بيْن عدم كفاية الوقت استعدادًا للنزول إلى المدرسة، وبين عدم وجود قابلية لتناول أي طعام في الصباح، تضيع وجبة الفطور، ليبدأ كثير من التلاميذ يومهم الدراسي بلا طعام وتمر الساعات انتظارًا لوقت الفسحة، لتناول كيس من الشيبسي وعلبة مياه غازية، وإن كان الطالب أكبر سنًا فستجد مشروب الطاقة ملازمًا له، ظنًا منه أنه يستطيع مواصلة يومه بنشاط.
اختصاصي التغذية رضي العسيف في حديثه لـ«القطيف اليوم» يوضح احتياجات كل مرحلة عمرية من أنواع الغذاء المناسب، وأهمية بعض الوجبات مقارنةً بغيرها.
مقصف المدرسة
أكد العسيف أن الوجبة التي يتناولها الطلاب في الفسحة غير كافية ولا تعد بديلًا للفطور، كونها من أصناف محددة، ومعظم ما يوجد في بعض المقاصف المدرسية هو مجرد “سناك” من شيبسي وحلويات وعصائر معلبة أو مياه غازية، وهي غير صحية بالمرة، وبعض المدارس حالها أفضل وتهتم بتوفير فطائر، ونوعية عصائر متميزة وحليب، فالوجبة تعتمد على إدارة المدرسة وما توفره لطلابها من مواد غذائية، متمنيًا أن تكون الوجبات المدرسية مطابقة للمواصفات الصحية والغذائية، مشيرًا إلى أن الأغذية السريعة أو ما يعرف بـjunk food ضررها أكثر من نفعها، لأنها سناك غير صحي.
وبيّن العسيف أن اختصاصيي التغذية يهتمون بتناول الطفل فطوره قبل الذهاب إلى المدرسة لأن الجسم يعتمد على وجبة الفطور ويستمد طاقته من هذه الوجبة لأنها وجبة أساسية، كما أكدوا على أهمية وجبة الفسحة فهي تعطي الطالب الطاقة لما بعد الحصة الثالثة.
شحنة الصباح
ونصح جميع الأهل أن يحرصوا على إطعام أبنائهم وجبة الفطور قبل الذهاب إلى المدرسة لأنها تمثل ثلث احتياج الإنسان من السعرات الحرارية على مدار اليوم، فإذا كان يحتاج 1500 سعرة حرارية فوجبة الفطور تمثل 300-500 سعرة حرارية، ويعتمد ذلك على مكوناتها، فالطالب الذي يذهب إلى المدرسة دون أن يتناول هذه الوجبة، لا تكون لديه طاقة، بمعنى أنه يذهب إلى المدرسة وهو صائم، فيحتاج إلى وجبة لشحن طاقته، مطلقًا على وجبة الفطور “شحنة الصباح”، وملفتًا إلى أنه كلما كانت هذه الشحنة وقودًا صحيحًا وسليمًا فسوف يبدع الطالب، وهي أيضًا وجبة الإنتاج، فإذا كانت متكاملة سينتج عنها تحصيل الطالب للمعلومات، والاجتهاد في الحصة الدراسية.
الوجبة المتكاملة
وأوضح أن الوجبة المتكاملة تعتمد في مكوناتها على البروتين، والكربوهيدرات، والفواكه والخضار، ولا تعتمد على صنف واحد، إنما على أصناف متعددة ومتكاملة في نفس الوقت، منوهًا إلى أن بعض الطلاب لا يتناولون وجبة الفطور، لأنهم يرونها غير جذابة، وبعض الأهالي لا يهتمون بها، ولذلك نصح الأهالي بأن يقدموا وجبة الفطور بشكل مميز لتجذب الطلاب، وأن يكون هناك تنوع وتغيير ليستمر كل طالب على تناول فطوره ويحرص عليه.
وأشار إلى أن السكريات والكربوهيدرات، لا تعد وجبة صحية، لأنها طاقة سريعة تدخل إلى الجسم فتربكه، أما الوجبة المتكاملة فلابد أن تحوي البروتين والمعادن والفيتامينات، مثل وجبة مكونة من الكبدة (البروتين)، والحليب (كالسيوم)، والفاكهة (أملاح ومعادن وفيتامينات)، فإذا تناول الطالب وجبة بهذا التنوع والتكامل فقد حصل على احتياجاته الغذائية، التي تمده بالطاقة.
ووجه بتناول المواد الغذائية المفيدة التي تمد الجسم باحتياجاته، وأن يضع الأهل جدولًا غذائيًا، لمدة سبعة أيام، وأن يستمر على هذا الجدول.
