الجارتان والخائن!

يتهامسون بعجب، ويصْفقون الراح بعتب، ويلٌ لما كسب، قد خان حبه للأبد!

أسمعتِ يا جارتي ما حصل؟!

ابن ليلى قد خان القمر، قد أسقط النجم في وادي سقر!

ويلاه ويلاه!!

أحقاً انخسف القمر، وأُجهض البدرُ من رحم رقيع؟!

بلى.. بلى جارتي!

أو لم تعرفيه؟!

مذنبٌ يقطرُ الذنب من قفاه، مرعبٌ يخشى الورى من بلاه، هو سوء.. هو هم.. هو بؤس.. هو كابوس العزاء!

شد أطناب الخيانة جهراً وانتهى.. يُؤلم الخافق جرحاً ينزفُ.. تمادى على رقع الحب مزقها.. بلا هودجٍ يحميها ويسترها.. عجبًا ألم يرى عدل الله يردعه، ولم يراع حق القلب يحفظهُ!

آهٍ آهٍ يا جارتي، قد سمعت عنه ما يؤذي الفؤاد.. ويُبكي الحُرةُ بكاء الثُكلاء!

سمعتُ أن أمهُ أيضاً بئر سوء، عذبها يخفي نقيع سُمها، وكيدها مكنون سرها، تمكرُ خبثاً وتحيك الحيلا!

وأبوه.. وأخوه.. وأخته… ويجري الحديث الشيقُ الشائق بين الجارتين.. تدور به العقارب شغفاً تنقضي، تقرص هذا وتخيط السوء لذاك!

إلى أن يخيمُ التعب على عقليهما، ويبدأ الظمأ يظهر على شفتيهما.. فيختما حديثهما!

“ما لينا شغل بالناس.. الله يهديهم إن شاء الله”.

أخبروني أهو المذنب الآن أم ذاك الحديث.. الذي عريتموا به كل شريف.. واتهمتوا به كل عفيف.. واغتصبتموا به حق المضيف!

أهو الخائنُ الآن أم ذاك الضريح، الذي بنيتموه زوراً على كتف الطريق.. نقضتموا به عهداً وتركتما به وفاءً وأحللتم به أمانه.. ونشرتم به كذباً!

كحشوة قطنٍ ملئتم بها حفرة فضولكم فلا هي نفعت ولا هي أشبعت.. فقط أشاعت وقتلت!

ليس كل ما تلتقطه أذنك له الحق بأن يخرج من فمك، وليس كل ما يعانق أذنك سيكون صحيحاً!

لا تعتمد على ما تسمع أبداً لكي لا تخسر قيمتك ومبادئك وحقك ووفاءك وعهدك وأمانتك، لكيلا تكون خائناً دون أن تقصد!

اعتمد على ما تسمع وما ترى!


error: المحتوي محمي