ميزان حب الأولاد يميل إلى الأب أم إلى الأم؟

المحطة الأولى من التربية في حياة الطفل هي الأسرة العائلية، حيث الوالدين يشكلان صدى الصوت الأكثر فعالية على شخصية الأبناء قبل انتقالهم إلى المحطة الكبرى خارج البيت. من أهم عوامل الانسجام الأسري وصناعة الأخلاق الحميدة للطفل هو عامل الحب والمودة بين الأبوين. ففي حال فقدان هذا العنصر الجوهري تكون حياة الطفل أكثر تعاسة، فربما إذا كان الوالدان منفصلين يكون أفضل للطفل من فقدان وانفصال المودة والحب داخل الأسرة.

علماء الاجتماع حصروا بعض الأسباب التي تجعل الطفل يميل إلى أحد الوالدين، من أحد الأسباب هو الكلام غير المحمود من الأب على الأم أو العكس فعندما تصف الأم أن الأب عفريت البيت وسلوكياته عدوانية يترسخ في ذهن الطفل أفكار سيئة تجاه أبيه، كذلك قسوة وظلم الأب على الأم أمام الأولاد من حيث التعامل السلوكي الوحشي أو الشح في المصروف المادي على الأم ومستلزمات البيت مما يخلق مزرعة من الحقد تتشابك جذورها تجاه الأب وتتحول الكاريزما للأب من ملاك طيب إلى شخص مرعب مثل “دراكولا” أو “زومبي” في العائلة؛ حيث الطفل لا يستطيع رفع الظلم عن الأم، فتكون ردة فعل الولد في رفض الظلم و إظهار الكراهية إلى الأب.

كما يقول الشاعر إيليا أبو ماضي في أن تجعل شخصيتك أكثر مودة وحنانًا مثل الوردة ليس في عبيرها فقط إنما في العطاء من لونها الجميل الذي يحمل البهجة والسعادة وعطاء الورد دائمًا جميل للجميع دون مقابل وإن كان تعاملك قاسيًا وعدوانيًا شبهها بالشوك الذي دائمًا يبعث الضرر حتى إلى الأشخاص الذين يعتنون فيه:
كن مثل الوردة عطرها حتى إلى قاتلها
ولا تكن شوكًا خبثها حتى لساقيها

بينما بعض علماء الأنثروبولوجيا يصرحون بأن الانتقاد الهادم وليس النقد البناء يعمل منزلقًا خطيرًا في زراعة شوك الكراهية إلى الطفل تجاه الأبوين، حيث إن الطفل لا يسمع أي مدح أو حسنة تجاه تصرفاته وعمله، إنما يسمع دائمًا العيوب والأخطاء، كذلك تجاهل الطفل من قاموس العائلة، حيث الأب أو الأم في انشغال عن ابنهما وعدم الاستماع إلى (مشكلته/مشكلتها) والسؤال عن أحوالهم يخلق جبلًا من الكراهية إلى الطفل تجاه أبويه ويصعب تحطيم هذا الجبل مستقبلًا.

المودة والحب هما الوقود الروحي الذي يحتاجه الأبناء في الأسرة وبه توَرِّق الحياة وبعدمه تكون لا معنى لها، فعندما يتغلل الحب في فؤاد الابن إلى الأبوين، يكون للبيت الأسري معنى من الجمال والمودة كما قال الشاعر محمود درويش، قولًا محمودًا وجميلًا:
من يملك الحب لا يخشى برودة الشتاء
فالحب والمودة بين الأبوين تبعث الدفء والحنان من الاستقرار العائلي.

ملاحظة:
الأنثروبولوجيا: علم دراسة سلوك الإنسان والمجتمعت.
الكاريزما: شخصية تملك قدرة فعالة.


error: المحتوي محمي