متطلبات المرحلة
وأكد أن كل مرحلة عمرية لها متطلباتها الغذائية كمًا ونوعًا، وتحكمها كذلك الرغبات الشخصية، فطلاب الابتدائية يتجهون إلى الشيبسي والحلويات، ويختلف عنهم طلاب المرحلة المتوسطة، وطلاب الثانوي، وقال: “تلفت انتباهنا بعض السلوكيات الغذائية الخاطئة في كل مرحلة، فإذا كان طلاب الابتدائي يتأذون من الوجبات السريعة، فمشهد طلاب الثانوي وهم يمسكون بعلب الطاقة هو مشهد مؤذٍ، ويضر بصحتهم، وبعض الطلاب يمسكون علب المياه الغازية، وهذه أيضًا مضرة صحيًا، فكل طالب له سلوكيات غذائية قد تكون غير صحيحة، فالمفترض أن يتم توجيههم إلى التصرف الصحيح، حول ماهية الوجبة الصحيحة، ومدى ضرر القهوة والدونات ومشروبات الطاقة التي يتناولها كفطور، فيجب على الشباب أن يهتموا بوجبتهم، وتكامل عناصرها”.
أصدقاء الدماغ
ذكر أن التغذية لها تأثير كبير على الإنسان، وكل عضو في الجسم يناسبه غذاء معين، فالدماغ على سبيل المثال تحتاج إلى مجموعة غذائية معينة لتنشطها وتقويها، ويسميها “حمية الأذكياء”، وهي مكونة من مجموعة غذائية تسمى “أصدقاء الدماغ”، مثل زيت الزيتون، والمكسرات، والأوميجا 3، والسمك الذي يمكن تناوله لثلاث مرات في الأسبوع وأهم الأنواع الصديقة للدماغ سمك السالمون، وفي المقابل هناك بعض الأغذية التي يسميها “أعداء للدماغ”، مثل الدهون المتحولة، كما في الوجبات السريعة، والشيبسي، والدهون المشبعة كما في الدونات، مؤكدًا أن هناك دراسات أثبتت أن الإكثار من تناول الوجبات السريعة وذات القيمة الغذائية المنخفضة تسبب ضعف الذكاء، فالدهون لها تأثير كبير على ضعف الدماغ.
من هنا نبدأ
وتساءل: من أين تبدأ الحمية الصحية للأبناء؟ ليوضح أن أساس التغذية السليمة للأبناء يبدأ من الأهل، فإذا كانوا يمارسون عادات صحية سليمة، سيكون البيت كله صحيًا، فالأبوان هم القدوة، وتلك العادات تبدأ من المشتريات، فإذا اصطحبت الطفل أثناء التسوق وتركت له حرية الاختيار وأوضحت له فائدة ما يختاره أو ضرره، ستربي داخله العادات الغذائية الصحيحة.
وقال: “الأمر لا يتوقف على ما يتناوله الطالب في المدرسة، ولكنها سلسلة متصلة ومتكاملة، فماذا يأكل في البيت؟ إذا كان البيت يوفر له الأغذية الصحية سيتناولها، وإذا كان العكس، فلا نتوقع أن تكون تغذيته سليمة، وباختصار إذا كانت ثلاجتك صحية فحميتك صحية وصحيحة، فالغذاء الصحي نمط حياة، من الصغر، وحتى كبر السن، ولابد من تعزيز هذا المفهوم، واحتياج كل إنسان يختلف، عمريًا ومزاجيًا، وعلينا أن نحصل على الغذاء الصحي والصحيح، وكل شخص بحسب نشاطه البدني ومرحلته العمرية”.
الطبق الصحي
ونصح بأن يتم تقسيم الطبق الصحي إلى قسمين، قسم للخضراوات والفواكه، والقسم الثاني يتم تقسيمه إلى نصفين؛ كربوهيدرات، وبروتينات، مع ملاحظة أن النشويات أصبحت أقل من نصف الصحن، وقال: “إذًا طبقنا مقاييس الطبق الصحي في الوجبات الثلاث، فبذلك نكون قد حصلنا على الحصص الكاملة من احتياجات الجسم على مدار اليوم”.
الماء حياة
ولأن الله خلق من الماء كل شيء حي؛ أكد العسيف أن تناول الماء بكمية كافية وبشكل صحيح من أهم عناصر التغذية الصحية والتي لا يمكن إغفالها، منوهًا إلى أن كثيرًا من الطلاب لا يهتمون بشرب الما وخاصة في الشتاء، مؤكدًا أن الجسم بستفيد بكل قطرة ماء وأنه كلما شرب الشخص الماء كلما استفادت منه كل أعضاء جسمه.