام نتيجة للهلاوس وفقدان البصيرة والإرادة وقتها، ويكون هدفه الموت والتخلص من الحياة والتعب النفسي.

واستعرضت الخدمات العلاجية التي تقدم إلى المريض النفسي وتبدأ من؛ تقييم حالته من الاختصاصي النفسي السلوكي الذي يحدد درجتها، وعندما يجد أنها تحتاج علاجًا دوائيًا يحوله إلى الطبيب النفسي الذي بدوره يُخضع المريض إلى خطة علاجية بين العلاج السلوكي المعرفي والدوائي، ووصف الأدوية النفسية التي تناسب حالته المرضية، أو المهدئات.

وقالت: “يقوم الطبيب بوصف الدواء المناسب مع توضيح الآثار المترتبة عليه إيجابًا وسلبًا، وفي حال التعرض لآثار جانبية، وهذا قليل جدًا، يتم تغيير خطة الدواء، مع العلم بأنه يتناول الدواء وفق حالته المرضية ولمدة معينة وجرعة محددة لا تتجاوز مدة 6 أسابيع”.

وأكدت توجه إدارة المستشفى إلى التطوير المستمر في تقديم الرعاية الصحية النفسية، بتجديد القسم وانتقاله إلى مبنى منفصل (مبنى أمراض الدم الوراثية سابقًا) بعد إعادة بنائه وصيانته، حيث ستتم زيادة عدد العيادات من ثلاث إلى ست عيادات، تتبعها زيادة عدد الأطباء والاختصاصيين النفسيين.

وأشارت إلى الخدمات التي يقدمها قسم الصحة النفسية من؛ 10 عيادات أطباء نفسيين استشاريين، و 20 اختصاصيين نفسيين، ويستقبل الطبيب النفسي في اليوم بين 20 – 30 حالة، والاختصاصي 15 – 20 حالة.

من جانبه، عرف الاختصاصي النفسي زكريا المادح بالخدمات المقدمة في قسم الصحة النفسية، مؤكدًا أنه يستقبل جميع الأعمار لتقييم وعلاج الحالات النفسية والسيكولوجية، والاضطرابات النفسية من؛ قلق، واكتئاب، وفصام، واضطرابات سلوكية للأطفال، وتوحد وفرط حركة، مع عمل المقاييس التشخيصية.

وأوضح “المادح” أن الحالات يتم علاجها بصورة فردية وبسرية تامة، مع الاستعانة بالعلاج الاجتماعي لبعضها، مشيرًا إلى زيادة الوعي من أفراد المجتمع بأهمية العلاج النفسي وعدم الخوف من الطبيب النفسي، بل اتسع إلى عقد المستشفى شراكات مجتمعية مع عدة جهات في المجتمع على المستوى الحكومي والاجتماعي والتطوعي والتعليمي للتدريب وتقديم الاستشارات النفسية.

فيما ثمن المدير التنفيذي بالإنابة والمدير الطبي للمستشفى الدكتور زكي الزاهر، الجهد المقدم من قسم الصحة النفسية لتحقيق هدف المستشفى وتقديم خدمات نفسية متكاملة، وفق رؤية المملكة 2030، مع العمل على كسر هاجس والخوف من العلاج النفسي عند أفراد المجتمع.

ونوه “الزاهر” بسعي إدارة المستشفى إلى توسعة الخدمات الطبية النفسية بما يلبي التوجه الذي تعمل عليه رؤية المملكة 2030، عبر زيادة العيادات والكوادر الطبية الفنية في القسم، بما يلبي رضا المستفيدين من أبناء المجتمع.


error: المحتوي محمي