الشيخ آل إبراهيم: سيدات بعد أن لجأن للعرّافين.. المشاكل الزوجية تعقدت والديون تراكمت

روى مدير مركز البيت السعيد للتدريب الاجتماعي بصفوى الشيخ صالح آل إبراهيم قصصًا واقعية واجهته خلال عمله كاستشاري أسري، من أشخاص عانوا من وجود مشاكل بينهم وبين أزواجهم امتدت مع الزمن، مما ترتب عليه أثر سلبي على حياتهم الشخصية والأسرية والاجتماعية والمهنية.

وحكى الشيخ آل إبراهيم أن أحد الأزواج هجر زوجته لمدة 14 سنة، بسبب غضبه منها لأنها تنازلت عن حقها من ميراثها من أبيها لأخوانها القصّر، فعاشا في منزل واحد ولكن دون وجود أي تواصل بينهما، وبعد هذه المدة، لجأت الزوجة إلى طلب استشارة أسرية علها تجد حلًا تستطيع به مواصلة حياتها الزوجية وبين أبنائها بصورة طبيعية، محاولة بذلك إعادة بقايا العشرة التي كانت قائمة قبل المشكلة.

وعن مشكلة زوجية أخرى، روى أنه أثناء جلسة فضفضة عابرة بين إحدى الزوجات وصديقتها، كانت الزوجة تستشيرها فيما تعانيه من مشاكل أسرية، فنصحتها صديقتها بالذهاب إلى أحد العرافين ليعمل لها عملًا سحريًا يقرب منها زوجها وينهي المشاكل بينهما، وبالفعل استجابت الزوجة لنصيحة صديقتها، وذهبت إلى أحد العرافين لكي يعمل لها عملًا سحريًا يعيد حياتها مع زوجها كمان كانت.

وأضاف أن ذلك العراف قام بكتابة بعض الكلمات في ورقة وأعطاها لها كما أعطاها دهانًا خاصًا وذلك مقابل مبلغ 5000 ريال، كانت قد استدانته له، فأخذت منه الورقة والدهان ونفذت ما قاله لها، ولكنها لم تجد تغييرًا وتحسنًا في مشكلتها فرجعت للعراف مرة أخرى فطلب منها 5000 ريال أخرى مقابل عمل آخر إلا أنه لم يجد أيضًا، وعندما أرادت التواصل معه من جديد لم تستطع ذلك لأنها فقدت مصدرها، وفي نهاية المطاف وجدت نفسها غارقة في الدين كما زادت المشاكل بينها وبين زوجها!

كانت هاتان الحكايتان من بين العديد من القضايا الزوجية التي استقبلها مدير مركز البيت السعيد للتدريب الاجتماعي بصفوى الشيخ آل إبراهيم في اللقاءات التي قادها فضيلته في الليالي العشر الأولى من شهر محرم الحرام وقدمت في استضافته الخاصة بالمجالس الحسينية ضمن البرامج الثقافية لما قبل المجلس الحسيني، بالتعاون مع مركز البيت السعيد للتدريب الاجتماعي بصفوى، تلك القضايا التي تطلب استشارة أسرية بإيجاد حل لها بعد أن شارف بعضها على الطلاق، وانتهاء الحياة الزوجية، بسبب اللجوء إلى طرق خاطئة لحلها.

وأوضح الشيخ أن الخلافات الزوجية أمر طبيعي في الحياة، وأنها قد تكون حتمية مؤكدًا أنه لا توجد علاقة زوجية ليس فيها خلاف، مرجعًا ذلك إلى عدة عوامل منها؛ حدوث المشاكل نتيجة الاشتراك في المعيشة وكثرة الاحتكاك والتلاقي بين الزوجين، مع الاختلاف في العادات والثقافات والمستوى الاجتماعي بينهما فكلا منهما جاء من بيئة مختلفة، بالإضاف إلى انتماء الزوجين إلى جنسين مختلفين في الطباع والميول والتطلعات ومستوى الحوار والطموح والاحتياجات العاطفية، فكلا منهما يتوقع من الآخر تقديم أشياء كثيرة، والتي قد لا تتم تلبيتها مما يسبب الإحباط لهما، كما أن اختلاف الزوجين في نظرتهما الشخصية للحياة الزوجية يحدث تباينًا في وجهات النظر فكلا منهما له نظرته الخاصة به.

