للفساد جولة وللحق دولة

يعيش الوطن مرحلة إرساء مقومات تحديث شامل للبنى الاقتصادية بجميع مقدراتها ومواردها الوطنية، تنمية وتطويرًا لأوجه الإنتاج الوطني، بما يحقق للسعودية أن تكون رقمًا مهمًا في مجموعة العشرين.

وضمن برامج الإصلاح، تنطلق المرحلة الفرعية الثانية من برنامج مكافحة الفساد الإداري والفساد الماديّ، عبر خطط تتبنى بعدين: الأول يعنى بالطور العلاجي ومكافحة جميع أوجه مفهوم الفساد بشقّيه الإداري والماليّ، فيما يهتم الثاني بدور التحصين الوقائي، من خلال صياغة متينة لنظم الوقاية، والتي تمرّ بمرحلة نشر الوعي العام في جميع المؤسسات الرسمية، لتتشكل ثقافة في الفضائين الرسمي والشعبي، حفاظًا على ثروات البلاد ودرء سبل الهدر في مقدراتنا الوطنية أو التجاوز على نظم الرقابة الوقائية بالاحتيال أو سوء استخدام السلطة الإدارية.

تصوّر أن مقاول صيانة أحد الطرق يتم إرساء مناقصة عليه بتأثيرات الواسطة والعلاقة الشخصية، أليس هذا فسادًا؟، بل الأسوأ أن يقوم المقاول لاحقًا بصيانة شكلية للطريق بغير اتباع أقل مستوى من المعايير الهندسية المتبعة في تنفيذ الطرق، كما لا يخفى حجز وظائف لذوي القرابة أو العلاقة أو نتيجة استلام رشاوى أو ظهور لأي شكل من أشكال المحسوبيات.

نجد في حالات كثيرة أن الفساد الإداري يواكبه فساد ماليّ، والحديث عن أوجه هذا الجانب صار مدارًا محتمًا في بعض البلدان، وهنا يمثّل الفساد ظاهرة تتجاوز البلدان النامية، فأمريكا وبريطانيا وفرنسا خير ما يعبّر عن ذلك، إننا نجد شركة آثر أندرسون تعترف بتدمير وثائق مهمة، في انهيار شركة الطاقة أنرون، التي تستّرت بدورها 9.3 مليار دولار، وفي بريطانيا، أحد الوزراء تتكون ثروته من إنتاج الأغذية المعدّلة وراثيًا.

إنّنا نعيش ازدهارًا معاصرًا حثيثًا، يتزامن في القفزات الاقتصادية والوطنية والعلمية في بلادنا من جهة البناء، مع تلك التي تعالج كل أوجه القصور أو تحصن مكتسبات الأرض والإنسان في السعودية، على يد ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان، ضمن إستراتيجية رصينة ورؤية كتابها الوطن، ومفرداتها المواطن.

وكان تأكيد مازن بن إبراهيم الكهموس، الرئيس الجديد للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، في عبارة اختصرت المشهد العملي الذي بدأ لمكافحة الفساد، حيث قال: إنّ سموّ ولي العهد طلب منه التواصل شخصيًا، وإبلاغه عن أي مسؤول لا يتفاعل مع إجراءات مكافحة الفساد، وهذا مما يمكن تحليله، بأنه يحمل تعليمات حازمة وصارمة، تعطي الجميع أمانًا من هذه الأورام الخطيرة التي مهما كانت صغيرة أو متوسطة في أطوار نموّها الفاسد، فإن درء خطرها واجب.

وهكذا يبقى الوطن أمانة، ويبقى المواطن مسؤولًا عن الحفاظ عن كل مقدرات الوطن، في ظل قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- وأدام علينا نعمة الأمن والأمان والرخاء.

المصدر: صحيفة آراء سعودية


error: المحتوي محمي