شركات الاتصالات.. الحاضر الغائب

لا يتوقّع أن يتراجع حجم التذمر والشكوى لدى معظم المستفيدين أو العملاء المشتركين في خدمة أو أكثر لدى شركات الاتصالات، وهذا مدخل يضعنا أمام سؤال أكبر، وهو المعني بمفهوم حديث في نظريات التسويق، أي: مفهوم رضا المستفيد أو العميل، والسؤال المقصود: ما مدى توفر أبعاد هذا المفهوم في مجموع الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات الرئيسية في بلادنا؟.

لأنّ لرضا المستفيد تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا في اللعبة التسويقية ذات السمات التنافسية بالذات، ولا سيما حين الحديث عن مستوى جودة الخدمات وتنوع أنماطها وأسعارها التي يفترض أن ترشح عن إجمالي العناصر التي يستطيع الحسّ التسويقي أن يحلّق بها في فضاء تنافسي ممتدّ ومتّسع.

وعند الوقوف على مستوى الخدمات المتعلّقة بالاتصالات المحمولة تجد امتعاضًا بين المستفيدين، لعدة أسباب أهمها: ضعف مقومات الشبكة الاتصالية، في بعض المدن أو القرى، كما هو الحال على امتداد كثير من الطرق.

وتتنوع المشكلة أحيانًا، فتجد ضعفًا شديدًا في الدور الأرضي لمجموعة كبيرة من المنازل والمحلات التجارية في بعض الأحياء، على رغم بقاء هذه المعاناة على مدى سنين طويلة.

يضاف إلى هذا وذاك، أسعار خدمات الإنترنت التي ارتفعت منذ حوالي ثلاث سنوات، بنسبة زيادة تتراوح بين 20 في المائة إلى 25 في المائة عن الأسعار السابقة، وفي ربط بنفس هذا الغياب، يشكل احتكار شبكة الهاتف الثابت مشكلة واسعة في بعض المناطق التي تشكل مواقع تجارية وصناعية، ولكن لا تصلها منذ أكثر من عشرين سنة خدمات الهاتف الثابت، مما يتسبب في مشكلة حقيقية بمثل هذا الغياب.

إنّ مثل هذا التدنّي في مستوى هذه الخدمات الاتصالية يحتاج إلى زيادة في حجم المنافسة، بإدخال منافسين أكثر إمكانية في تهيئة البنى التحتية الفائقة والتي تتناسب مع معطيات الحياة المعاصرة.

وهذا الدور هو المسؤولية المناط عملها بهيئة الاتصالات وتقنية المعلومة، الجهة التي تقوم برصد ومتابعة وتطوير جميع خدمات الاتصالات للشركات التي تعمل في السعودية، ويبدو أن واقعًا في مثل هذه المساحة الواسعة من الشكوى، ليست وليدة اليوم ولا السنة، وإنما هي ملحوظة منذ سنوات.

وبعض الزملاء الكتَّاب في صحافتنا المحلية، أشاروا ووضعوا إصبعهم على مواقع الألم، وكلّ رسالتهم أن تتقدم هيئة الاتصالات بإحداث نقلة نوعية تتناسب مع المرحلة التاريخية التي يشاهد الجميع التحولات الوطنية التي تمر بها السعودية، بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإدارة وإشراف ولي عهدنا المحبوب الأمير محمد بن سلمان.

وهذا ممّا يقول به كثير من القراء الأعزاء، لأن الاتصالات أضحت تصنّف في مشهدنا الاجتماعي ضمن الضرورات، وتجاوزت مرحلة الكماليات، فالمدرسة الذكية والمدينة الذكية والتطبيق الذكي، وهكذا إلى أن نجد مفهوم الاتصالية اندمج في ثقافتنا وحياتنا وكوكبنا الأخضر وربما ما بعد ذلك.

إن المتغيرات التنموية بحاجة إلى رفع مستويات الجودة في الخدمات والمنتجات الاتصالية السعودية، ولنرى كيف شركة عالمية كبرى مثل سيسكو Sisco، تضع أولوية خاصة لرضا العميل كسياسة أساسية لها و«على قدر أهل العزم تأتي العزائم».

المصدر: صحيفة آراء سعودية


error: المحتوي محمي