وفسر لماذا تنجح بعض العلاقات الزوجية ويفشل بعضها الآخر رغم أن الدراسات وجدت أن الأزواج السعداء وغير السعداء متقاربين في خلافاتهم وجدالهم! بقوله: “إن جوهر الخلاف ليس في موضوعه، وإنما في أسلوب التعامل معه فيما بين الطرفين”.

وذكر أن هناك طرقًا خاطئة يلجأ لها الأزواج للحد من الخلافات، في حين أنها تعتبر ممارسات تساهم في إحداث شرخ في العلاقة الزوجية، ومن شأنها أحداث الكراهية والنفور بين الطرفين، ومن هذه الطرق؛ الهروب من حل المشكلة، والانتقاد، وكثرة اللوم، والهجر، والسخرية، واللجوء إلى السحر والشعوذة، مستشهدًا على كل منها بقصص واقعية.

وقدم سماحته طرقًا بنّاءة تتسم بالحكمة وترشد إلى إدارة الخلافات الزوجية ومحاولة حل المشاكل بصورة سليمة، ومنها؛ المحافظة على هدوء الأعصاب، واختيار الكلمات بعناية، والسعي إلى فهم الشريك والتعاطف معه، مركزًا على سبب الخلاف وعدم ذكر الجروح القديمة.

ودعا إلى الاعتراف بالأخطاء وتقديم الاعتذار، واستخدام الفكاهة لتخفيف التوتر، بالإضافة إلى التوقف عن الجدال عندما يحتد، والتفكير بما تريد تحقيقه من وراء الخلاف.

وأشار إلى أن إحصائيات وزارة العدل في المملكة توضّح زيادة معدل الطلاق من عام 2001 إلى عام 2017، حيث أظهرت أن مؤشر الطلاق في زيادة مستمرة مع تتابع السنوات؛ ففي عام 2001 عدد حالات الطلاق كان 6725 حالة، أما في 2004 فصار 24435 حالة، وفي 2013 وصل إلى 42408 حالات، وأخيرًا في 2017 بلغ 56483 حالة.

ولفت إلى أن وزارة العدل في المملكة أعلنت عن عدد صكوك الطلاق الصادرة منها خلال شهري جمادى الأول وجمادى الثاني من عام 1440هـ، حيث بلغت 10016 صك طلاق، ناسبًا أسباب زيادة عدد حالات الطلاق إلى ضعف ثقافة الزوجين بكيفية حل المشكلات الزوجية.

وشدد على الأزواج بضرورة اكتساب وتعلم مهارات وفنيات وأساليب لحل المشكلات الزوجية، متحدثًا بشكل تفصيلي عن بعض المقدمات الأساسية لحل المشكلات الزوجية والتي تمثل قواعد ضرورية لحل المشكلات والأخذ بها وتطبيقها في الحياة الزوجية عند مواجهة أي مشكلة للحد من الطلاق.

وذكر 15 مفتاحًا جوهريًا لحل المشكلات الزوجية، منها؛ ادفع بالتي هي أحسن، واختيار المكان والزمان المناسبين، ومناقشة المشكلة بهدوء وحياد، وجعل التواصل آمنًا، واستشارة ذوي الخبرة، والتماس العذر لشريك الحياة، والبحث عن مجالات الاتفاق فيما بينهما.

وفي النهاية، أوصى الشيخ بعدم التركيز على الاختلافات بين الزوجين، والعمل على تحسين العلاقة بينهما والبدء بالنفس قبل الطرف الآخر وترك اللوم عليه وكأنه سبب رئيس فيها، بالإضافة إلى محاولة التكيّف مع بعض المشاكل، وعدم الاستعجال في أخذ القرارات والصبر على المشاكل من كلا الزوجين، منوهًا إلى أن 69% من المشاكل الزوجية غير قابلة للحل وحلها يكون بالتكيف معها.

يذكر أن الشيخ آل إبراهيم قدم في ليلة 11 محرم 1441هـ، لقاء بعنوان “مقدمات أساسية لحل الخلافات” بحسينية أم معين بالتركيا، وقبلها قدم لقاء آخر بعنوان “فن إدارة الخلافات الزوجية” في ذات المجلس.


error: المحتوي محمي