أُختاهُ قد حانَ الفراقُ ألا اسمعي
و بصبرِ أمّكِ و الوصيِّ تدرّعي
و تحمُّلي الأرزاءَ في طفّ البَلا
فغداً أُلاقي دُونَ شكٍّ مصرعي
لُمِّي عيالي بعد قتلي و انظري
في حِفظِهم لا ألفِينَّكِ تجزعي
و إذا الخِيامُ بها الأعادي أشعَلوا
نيرانَهم فخذي اليتامى واجمعي
وتكفّلي حالَ الأيامى و امسحي
بيَدٍ هُنالكَ فيضَ تلكَ الأدمُعِ
اللهُ حارسُكم و مانعكم غداً
من كيدِ أعداءٍ و بغيٍ مُترَعِ
عاشورُ وعدي و القضاءُ مُحتّمٌ
سيحُلُّ بي فتكُ المنونِ و مَن معي
ستنالُ مِن جسمي سُيوفُ أُمَيّةٍ
و سِهامُهم و رماحُهم كالشُّرّعِ
حجَرٌ سيرضَخُ جبهتي مِن غاشمٍ
و صدى إصابتِهِ يرِنُّ بمسمعي
و أُميطُ عن عيني الدِّماءَ لكي أرى
حالَ الخِيامِ و ما بها يجري أعِي
و السَّهمُ ذو شُعَبٍ ثلاثْ يُصيبُني
في مُهجتي و بحيلةٍ لمْ يُنزَعِ
و إذا دفعتُ السَّهمَ نحو مُؤخَّرٍ
ستفورُ مِن جسمي الدِّما كالمنبَعِ
سأُخَضِّبُ الشّيبات مِن جاري دمي
و اللهُ ينظُرُ حالتي و توجُّعي
مع ذاك لا أُسقى و قلبي عاطِشٌ
و أرى السَّماءَ كما الدُّخانِ الأرفعِ
و عليَّ تزدلِفُ الصُّفوفُ لمقتلي
و أنا وحيدٌ ليسَ لي مِن مَفزَعِ
خَدِّي تريبٌ و الدِّماءُ تفايضت
مِن كُلّ أطرافي بخطبٍ أفظَعِ
و الشِّمرُ يجثو فَوْقَ صدري آخِذاً
في حَزِّ رأسي يا جبالُ تصدَّعي
يفري لأوداجي هُناكَ بسيفِهِ
بصلافةٍ و جسارةٍ لم يخشَعِ
سَتََرَينَ رأسي بالسِّنانِ مُعَلّقاً
و الخيلُ في عدْوٍ تَرُضُّ لأضلُعي
هذا مُصابٌ ليسَ يجري مِثْلُهُ
في العالَمين و سوفَ يُقطَعُ إصبِعي
و عليَّ عَزَّ بأن أراكم في السِّبا
بينَ العِدا فَوْقَ الهِزالِ الضُّلَّعِ
أُختاهُ قد قرُبَ الرَّحيلُ و قد دَنا
مِنِّي الحِمامُ فَمِن أخيكِ تودَّعي .