لهفي على الحسنِ الزّكيِّ المُجتبى
من بَعْدِ والدِهِ الوصيِّ تجرَّعا
غُصصَ الزَّمانِ مَعَ الخصيمِ وقومِهِ
إذ أسلموهُ و أمرُهُ قد زُعزِعا
خذلوهُ عن جهلٍ وتغريرٍ أتى
من خصمِهِ رامُوا بذلك مطمَعا
لم يحفظوا خيرَ الورى في سِبطِهِ
لم يلقَ منهم للوصايا مَن وعا
نهبُوا هُنالكَ رحلَهُ و تجاسروا
في ظُلمِهِ وبمعوَلٍ قد أُوجِعا
وهو الحليمُ ولم يزلْ مُتصبِّراً
ولأجلِ دِينٍ لم يَكُن أن يجزعا
حقَنَ الدِّماءَ بصُلحِهِ و بذاكَ قد
كشفَ الذي بالغدرِ كانَ تطبَّعا
سحَقَ الشُّروطَ و لم يفِ بعهودِهِ
وانساقَ نحوَ جريمةٍ وتدفَّعا
قد أوصلَ السُّمَّ الزُّعافَ لجعدةٍ
حتّى تُجَرِّعَ سِبطَ طه الأورعا
كأسَ المَنونِ فنفّذت ما قالَهُ
مِن خُبثِها و سقتهُ ما قد بضَّعا
كَبِداً لَهُ ودَنا الحِمامُ لساحِهِ
وغدا الحُسينُ عليهِ يهمي الأدمُعا
أوصى وكانَ بما سيجري عالِماً
عندَ النَّبيِّ بمدفَنٍ أن يُمنَعا
فقضى هُنالكَ نحبَهُ لهفي لَهُ
قد مضّ أهليهِ المُصابُ وأفجعا
رشقت جنازتَهُ السِّهامُ وخلَّفت
في كُلِّ قلبٍ لوعةً وتوجُّعا
ناحتهُ فاطمةُ البتولُ وزينبٌ
وبقيعُهُ إذ حَلَّ فِيهِ وأُودِعا.