في عيد الفطر السعيد اشترينا خروفًا صغيرًا وحين رأيته رق قلبي له فقررت أن نربيه في حديقة المنزل عسى أن يكون حملًا وديعًا يأكل من حشائشها ويستظل بفيئها. فاشتريت له العلف والشعير حتى نال مطلوبه وحصل على مراده. واخترت له حبلًا طويلًا شددت به رجله إلى حجر ثقيلة وأرخيت له الحبل لينال من حشيش الحديقة ومائها ويتجول في فنائها. ومر عليه شهران فكبر وزان واشتدت قواه.
وذات يوم فلت الخروف من عقاله فدخل على الدجاج حظيرتهم وما هي إلا سويعات حتى كسر بيضهم وداس فراخهم وقلب مواعينهم. ثم خرج إلى الحديقة يقضم أشجارها ويكسر أغصانها.
كنت خارج المنزل فجاءتني مكالمة على الخط الساخن فعلمت أن في الأمر طوارئ فقفلت مسرعا إلى المنزل وما أن وصلت حتى سمعت صياح الدجاج قد علا. فنظرت وإذا بالخروف قد أفلت من رباطه والأشجار قد تكسرت أغصانها وبان خرابها.
فانطلقت كالصقر لأصطاد الخروف فهرب مني هروب الغزال مسرعا ومازلت معه في كر وفر حتى طلبت المعونة فجاء الأبناء مسرعين وبعد جهد جهيد أمسكت بتلابيبه وأخذته إلى السيارة ومنها إلى المسلخ ليلقى جزاءه مع أضاحي عيد الأضحى المبارك.
عدت إلى المنزل وأنا أحمل كيس اللحم بيد واحدة ونظرت إلى الدجاج وقد تنفس الصعداء والشجر قد اعتدل واستقبل السماء. فقلت يا سبحان الله ما أقل لحم هذا الخروف وأضعفه وما أكثر ضرره على الأشجار والدجاج.
تذكرت سيرة بعض المدراء في الشركات وهم يبدون كحمل وديع أمام رؤسائهم حتى يتمكنوا من مناصبهم. وما أن تحين لهم الفرصة حتى يفلتوا من زمام الأمانة والعدالة فيكسروا أغصان صغار الموظفين ويقضموا طموحهم. إن الأمل كل الأمل أن يعرف رؤساء الشركات حقيقتهم فيلجموا غرورهم وينقذوا صغار الموظفين من ظلمهم ويجعلوا من خروفنا عبرة لهم.