هذي المسافةُ كفُّكَ الظمآنُ
والرّملُ فيها عاشقٌ حيرانُ
وندى المساءِ على جفونكَ نجمةٌ
تنسابُ في أنوارها الأزمانُ
والصبحُ يُزهرُ باسماً في ثغرها
وبعمرها يتراقص “الزَّمْكَانُ”
وعلى المدار الشمسُ تعشقُ تربةً
في دمعها تترقرقُ الأكوانُ
**
كونٌ هو “العباس” يحمل شاطئاً
وعلى يديهِ تجمَّعَ الإيمانُ
جسدٌ تُمَدِّدُهُ النجومُ على ضياءِ الريحِ..، نورٌ ساجدٌ… تحنانُ
وفراشةٌ ملأَ الهواءُ جناحَهَا
وعلى السواقي عمرُها يزدان
ودمٌ تقطَّعَ، كالعراق صلاتهُ
والماءُ قِبْلَتُهُ.. الندى عنوانُ
وعلى أكفِّ الغيمِ تَنْبُتُ قطرةٌ
عجلى تُبللُ ساحَهَا الأجفانُ
وقبابهُ العظمى منارة ثائرٍ
في عمقها تتمرّدُ الأحزانُ
سقطَ المساءُ بحلمِ كفِّكَ فالتقِطْني فارساً فيه المدى قرآنُ
وبه المسافة ألفُ نجمٍ ساطعٍ
والأرضُ غيمٌ والسما ألوانُ
وعلى يقين الحربِ يزهر سيفهُ
بخطاهُ، مرتعِبَاً به العصيانُ
ظمِئَتْ مياهكَ حين سال بَرِيْقُهَا
وعلى السيوف تمزَّقتْ خلجان
ظَمَأُ المياهِ على جبينكَ متعبٌ
والنارُ عطشى مسَّها النسيانُ
سقطَ المساءُ بحلمِ كفِّكَ فالتقِطْ
عُمْرَ السواقي، يُزهِرِ الوجدانُ
وسقطتُ فيكَ سحابةً عجلى الخطى
في بوحها تتمردُ الوديانُ
ورأيتُ حلمكَ في السماء أهلةً
وعلى حياضكَ يعبرُ الإنسانُ
كي لا يموتَ الظِّلُ خلف مدينةٍ
تعبى تنامُ بِرِيْقِهَا الأبدانُ
وكحلمِ نوركَ يشرق الصبحُ الذي
بجفونهِ الأعمارُ والأوطانُ
وعلى قبابكَ لم نزلْ نحمي العراقَ بِدَيْمَةٍ أمطارها نيرانُ
هذي الجراحُ بكل حرفٍ أخضرٍ
معشوشِبٍ، وبروحه البستانُ
والماءَ مزَّقهُ هوًى كنفاقهمْ..
وعلى يديهِ ترعرعتْ أوثانُ
**
تبكي القبابُ على جراحكَ مثلَنا
وكذا النجومُ، وتسمع الحيطان
الماءُ غرّدَ في الصباحِ نحوركمْ
والدمعُ تجري قبلهُ الآذانُ
والسمعُ يبصر إذْ تغوص أسنّةٌ
عطشى الخطى، في صوتها الأشجانُ
دمُكَ الزكيُّ فخامةُ العشقِ الذي
ينساب في ألوانه القرآنُ
والغيبُ يبسمُ في يمينكَ مثلما
تبنيكَ نجماً في الثرى الجدرانُ
**
“عباسُ” حُلمَ الغيبِ، كونَ مجرّةٍ
بالحبِّ فيها.. ينتشي السكَّانُ
جسدٌ يثيرُ الحبَّ في رئةِ الهوى
والعمر فيه تبسُّمٌ ولهانُ
تتجمّعُ الأقمارُ راقصةً السَّنَا
للحبِّ فيها سبحةٌ.. صُلبانُ
وغوايةُ العشَّاق يحمل مجدها “المختارُ”، شعبٌ باسمٌ…، ظمآنُ
**
نثرت دماؤكَ كلَّ شبرٍ من دمي..،
وشممتُ ثغركَ والهوى سلطانُ
في أي وادٍ دُلَّنِي يا سيِّدي…
فالأرض تعبى من رجالٍ هانوا
والعشبُ يسأم زهرةَ الوادي التي
هجرتْ ترابكَ، شَوكُهَا السَّعدانُ
جسدي نخيلٌ، جمرُ رملٍ، فاسقني
ظًمِأَ المكانُ؛ لِيُقْمِرُ المرجانُ
**
في أيِّ وادٍ يهمسُ العطرُ الممددُ في ثناياه المدى إيمانُ
الخُلدُ خُلدُكَ دُلَّنِي..، جسدٌ يضُمُّكَ، كالعراقِ، ظليمةٌ، عطشانُ
نجمٌ تلفّحَ بالمساءِ الزينبيِّ، مسافةً تمشي بها الأوطانُ
قمرٌ تزيَّنَ بالسَّوادِ، وكوكبٌ
قد دار بين ضلوعهِ الإنسانُ
وطنٌ أراكَ على ضفافِ النهرِ، مرسى من علاهُ تبسَّمتْ شطآنُ
وتعانقتْ مثلَ الكروم سحابةٌ
في مائها تَتَرَتَّلُ الألحانُ
وطنٌ، أراكَ بكل همسٍ مفجعٍ
ودمٌ نعاهُ الصبحُ والأجفانُ
“عباسُ” خذني حيث إصبعُ عاشقٍ
للحبِّ يبسمُ.. يَصْدُقُ العنوانُ
خذني لتلك الرّيحِ شوقَ مناضلٍ
مخضرَّةٍ بقبابهِ الأزمانُ