دعا الاختصاصي النفسي ناصر الراشد إلى تنمية مشاعر الأبناء بشكل إيجابي، وتقديم الرعاية الصحيحة لهم ليصبحوا أشخاصًا أسوياء في المجتمع.
وأوضح الاختصاصي الراشد لـ«القطيف اليوم» سبب تركيزه على الدعوة إلى تنمية مشاعر الأبناء، إذ جاءت نتيجة ما وجده من الحالات العيادية والاستشارية في العلاج النفسي، ومنها حالات الاضطراب في الشخصية، التي يرجع سببها إلى غياب تبادل المشاعر بين أفراد الأسرة، وعدم التوجيه بالشكل الصحيح، والذين تمت تربيتهم على القلق مما أدى إلى تعطل قدراتهم العاطفية ومشاعرهم تجاه من حولهم وخصوصًا الوالدين والأخوة.
وأشار إلى أنه من بين خمسة أطفال يوجد طفل مصاب باضطرابات نفسية نتيجة طريقة التربية الخاطئة، وغياب الرعاية، وعليه يجب تعلم كيفية التعامل معهم لتربيتهم وخلق شخصيتهم السوية، محذرًا من العنف في التعامل مع الأبناء الذي من شأنه أن يمدهم بخبرات ضعيفة، ويقلل الرصيد الأخلاقي الذي يكتسبه من البيئة المحيطة، وبما يحمل من مشاعر اللين، واللطف، الرحمة، والحب.
واعتبر التربية عملًا روحيًا قبل كل شيء، مؤكدًا أن هذا ما اتسم به الأنبياء والقادة والحكماء الذين يصنعون الإنسانية بكل معانيها، كما أن الناس نتاج لمجموعة من الخبرات التربوية التي تعرضوا لها خلال مراحل نموهم.
وفرق بين الرعاية والتربية من حيث المهام ومستوى الخدمة المقدمة للأبناء، مبينًا أن الرعاية هي أن تهتم بتوفير الأمور المادية والاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس، أما التربية فهي عبارة عن نقل الخبرات الثقافية والمعرفية والقيمية إلى الشخصية الإنسانية، التي تساعد الفرد على تشكيل فكره ومشاعره وضميره الأخلاقي، وتحويله من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي ينفع نفسه ومن حوله.
وشدد على ضرورة وعي الوالدين بألا يربون أبناءهم للتعامل معهم كأسرة فقط، ولكن ليعيشوا في مناحي الحياة، بالإضافة إلى ضرورة التفكير في الدور التربوي بما يتناسب مع ما يراه في المستقبل وتأدية هذا الدور بأفضل شكل.
وانتقد الاختصاصي وجود فجوة معرفية بين الوالدين والأبناء والبنات، والتي ترجع إلى تفكيرهم بأن الأساليب التربوية يتعلمها الأبناء بالغريزة، في حين أنهم يحتاجون وبشكل مستمر إلى اكتساب الثقافة والخبرات المعرفية التربوية التي تنتقل مع كل مرحلة في العمر.
وحذّر الراشد من انتقال الفرد بين مراحله العمرية بخبرات تربوية مشوهة تعرض له في حياته ينتج عنها سلوك غير سوي، وقد يتحول إلى سلوك معقد ومركب، ومن ثم يتحول مع السنوات إلى اضطراب نفسي في شخصيته.
وطالب بقيادة الفرد وإحكام السيطرة على مشاعره وأحاسيسه وتهذيبها لكي توصله إلى حالة من الاعتدال والوسطية في الفكر والمشاعر الأخلاقية، مع إدراك المرحلة النمائية للأبناء والتي من خلالها يوجه لهم ما يتناسب مع كل مرحلة، محذرًا من تسريعها حتى لا تؤدي إلى أمور خطيرة، ومنها فقد الطفل ثقته بنفسه نتيجة عدم قدرته على الإنجاز.
وأرجع شعور الطفل بالخوف والقلق المرضي إلى تعرضه إلى خبرات وقدرات أعلى من خبراته وقدرته واستعداده النمائي، وهنا يكون تعطيل القدرات والاستعدادات للنجاح، ملفتًا إلى أنه عند مراجعة المنظومة الأخلاقية نجد ترابطًا قويًا بينها وبين الأخلاق والقيم والمشاعر.
ونوه بأنه كلما كانت نسبة المشاعر عالية تزيد معها القيم الأخلاقية والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، مستشهدًا بأن من يخدم في المناسبات والأعمال التطوعية والخيرية لديهم إحساس عالٍ من المشاعر والإحساس بالمسؤولية الدينية والاجتماعية.
وركز على عملية الضبط الانفعالي وعلاقته بالمشاعر وكيفية ضبطها واختيارها في المواقف الصعبة، كونها المرشد للطفل للتعلم ومساعدته على البحث بالتفكير السليم، مع إعطائه مساحة من التفكير والمناقشة وطرح الحلول، والتي تكون عن قناعة، وتعطيه أيضًا فرصة في المستقبل للحديث عن المواقف التي يتعرض لها على أنها خبرات.
وفي الختام، أوصى الراشد بالبُعد عن المشاعر التي تشوّه كيمياء الدماغ من العنف، وعدم التواصل، وغياب التواصل بين الطفل والوالدين، وترديد جمل سلبية على مسامعه ومنها؛ “أنت فاشل” أو “يفترض أنك لست مولودًا”، والمقارنة التي تؤدي إلى خلق الحقد والحسد بين الأبناء، بالإضافة إلى مساومة الطفل على الحب، وتحاشي الحديث عن الندرة، بل العمل على تربيتهم على ثقافة الوفرة لكي ينشأ وهو يمتلك من المشاعر والتفكير الإيجابي الذي يساعده على النجاح.
جاء ذلك خلال ثلاثة مجالس حسينية أقيمت في محافظة القطيف قبل المجلس الحسيني للخطيب، والتي اختتمت ليلة 7 من محرم في الحسينية المهدية بصفوى، وقبلها ليلة 5 ضمن برنامج مجلس الإمام الجواد بالشويكة القطيف، ومجلس الرضا (ع) بسيهات، وحضرها الراشد جميعها وألقى فيها خطبة موحّدة بعنوان “تنمية مشاعر الأبناء” ضمن برامجها الثقافية.