أختاهُ قد قرُبَ الرّحيل …

أُختاهُ قد حانَ الفراقُ ألا اسمعي
و بصبرِ أمّكِ و الوصيِّ تدرّعي

و تحمُّلي الأرزاءَ في طفّ البَلا
فغداً أُلاقي دُونَ شكٍّ مصرعي

لُمِّي عيالي بعد قتلي و انظري
في حِفظِهم لا ألفِينَّكِ تجزعي

و إذا الخِيامُ بها الأعادي أشعَلوا
نيرانَهم فخذي اليتامى واجمعي

وتكفّلي حالَ الأيامى و امسحي
بيَدٍ هُنالكَ فيضَ تلكَ الأدمُعِ

اللهُ حارسُكم و مانعكم غداً
من كيدِ أعداءٍ و بغيٍ مُترَعِ

عاشورُ وعدي و القضاءُ مُحتّمٌ
سيحُلُّ بي فتكُ المنونِ و مَن معي

ستنالُ مِن جسمي سُيوفُ أُمَيّةٍ
و سِهامُهم و رماحُهم كالشُّرّعِ

حجَرٌ سيرضَخُ جبهتي مِن غاشمٍ
و صدى إصابتِهِ يرِنُّ بمسمعي

و أُميطُ عن عيني الدِّماءَ لكي أرى
حالَ الخِيامِ و ما بها يجري أعِي

و السَّهمُ ذو شُعَبٍ ثلاثْ يُصيبُني
في مُهجتي و بحيلةٍ لمْ يُنزَعِ

و إذا دفعتُ السَّهمَ نحو مُؤخَّرٍ
ستفورُ مِن جسمي الدِّما كالمنبَعِ

سأُخَضِّبُ الشّيبات مِن جاري دمي
و اللهُ ينظُرُ حالتي و توجُّعي

مع ذاك لا أُسقى و قلبي عاطِشٌ
و أرى السَّماءَ كما الدُّخانِ الأرفعِ

و عليَّ تزدلِفُ الصُّفوفُ لمقتلي
و أنا وحيدٌ ليسَ لي مِن مَفزَعِ

خَدِّي تريبٌ و الدِّماءُ تفايضت
مِن كُلّ أطرافي بخطبٍ أفظَعِ

و الشِّمرُ يجثو فَوْقَ صدري آخِذاً
في حَزِّ رأسي يا جبالُ تصدَّعي

يفري لأوداجي هُناكَ بسيفِهِ
بصلافةٍ و جسارةٍ لم يخشَعِ

سَتََرَينَ رأسي بالسِّنانِ مُعَلّقاً
و الخيلُ في عدْوٍ تَرُضُّ لأضلُعي

هذا مُصابٌ ليسَ يجري مِثْلُهُ
في العالَمين و سوفَ يُقطَعُ إصبِعي

و عليَّ عَزَّ بأن أراكم في السِّبا
بينَ العِدا فَوْقَ الهِزالِ الضُّلَّعِ

أُختاهُ قد قرُبَ الرَّحيلُ و قد دَنا
مِنِّي الحِمامُ فَمِن أخيكِ تودَّعي .


error: المحتوي محمي